دعوة لكل مهموم حزين؛ انتبه لنفسك فقد انقضى من عمرك عام بأكمله ولازلت على نفس الحال المؤلم!.
انتهى عام وبدأ عام جديد يتأمل الجميع فيه خيرا، وينتظرون أن يحمل لهم بين طيات شهوره سعادة ولو كانت بسيطة؛ بنيل مراد أو تحقيق نجاح أو حلم ما، ومن المحزن أنك لا زلت تجر أذيال خيبة الأمس وتخيط منها نفس الثوب الذي سترتديه اليوم بلا أدنى تغيير!.
ألم تزعجك الرتابة المفرطة بحق أيام عمرك التي تمضي بأسى؟
وان الحياة التي نحياها اليوم اقصر مما تظن، فهل من ضامن لك استيقاظك غدًا؟!
ستجيب بالتأكيد: كلا، ولكن لديك أمل بأنك-لابد ان تحيا لبضع سنين من الزمن- فكيف بك أن تستسلم للأمر الواقع الآن وتتهاون في حل مشاكلك وتذليل العقبات التي تستنزف قواك وتقطع عليك المسير والتقدم نحو مستقبل ترجوه مُرضٍ وتحلم بعيشه؛ تجالس التمني وتخدع نفسك بالتسويف بلعل بعد كم عام سينقلب الحال!؟
انتبه فعقارب الساعة لن تتوقف لأجلك والشمس ستأفل ولن تنتظرك، وعجلة الحياة تدور اليوم مسرعة فإن لم تجاريها ستدهسك لتبقى حطام مركون لايُكترث لأمره كثيرًا من الأحيان!.
لذا ينبغي عليك أن تستجمع قواك وتتحلى بالشجاعة والعزم لتفرض واقعك الذي يناسبك بما يرضي الله ويرضيك، وان أول خطوة عليك تعلمها وتنفيذها تتمثل في نقل الصراع من ساحة الغضب واليأس إلى ساحة الهدوء والأمل؛ هو الحل الأمثل لتصفية الهموم وإبعاد التعب عن العقل والقلب، فلا شيء يستحق أن تحيا أيامك المعدودات في دوامة الانفعال الجم الذي يثير القلق ويولد الارهاق وبالتالي يبعثك على الحزن والاكتئاب فتفضل العزلة والانقطاع عمن حولك وما حولك غير مدرك بأنك تنقطع عن الحياة وتضيع مالك فيها من أيام وساعات!.
بينما حقيقة الامر هو أنه ليس هناك من مأزق إلا وله مخرج، وليس هناك من مشكلة إلا ولها حل؛ وذاك الالتباس الحاصل في معركتك التي لم تنتهي بعد هو من عملك انت، حيث انك زلِق الطبع متعجل لا تعطي المشكلة مساحتها بالضبط وإنما تعظمها وتغذيها لتكبر وتكبر معها الأزمة ولأنك تتهرب غالبًا وتدع ساحتها مفتوحة دون إغلاق؛ هذا مايبقيها واقفة تترتب عليها عواقب وعقاب! بيد انك تستطيع احتوائها بتريث لتتفهم الدوافع والأسباب ومن ثم تتلافاها بكل حكمة..
عليك انصاف نفسك فالبشر لا يعدلون إلا ما رحم ربي، لذا ينبغي عليك إعادة تأهيل ذاتك من جديد وحاول ترتيب الأحداث السيئة التي حصلت لك خلال العام الماضي ودراستها بجدية تامة لمعرفة المسببات واكتشاف الثغرات، فإن الشهور التي مرت بمرها لا بد وإن أحدثت شيء فيك! راجع ماحدث في وقتها وركز جيدًا، غيّر أفكارك واجعل صلابتك تزداد أكثر من ذي قبل بصورة إيجابية وبنتيجة تُذكر، وتعلم أن لا تثق بغير ربك ونفسك بالدرجة الأولى في زمان يعج بالزيف والخداع! وإن لنفسك عليك حق حري بك عنايتها قبل كل شيء..
وبعد أن تنتهي من إنجاز هذه المهمة؛ اخرج من ذاك العام بكل قوة واترك البؤس خلفك ورحب بما بعده بابتسامة وتحدي، ولتفتح صفحة جديدة خالية من الاحباط والهزيمة المفتعلة ولتدرك -ان لكل قلب ميول عدة؛ لكن ميوله الحقيقية ستكون لذاته- ففي نهاية المطاف وبعد كل ما تمر به وعندما يأخذ منك الارهاق مأخذه وينتهي منك الجميع، ستلجأ لنفسك لا محالة و(تطبطب) على قلبك بحزن، ولن تجد الراحة إلا بمناجاة ربك وبث الشكوى ومن الجيد أن تفعل ذلك ولكن ماذا بعد؟! لابد لك من تخطي هذه المرحلة وفعل شيء ما!.
يقول دوستويفسكي؛ الانسان الذي لا يملك أَن يكون حيًا مع الأحياء ولا ميتًا مع الأموات؛ ليس شقيًا فحسب ولا طريدًا فحسب بل مغلولُ اللعنة!.
قرر أن لا تضعف مجددًا، تخلص من كل ما يعيق تقدمك ويسلب سعادتك، ولا تظلم نفسك بل انتفض لها وعليها! لأنك انسان، لأنك جيد، لأنك مهم، لأنك تستطيع، ولأنك بقيت وأصبحت في بداية عام جديد؛ إرفق بنفسك واطلب رضا الرب، وقِف على أعتاب يناير وإلحق بالناجحين، فلتكن مثلهم بل أفضل منهم بقرار فعليّ تصادق عليه عاجلًا..
اضافةتعليق
التعليقات