• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

آثام حمراء

نرجس العبادي / الثلاثاء 15 ايلول 2020 / تطوير / 2001
شارك الموضوع :

لِمَ يا أيها العلقمي؟ لِمَ غَرزتَ في أوجاعنا خَنجر الظمأ؟ تَلَعثَمْت.. ماذا أجيب؟

انبرى النهر الكهل يلملمُ ما تبقى من أذياله ليسير متثاقلاً هزيلاً كأفعى عجوز أعمتها السنون العجاف، يرتطمُ بجدارِ الندم كلما أرادَ الاستيقاظ من واقعِ الذنب ولكن هيهاتَ هيهات فالآثامُ  توسمُ على الضمائرِ لا الهياكل، انتحب بصمت كئيب ولكن ما الجدوى من دموع المياه، فَعار المُطهِّر لا يُطَهَّر.

ماذا لو كانَ حُكم الإعدامِ نَظرة....! نَظرةً واحدةً كانت كفيلةً لِنقلِ العلقمي من جُرم الحياد إلى جَلد الذاتِ بالذات؛ نَظرةُ العليلِ في لحظةٍ صامتة قد أودت بالنهرِ في مقابر الندامة، تلكَ اللحظة عندما أقبل بهيئةِ الفارسِ المغوار الذي شابهَ جدّهُ الأنزع البَطين وَحَملَ قَلبَ أبيهِ بين جوانحِ صَدره، أقبل في ثالثِ الفجيعة يقشعُ من حولهِ غُبارً مُزِجَ بِرماد خيامٍ آوت أرواحهم ولياليهم الحزينة، طوى الأراضي حَنيناً وجوى يلفُ لثاماً حولَ فاه لِتَبرزَ عينين انفجر في عمقهما دموعٌ دامية.

- رَمَقني بِنظرةٍ حمراء مِن على جوادهِ ذلكَ الذي التهم الكمدُ روحهُ الطاهرة وَلكن لم تفارقهُ هيبتهُ، هي ذاتها هيبةُ أبيه ذو القلبِ الأربطِ جأشاً من بينِ قلوبِ عاشوراء، كأنَّ السَقَمَ كانَ مولى لهُ يرمي بِنفسهِ بين يديه كلَّما امتعض من أعداءِ الله وَحاولَ القيام، فَمن لأرض الله من بعده.

أن تَكونَ رُكن المعروف الوحيد في زمن رُفعت فيه رايةُ المنكر، يعني أن تُغذي ندوب الروح الناحبة بِملح الصبر، أن تَكونَ الصارخَ الكتوم ليعلوَ صوتُ الحق المبين وَلِتبقى ديمومةُ الإله.

- خَطواتٌ متثاقلةٌ تَقتربُ منّي تختطفُ عذوبتي، كأنَ الزمنَ قد سُلِبت أنفاسهُ ليتركَ محكمةَ الضميرِ تَحكمُ بيننا، سألني بِصمتهِ:

 _ لِمَ يا أيها العلقمي؟ 

  لِمَ غَرزتَ في أوجاعنا خَنجر الظمأ؟

تَلَعثَمْت.. ماذا أجيب؟ وأنا أنظر في ملامحٍ كنتُ جزءاً من وجعها... ما من كلماتٍ  تترجم نَدم نهر، دنت مياهي تحت قدميه وتفوهت بإحساسها:

_ مولاي يا نبعَ الماء المعين، اعفُ عني لأنني كُنتُ نَهراً عَذِباً بِروحٍ داكنة، أهب معيني للأنفسِ الواهنة وأنا أنظر الحُسين قد جَفّت مآقيه.

مولاي يا صاحِبَ الثفنات الطاهرة، اعفُ عني لأنني عُميت بِقسوةٍ آدمية وخذلتُ رأفتكم.

 يا صاحِبَ الصبر المرير، اعفُ عني لأنني جَفيتُ عروقكم وهجرتُ شفاهكم المتقرحة عطشاً.

سيدي أيها الممتعضُ ألماً، اعفُ عني لأنني لم أتشبث بِقربةِ الساقي بعدَ أن أصابها سهمُ الغدر، لأنني لم أتوسد التراب تحتَ جسدِ الذبيح، اعفُ عني لأنني لم اطفئ خيامكم المستعرة بنيرانِ الوغى.

