كنت أبحث في مواقع التسوق الالكتروني عن احتياجاتي الخاصة من الملابس وبعض الأشياء بينما لفت انتباهي رابط مكتوب عليه الأكثر مبيعا هذا الموسم، وفجأة وجدت نفسي اضغط على الرابط دون أن أشعر بنفسي واقلب الصفحات واتفرج على الملابس المعروضة على الموقع واحاول الاختيار بين القطعة الأكثر مبيعا والتي كانت (ترند) الموسم!.
ربما فعلت ذلك استنادا على مثلنا الشعبي (كل ما تحب والبس ما يحبه الناس) ولكن الحقيقية هو أن هذا المثل نابع من العقل الجمعي الذي كان المسيطر الأول على تصرفي ذاك، فمجرد التفكير أن هنالك أشخاصا كثيرون أعجبوا بهذه الحاجة سيؤخذني الأمر إلى القاء نظرة أو ابتياع الحاجة تلك..
وهذا هو حال الكثير من التصرفات الصادرة، فهل أفكارنا الشخصية اليوم هي المؤثر الوحيد على سلوكنا، أم أن هنالك مؤثر خارجي اخر يسيطر على انفعالاتنا بعيدا عن مستوى الوعي والادراك الذي يملكه الفرد؟
بعيدا عن ابتياع قطعة الملابس التي لن تكلف إلا القليل من المال هنالك تأثيرات عميقة تدخل في العقل اللاواعي والتي تكون غير مباشرة، ولا تدرك بسهولة، ولا يشعر الفرد بالتغيير المفاجئ بها إنما تؤثر في نفس الانسان بطريقة ناعمة وبطيئة، تنتج عنها اختلافات تظهر جزيئياتها على المبادئ والقناعات، لتكون على أثرها مكتسبة وتنخرط في شخصيته الحقيقية من حيث لا يعلم.
وإذا كانت الملابس التي سنشتريها لن تكلفنا الكثير من المال، فإن الأفكار المكتسبة والمؤثرة على اللبنة السليمة ستكلف الانسان الكثير والكثير.
فالدرع الحاصن اليوم وفق الأزمات الحاصلة والأحداث المليئة بالفتن والمغبرة بالباطل هو زيادة الوعي والاستناد بالبصيرة التي ستكون الطريقة الوحيدة لتمييز الباطل عن الحق في زمن كثرت فيه الشبهات وضاع الحق بالباطل.
فالعقل الذي يميز الحركات الشيطانية التي تقوم بها الفئات المخربة، وتعرف نوايا العدو وما يؤول اليها من الخطط ليلبس الباطل رداء الحق ويظهره في الساحة ويدعمه من خلال شخصيات مؤثرة في الساحة تلعب على وتر الأحاسيس والمشاعر وتتحكم بعاطفة المجتمع ستتمكن حتما من عقل الأمة وتجعله ألعوبة بيده!.
فالجهات المضللة تستخدم أساليب ذكية جدا في تصوير الأخبار الكاذبة بطريقة حرفية جدا بحيث تشغل الرأي العام وتثير الجدل وتستغل العقول لصالحها، ليكون بذلك التفاعل مع الأخبار الكاذبة أكثر من الأخبار الصادقة لأنها صممت من أجل ذلك، ونشرت بطريقة أوسع وأثارت العقل الجماهيري.
فالأمور المهمة التي تقي الانسان العاقل من السير مع قافلة العقل الجمعي والذي غالبا ما تكون متجهة الى الضلال والهاوية هو البحث عن المصدر والتأكد من صحة الخبر من خلال التدقيق في الفئة الناشرة، ودراسة التعليقات والتوجهات حول الامر، والتأكد من مصدر الصورة او تاريخ النشر، فغالبا ما تكون الصور حقيقية ولكن التاريخ خاطئ!
كما أن التوجه إلى البوصلة والخبراء هو أمر مهم جدا في حال تشابكت الآراء واختلط الحق بالباطل وضاعت الحقيقية، إذ يوصي الامام الحجة (عليه السلام) الناس بالعودة إلى رواة الحديث في الأحداث الواقعة أذ ان هنالك الكثير من الازمات بدأت تأخذ العقول بموجة مشوبة بالباطل، فالأمر الذي يحتار به المرء وتختلط عليه الاوراق من الممكن ان يحزمه رجال الله أصحاب العلم والدين والبصيرة..
اضافةتعليق
التعليقات