مجتمعنا العربي بحاجة ماسّة وضروريّة إلى الاستمرار في مزاولة فنّ الكتابة الأدبيّة ودمجها مع فنون الخطوط العربيّة للنّهوض بواقع مجتمعيّ جميل متميّز ألا وهو العربيّة بمنطوق حرفها السّليم وهي تفيض بمشاعرها الّتي تؤثّر في نفوس المجتمعات الأخرى؛ للنّهوض بمجتمع إسلامي عربيّ متمسّكا بلغة الضّاد القرآنية على خطى الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم.
ومن هنا علينا أن نتمعّن بمفردات الرّسالة الحقّة للرّسول محمّد صلّى الله عليه وآله لما كان يمتلكه من رجاحة عقل ومخيّلة واسعة بالنّطق السّليم وكلّ هذا من فيض الله عليه الذي أعطاه من نعمة الفلسفة الّتي ما زالت مؤثّرة في نفوس المسلمين ليومنا هذا..
ولا ضير أن نبحث عن التّكامل في المسبّبات والوسائل والأدوات السّليمة الّتي نعبّر بها عن الحقّ والحقيقة بكلّ مسمّياتها للوصول إلى حالة من الإقناع الّتي يراد بها زرع مايراد زرعه في المتلقّي، ولعلّ أهمّ تلك الوسائل هو القلم، والّذي لعظمته جعل الله سورة باسمه تحمل في طيّاته كلّ ما يتضمّنه هذا الشّيء من مقوّمات.
ولعلّنا اليوم سنسلّط الضّوء على القلم ليس بمفهومه العام بل بذلك المفهوم الخاص الذي سيوضّح مزاياه وهو يلبس تلك الجوهرة، جوهرة الخطّ لتتزخرف حروف المولى بجمال ما صنعت.
وأمّا شاهدنا في هذا الحديث هو ابن عمّ النبي، الإمام عليّ بن أبي طالب الّذي سيتحفنا بحديثه المبارك حيث قال: "عليـــكم بحسن الخطّ فإنّه من مفاتيح الرّزق".
وقال أيضاً: "أكــرموا أولادكم بالكتابة فإنّ الكتابة من أهمّ الأمور وأعظم السّرور" وأيضاً: "الخــطّ الحسـن يزيد الحقّ وضوحاً".
ومن هذا المنطلق بشواهده المباركة ستكون معنا إحدى مبدعات هذا الفن، الكاتبة جوري: طالبة في كليّة الصّيدلة، لتتحفنا بما ستعبّر عنه لموقع (بشرى حياة) قائلة:
الكتابة جعلتني أتمكّن من رسم عالمي الخاص الّذي يتمتّع بالإيجابية حيث أني أرى طاقتي تزداد يوماً بعد يوم وبالأخصّ عندما أبدأ بكتابة الحرف العربيّ محاولة أن أضعه بأجمل صورة لكي أزرع بستاني الخاص بالحروف المليئة بالزّهور العبقة وأنا أراها تنمو أمامي مثمرة بعطاء المعرفة والرّوح السّعيدة الّتي قد تكون مؤثّرة في ذاتي والآخرين فيستنشقوا من عبيرها ما يحلو لهم من المعرفة والحكمة..
أي أنّها تحبّ أن تكون فرشاةً ترقص على لوحة لترسم، وتمسك بها الأنامل لتكتب بقصبتها لحن أغنية تُغنّى بأعذب الكلمات الّتي تعطي طابع السّعادة لكلّ من اختلط واجتمع في معانقة زهورها، أيّ أنّها زرعت لها عالمها الخاص من عبير ما ينطق لسانها من حكمة وموعظة تكتب وتعلّق على جدار شجرة تنمو كلّما سقيت بالحروف الخلاّبة..
الذّراع الأخرى الّتي عانقت زخرفة كتابة جوري، وهي الخطّاطة صابرين توفيق، البطاقة الشخصيّة، مواليد١٩٩٩/٥/ ٢١ سكن محافظة كربلاء الدّراسة صيدلة.
تقول لموقع (بشرى حياة) :
بدأت بتعلّم الخطّ العربيّ في عامي الثّاني من المرحلة الجامعيّة، وهذا بعد أن أيقنت أن خطيّ العربيّ جميل فأحببت تطوير هذهِ الهبة الإلهية، وفعلًا وضعت لنفسها نقطة بداية لتنطلق منها بعدما شاء القدر لكي تتعرّف عن طريق الصّدفة على خطّاط محترف، تعجّب من بداياتها وطلب منها أن تكون تلميذته وأن يكون معلّمها في نشر العلم الّذي أوصى بهِ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وسار على نهجه حبيبه الإمام علي عليه السلام.
حيث خلال عام واحد أو أقل من ذلك تمكّنت صابرين من إتقان الخطّ الدّيواني وأصبحت قادرة على عمل لوحات جميلة تلفت النّاظر بجمالها وإتقانها..
حيث أن الخطّ العربيّ يعتبر مكمّل لباقي الفنون وعلى سائرها الكتابة الأدبيّة الّتي عانقت فيها صابرين أنغام ما تكتبه جوري من حكمة إيجابيّة وموعظة مفيدة.
ثم تضيف صابرين لموقع بشرى حياة:
لا يمكن أن نتوقّف عند حدّ معيّن ويجب علينا أن نتميّز بأسلوبنا الخاص من صنع أفكارنا وبالإعتماد على قواعد أسلافنا من صنّاع هذا الفنّ فلا عيب من ذلك..
ثم تردف جوري بأناملها قائلة:
حاول أن تضع في جيبك نجوم صغيرة وانثرها في سمائك كلّما انطفأت..
كأن تكون هذه النّجوم كلمات أو ذكرى جميلة أو حدث لطيف تُحبّه..
وخيّم على التلّ الصّغير وانتظر يوم نزول الشّهب..
وعلّق أمانيك بإحداهن عسى ولعلّ أن تسحبك إلى يوم تحقيقها..
اضافةتعليق
التعليقات