هَبّت رياحُ دماءٍ بيننا كأنها كانت تُخضب نفسها بدم الذبيح وتٍكمل سيرها بصمتٍ جارح فلا مجال لوجعِ الكونِ أمامَ وجع علي، أشاح بوجهه عنّي وراح يَجّرُ خُطىً أثقلها الهم ليواري حُجَة الأرض الذي خانه أهلها... كيف لا وهو الذي قالَ عَنهُ جَدّهُ المصطفى (صلَّى الله عليه وآلِه):

(إنَّ الحُسينَ في السَماءِ أكبرُ مِنهُ في الأرض وإنّهُ لَمكتوبٌ عَن يَمينِ عَرشِ الله، حُسينٌ مِصباحُ الهدى وَسَفينةُ النجاة) *

وأرى العليل فرسان الهيجاء في مثواهم الأخير، يقرئهم السلام مع كُلِّ حَفنةِ تُرابٍ تُغطّي وجوههم، فَما شَهِد الزمانُ أصحاباً خيراً من أصحاب الحسين (عليه السلام)، مقابرهم رُدِمت بدموعه الشجية.

بِضعُ خطواتٍ ابتعدَ بها عن قبر الوالد، انحنى وكأنه يَطلبُ من الأرضَ أمانةً له، التقطَ شيئاً بِحجمِ يده، بكى بكاءً شديداً حتى ارتعشت لبكائه جميعُ جوارحه، ومن ثُمَّ أعادَ الأمانةَ إلى مالكها.

- هي خطواته ذاتها يقترب بها نحوي شيئاً فَشيئاً، ارتعدت فرائصي باقترابه... كأني أفر منهُ إليه، فَهو بدايةُ السبيل وختامهُ، مَدَّ يديه نحوي كأن له أمانةً أخرى لَدّي، انحنى كانحناء الحسين (عليه السلام) عندما قصد حامي اللواء، فأدركت المبتغى ولكن لم أكن أدرك أنّني نهرٌ انفجر من كَفي العباس (عليه السلام) حتى حَملهما سيد الساجدين بين يديه.

تلاشت جروفي شيئاً فشيئاً، أحسست أنني اُبعث ولكن ليس ككل الراحلين إلى السماء، أنا اُبعث إلى الأرض.. سارت منابعي إلى سماء الخلد وأنا غرت في تراب النسيان ولكن تشبثت بالحياةِ كقطرةٍ أخيرة، خاطبتَ السماء بهلع خوفاً من الفناء:

إلهي إن كُنتَ جعلتني حياةً لخلقك فَمن لي إن غادرتني الحياة... وماهي إلا لحظة حتى وجدتُ نفسي في أدمعه.... في الأدمع الخالدة، أغسل عاري بفيض دموعه وأنا أسيلُ على الحسين (عليه السلام). اندثرت أطلالي من أرضِ كربلاء ورزقت الحياة في دموع الرثاء.. في عين سيد الألم والبكاء. 

الامام السجاد
قصة
الامام الحسين
عاشوراء
كربلاء
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    يقظة قلب

    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    آخر القراءات

    قراءة في كتاب: 17 قانون لا يقبل الجدل في العمل الجماعي

    النشر : السبت 01 حزيران 2019
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    ربيع البشرية

    النشر : الثلاثاء 12 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    حواء.. أنتِ القوة والحياة

    النشر : السبت 04 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    الخط التربوي للإمام الصادق

    النشر : السبت 21 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    عِلم الحُب لا يُكتب بدفتر!

    النشر : الثلاثاء 15 تشرين الاول 2019
    اخر قراءة : منذ 22 ثانية

    هل بخاخات الأنف من دون وصفة طبية فعالة؟

    النشر : السبت 20 تموز 2024
    اخر قراءة : منذ 24 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1014 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 464 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 368 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 359 مشاهدات

    القهوة لشيخوخة أفضل فقط للنساء

    • 349 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3450 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1071 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1014 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 993 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 991 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بوصلة النور
    • منذ 9 ساعة
    هذا هو الغدير الحقيقي
    • منذ 9 ساعة
    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟
    • منذ 9 ساعة
    يقظة قلب
    • الأثنين 16 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة