لاشك أن الأمة العربية تحتاج في هذه الفترة التاريخية من حياتها إلى التماسك لا على مستوى الحكومات فقط ولكن على المستوى الأهلي والمدني أيضا، إن هناك محاولات جادة من هذا القبيل تهدف إلى الجمع بين الآراء والاتجاهات والتشكيلات المختلفة تحت عنوان كبير وهو التضامن الاجتماعي في أزمة كورونا.
وتثير هذه المجهودات إلى مناقشات في دوائر كثيرة وينشط بالتنظير لها المثقفون ورواد المواقع التواصل إلى خلق تضامن بين الشعوب العربية التي تفتقد الامكانيات لمعالجة هذا الوباء ودعمها من خلال التضامن معها، جمعتهم الانسانية وجعلت أوجاعهم وأصواتهم موحدة في عالم التفرقة والسيادة والحكم لكنها ارادة السماء تفوقت وجعلت الوجع والوباء يعم الأرض من دون فروقات أو عنصرية فتجد الوباء أصاب بلاد الغرب كما أصاب بلاد الشرق، الحاكم والمحكوم ينتظرون الجرعة الدوائية.
لو تكاتفت هذه البلدان منذ البداية واعلنت وحدتها ومواجهة الفيروسات الفكرية والعنصرية من قبل لما تعرضت الشعوب العربية والدول النائية لهذه للحروب الدامية والتي راح ضحيتها الملايين وتشرد الآخرون بينما هناك من فقد أعضائه وداره من أثر الحرب، ومازال هناك من يقاتل.
يقول تقرير جديد صادر عن منظمة العمل الدولية أن أكثر من 70 في المائة من سكان العالم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية الكافية.
ليس من السهل أن تجد هذه الدول العظمى التي طالما ارهبت العالم بقوتها وقادتها تنتظر جرعة دوائية تنقذ أفراد شعبها بينما كانت هناك شعوب أخرى تموت قهرا، وبين هذه الأزمات النفسية والاجتماعية يعيش الانسان حالة من القلق والخوف، إما أن يقتل في حرب أو فيروس، كلاهما موت بطعم مختلف، لكنها تبقى أكثر رحمة من الفقر، إحصائيات هذا العام كانت مخيفة نوعا ما لقولها أن العالم يعيش حالة من فقدان السيولة وايقاف الأعمال في الأسواق العالمية والتجارية وتراكم الديوان على بعض الدول جعلها تقف عاجزة عن التسديد وتقترض من الدول الأخرى، هل هناك ضمان في الدول ضد الكوارث والحوادث؟
قد تتعرض أجزاء من الدولة إلى كوارث طبيعية أو قد يصاب بعض الأفراد بحوادث تؤدي إلى الموت أو الاصابات والضرر المادي الكبير، فالعالم اليوم لا يضمن حق الفرد في الحوادث البشرية، وبهذا الحجم من ضحايا الفيروسات هناك دول اعتبرت الموتى شهداء وصرفت لهم أجوراً شهري لعائلتهم خاصة ذوي المهنة الخطيرة مثل الأطباء والممرضين.
والعراق ايضا كان من ضمن هؤلاء الدول التي ضمنت حق الموظفين في الصحة العامة حيث أقدم على توزيع قطع أراضي وزيادة في الرواتب لمن يعمل في هذا المجال تكريما واعترافا بجهودهم، واطلاق منحة الطوارئ التي اعلنت عنها الحكومة العراقية.
وأيضا هناك دول أخرى توقفت عن استلام ايجارات الأسواق والبيوت السكنية خلال هذه الأزمة لمساعدة العوائل والتكافل الاجتماعي فيما بينهم، وحتى المنظمات المجتمع المدني كان لها دور خاص في ايصال المساعدات للعوائل المحتاجة.
هذه كانت اتحاد الشعوب فيما بينهم ليقفون كأسنان المشط لا فرق بين مالك ومملوك، كلاهما في ضامن اجتماعي دولي.
دولة الامام علي (عليه السلام ) وقانون الضمان الاجتماعي
الضمان ضد الكوارث والحوادث
"دعا إليه الامام كبلسم لتخفيف الآلام واغاثة المعوزين إذ يقول(عليه السلام ): "بإغاثة الملهوف يكون لك من عذاب الله حصن"، "وان من كفارات الذنوب العظام اغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب".
ويلقي الامام على الدولة واجب اغاثة المتضررين إذ يقول (عليه السلام): "زكاة السلطان اغاثة الملهوف" ويشير (ع) إلى أهمية التكافل الاجتماعي بين المجتمع والفرد والحاكم والمجتمع.
ويأمر الامام ولاته في التخفيف من الأعباء المالية والمادية المستحقة في ذمة المواطنين لصالح الدولة في حالة الازمات والكوارث إذ يقول (ع):
ــ "فان شكوا ثقلا أو علة او انقطاع شرب أو بالة أو احالة أرض اغتمرها غرق أو اجحف بها عطش خففت عنهم.
ــ ما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلن عليك شيء خففت به المؤونة عنهم.
ــ فانه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك مع استجلابك حسن ثنائهم، وبتبجحك باستفاضة العدل فيهم معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من اجمامك لهم والثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم من رفقتك بهم.
ــ فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به".
ويعلق محمد مهدي شمس الدين على هذا النص بأن من لا يستطيع دفع ما فرض عليه من المال لأي سبب خارج عن ارادته يجب أن يسمع كلامه فيعفى عنه دفع ذلك المال بمقدار ما يصلحه مما يعود بفوائد عظيمة تزيد من ازدهار الدولة ورفاهيتها".
اضافةتعليق
التعليقات