تكالبت علينا الهموم والأحزان، لم نعد سُعداء، همومنا كثرت!، مهلاً ألم نسأل أنفسنا يوماً ما الذي حدث فجأة؟.
لماذا لم نعد مثل قبل، نعيش براحة وطمأنينة وسلام؟ لماذا لم تعد النفوس كما كانت من قبل؟!
في الحقيقة إن الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة هي.. أنفسنا! نعم، النفس الأمارة بالسوء باتباعنا لها والتعظيم لها وهي واقعاً التي تحثنا إلى عمل السوء بعصيان بارئها، فكان العقاب هو عدم السلام الداخلي الذي يصحبه الكآبة والملل والضجر واليأس والشك..
إن من الأسباب التي تُهلك الانسان داخلياً وتصيبه بجنون الحزن، هي:
1_ عدم الرضا والقناعة بما قسمه الله لنا من أمور المعيشة في حياتنا الدنيوية. ففي الحديث قال الإمام علي (عليه السلام): أعون شئ على صلاح النفس القناعة. غرر الحكم : 3191.
وعنهُ (عليه السلام): لا كنز أغنى من القناعة.
2_كثرة الذنوب والتهاون بها والجهر بها يورث غضب الله وقسوة القلب التي يصحبها اليأس وذلك يعد من أخطر الأشياء على سلامة النفس عند الإنسان فإن جريان الذنوب في روح الإنسان مثل السم القاتل يقتل الرحمة في القلب ويُسارع في النقم وعذاب الرب ويكون الحاجز المانع للوصول إلى الله جل وعلا.
ففي الحديث عن الأمير عليه السلام قال: "مجاهرة الله بالمعاصي تعجل النقم".
وكما ورد في الأخبار عن المعصومين عليهم السلام: "ما قست القلوب إلّا لكثرة الذنوب".
3_ وأيضاً من موجبات الحزن والهموم، (حبُ الدنيا) وانشغال الإنسان بزينتها ونسيان الآخرة، قال الله تبارك وتعالى في حديث قدسي: "يا أحمد لو صلّى العبد صلاة أهل السماء والأرض ويصوم صيام أهل السماء والأرض ويطوي عن الطعام مثل الملائكة ولبس لباس العابدين ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرّة أو سمعتها أو رئاستها أو صيتها أو زينتها لا يجاورني في داري ولأَنزعنّ من قلبه محبتي ولأُظلمنّ قلبه حتّى ينساني ولا أذيقه حلاوة محبتي".
4_عدم التقرب من الله تعالى عند حلول البلاء والكرب بل يتخذون مزامير الشيطان لتهدئة أنفسهم!، ويفضلون البعد عن الله وهُنالكَ من يتركون الصلاة!، وهم لايعلمون أن في ذلك هلاكهم، فإن أحاطك الحزن والهمّ يوماً تقرب من الله تعالى بالعبادات والتحدثِ معه بدل البعد عنه فلا يستطيع كشف الضر عنك أحد سواه، ولا تكفر عند عدم استجابة الدعاء بل تحلى بالصبر والهدوءِ والسكينة، وفوض أمرك لمن هو أعلمُ منك فإن في ذلك راحةُ للنفس.
واعلم كل ذلك لا يكون إلا من خلال عملية تربوية دقيقة لتهذيب النفس الأمارة بالسوء وتقوية الفؤاد والتقرب من الله بما يرضيه وتجنب ما يغضبه لتصبح بعد ذلك النفس سالمة هانئة في معيشتها من جميع الآفات في دار الدنيا، ففي الختام من سورة البقرة: "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)".
فسارعوا في قتل أنفسكم وهنا يقصد (النفس الأمارة) وتوبوا إلى الله تعالى ولا تكونوا من الذين خسِروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
أسأل الله لنا ولكم حسن العاقبة والسلامة في الدين بحق محمد وآل محمد.
اضافةتعليق
التعليقات