لم يتوانى الحاج عبد الحميد من اقتناء آنية مزخرفة كان ثمنها باهضاً، الأمر الذي أثار فضولنا ونحن نتجول في السوق، لنستطرقه في الحديث والسؤال عن السبب!.
كانت إجابته تنم عن حب جم لتلك القطع الأثرية النادرة والتي يبدو أنه يجمعها منذ سنين خلت.
وهذا يدل على أن لنوادر التحف أثراً ما زال عالقاً في نفوس محبيها، فغالبا ما تستوقفهم الأشياء القديمة والتراثية ويزداد إعجابهم بها كلما ازداد قدمها وتقدم عمرها، وهذا ما حصل مع الحاج عبد الحميد.
(بشرى حياة) أجرت هذه الجولة الاستطلاعية في أسواق الانتيكات وعشاقها:
متبضعيــن
أحمد مجيد أحد المتبضعين من محافظة الناصرية حدثنا قائلا: كثيرا ما تجذبني هذه التحف الصغيرة التي تبهرني وكلما أتيت لأداء الزيارة في محافظة كربلاء يستوقفني بريقها وجمالها إلا إني لا أكترث إن كانت قديمة أو حديثة الصنع لأنها تروق لي، ودائما أشتري مجموعة من القطع حينما أعود إلى مدينتي أحيانا أقدمها كهدية لبعض الأصدقاء لأنها من كربلاء فنحن نأتي للزيارة بين الشهور.
من جانبه حدثنا أبو عادل الذي كان يتفحص بدقة تفاصيل بعض الأباريق والأواني الفضية قائلا: أحضر إلى هنا لأرى ما هو جديد من الانتيكات والتحف الفريدة وحبي لهذه الأشياء ليس جديدا بل من زمن طويل وعندما أعود إلى مدينتي ولم أشترِ شيئا يكون مزاجي متعكرا ذلك اليوم.
واسترسل قائلا: يؤسفني أن القليل جدا من المتذوقين العراقيين يزورون هذه الأسواق فأغلب المتبضعين هم السواح الأجانب والعرب ولربما يعود هذا للوضع الاقتصادي.
وعن حاجته لهذه الأشياء وأسعارها قال: أنا لا أستخدمها بل أحتفظ بها في غرفة الضيوف كزينة على الرفوف، أما أسعارها تتراوح حسب نوع الفضة ونقوشها فبعض الإبريق يصل سعرها إلى عشرين ألف دينار أما الأواني ستة عشر الف دينار.
فيما قالت أم شهد/ إحدى المتبضعات: أحب اقتناء بعض الفضيات من التحف والكريستال، بعضها قديم والبعض حديث الصنع، أرى إن شراء التحفيات قليل وهذا لأن هناك فئات قليلة من الناس تهتم بهذا الجانب، أما أنا فأقتنيها للزينة لأني أحبها ولست من هواة جمع التحف.
السوق يستعيد حيويته
وانتقلنا في جولتنا إلى اصحاب المحال وكان لقائنا الأول مع الحاج مجيد مهدي/ صاحب محل لبيع الأنتيكات القديمة والتحف الحديثة، سألناه أولا عن معنى كلمة أنتيكة فأوضح قائلا: الأنتيكة هي كلمة أجنبية وتعني الأشياء القديمة والتراثية وهي كلمة متداولة عالميا، وهناك أنواع مشهورة من الانتيكات العالمية التي لها محبيها كالفضيات الأوربية والعثمانية والعراقية ونحن نميزها من تصميمها والختم الذي عليها.
وأضاف: أنا اعمل بهذا المجال منذ أكثر من سبعة عشر سنة وأرى إن السوق اليوم استعاد حيويته بعد سبات كاد أن يكون هو الآخر أنتيكة.
حيث كان الوضع سابقا بالنسبة لهذه المهنة جيدة، فكان البيع والشراء مستمر بشكل ممتاز لكثرة وجود السياح الأجانب والعرب، إلا أن الظروف الأمنية المعروفة وانعدام السياحة وهجرة أكثر العوائل العراقية المتذوقة إلى الخارج جعل من حركة البيع والشراء طفيفة في وقتنا الحالي.
وأشار إلى: إن اغلب التحف التي لدينا هي مقلدة كتصميم قديم وليست انتيكة، إذ نتعامل مع الكثير من الموردين لاستيرادها.
من جانب آخر حدثنا مرتضى خزعل صاحب محل للسبح والسيوف قائلا: منذ طفولتي وأنا أحب جمع الأشياء القديمة ولربما هذه الصفات ورثتها عن أبي فهو الآخر كان يحب اقتناء الأشياء القديمة فسعى لفتح هذا المحل.
وأكمل مضيفاً: بعد وفاة أبي عملت مكانه، كما إن اغلب التحف الموجودة لا أستطيع تسميتها أنتيكة لأنها قديمة فقط في التصميم والنقوش إلا إن تصنيعها حديث أي هو مقلد ونحن نستورده من الصين والهند، ولأني أحب شراء السيوف يوجد لدي بعض القطع من السيوف القديمة حيث تصل قيمة السيف مئة وخمسين ألف دينار والكثير من المتذوقين يوصونا بهكذا قطع نادرة تكون من الفضة الخالصة، ويكثر عليها الطلب في مراسيم عاشوراء من أجل حملها في مواكب التشابيه.
الحرفيون يغادرون مهنهم
وفي نهاية جولتنا التقينا بالحاج أبو ابراهيم/ صاحب محل لبيع التحف القديمة حدثنا قائلا: يوجد في كربلاء العديد من الأسواق لمزاولة هذه المهنة يقصدها السياح القادمون وهناك حركة وعمل على مدار اليوم بساعات متفاوتة.
كانت هذه الأسواق تأوي المئات من الحرفيين وغيرهم من العاملين في ورش تصنيع خاصة بها إلا أن أغلبهم غادروا مهنهم لاكتساح السوق بالمستورد، وذلك لما يمر به البلد من أزمات متتالية، فأغلب زبائننا الآن هم السواح وقليل جدا يكون من أبناء البلد الذين يأتون لشراء بعض التحفيات وأيضا لا تكون أنتيكة بل حديثة الطراز وحتى التصنيع.
وتابع بقوله: من الصعب اندثار هذه المهنة فهي تتزاول منذ الأزل، ولكل وقت لها تجارها، وأيضا زبائنها.
وبينّ لنا: إنه ليس هناك نوع محدد لشرائهم البضاعة بل حسب رغبة الزبون والسعر المناسب.
وعما إن كانت هناك مزادات بهذا الجانب قال: المعارض والمزادات موجودة في الكثير من الدول المهتمة بنوادر التحف والانتيكات، أما بالنسبة لي فلم أحضر أي مزاد من هذا النوع، ولم أشارك ايضاً.
اضافةتعليق
التعليقات