تتآكل روحك وتعيش ذلك الصمت الموحش الذي يسوقك احيانا الى كآبة مؤقتة وتتخللها ابتسامة مسيرها ينتهي الى تلك الكآبة مجددا، عقارب الساعة ذلك الخطر الذي يتشكل بسبب قيادته لكل ذرة متعلقة بالانسان، عمره، وهيبته، علمه، اسرته.. الى آخره.
لذلك فهو الخطر الذي يُعبر عنه ب(الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).
فالاتي يقطع عنك من الوقت:
الفراغ: القاطع الأول والاساسي الذي يغتال الفكر الانساني، ومن الضروي أن نبحث عن أمر ما لنقتل ذلك الفراغ الذي يتسبب كثيرا في استعادة الماضي ونبش أحزانه، وذكر مواقف الاخرين وازدياد الحقد أحيانا فضلا عن المشكلات الناتجة عن التعقيب وراء الاخرين والتصيد لمواقفهم دون الانشغال بالنظر الى مساوئ نفسه، وهذا يخلق العداء بين الاشخاص لذلك ورد عن أمير الامؤمنين عليه السلام: (إن يكن الشغل مجهدة، فاتصال الفراغ مفسدة) (1)، مفسدة لما يخلق من جو عدائي أو كآبة أو سخط وما يتبع ذلك من بواعث نفسية تؤذي الشخص وتقلب موازين روحه فاحيانا تراه يتذمر وهو لا يعلم سبب تذمره وبعد ان تجتازه تلك الحالة أما يعلم سببها او تبقى مجهولة بالنسبة اليه، وعندما نعود في اغلب الاحيان الى تلك المشكلات نجد جذرها الفراغ، فتلك الدقائق القيمة من الخسارة ان تضيع بذكرى أخذت منك وقتا أو مسألة غير ضرورية وغيرها من الامور التي تسرق وقت الانسان.
اللغو: هو كثرة الحديث في الامور الغير مهمة والتي لاينبغي الحديث فيها، كالحديث عن الناس وذكر مثالبهم والتنقيص منهم في أمر أو موقف أو غيرها من المواضيع التي تدخل ضمن هذا الصنف، ومنه الثرثرة وفضول الكلام ومنه ظاهرة فاكهة المجالس، ومن البديهي ان لهذا تعبات نفسية على الانسان وعلى غيره ممن يمسهم هذا الحديث ويأخذ حيزا في تفكيرهم ويخلق العداوة أحيانا وتشمل بعض الاشخاص بمذمة، فيسري كالسم في بدن الافراد ويغير نظرتهم حول شخص ما من الجيدة الى السيئة، لذلك ورد في الحديث الشريف: (وهل يُكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصاد ألسنتهم)(2).
التسويف: من أخطر الآفات على الانسان آفة التسويف، ذلك أن التسويف يعمل على حرق ساعات العمر بدون اي جدوى، ويجعل المرء يعيش في سراب خادع.
والتسويف كلمة مأخوذة (سوف) وما أكثر الذين يبرمجون حياتهم وفق هذا النظام، فكثيرا ما نسمعهم يقولون: سوف نقوم بذلك.. ولننتظر ولنرى وغدا وبعدها، الواقع إن من يعيش حالة التسويف سيظل جامدا في مكانه ولا يتقدم أبدا. لذا يحذر النبي (صلى الله عليه وآله) أبا ذر من التسويف ويقوله: (يا أبا ذر إياك والتسويف بأملك، فأنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غده لك، تكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غده لك، لم تندم على مافرطت في اليوم)(3).
وهذه اشارة واضحة الى أهمية عدم التسويف كونه يسرق العديد من اللحظات التي يمكن أن تنجز بها أمرا مهما، ويجرك نحو حسرات تضييع تلك الفرص التي تحمل في طياتها فكرة ممكن ان تكون ذات انجاز جيد أو عملا كان من الممكن.
فآفات الوقت كثيرة تلتهم الشخص كما تأكل النار الشجر لأن تلك الافكار كشجر مثمر يأكلها التسويف فأرتدي سلاح أفكارك وقاتل الوقت.
اضافةتعليق
التعليقات