ثمة عوامل تؤكد واقعية التخلف في البلدان الإسلامية، ولا سيما البلدان التي كانت فيما سبق رائدة العالم في جميع الميادين فما هو السبب في ذلك؟!
في البداية لابد من القول أن مفهوم التخلف والتنمية يختلف من مجتمع لآخر بإختلاف المشارب الفكرية والإنتماءات العقائدية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية.. الخ.
فالحرية الفردية في التملك في المنظومة الإقتصادية الرأسمالية تعتبر تقدماً، ومن الحقوق التي يقرّها النظام الرأسمالي بلا حد أو قيد... في الوقت الذي يتخذ فيه أنصار الإشتراكية مساراً آخراً إذ يعتبرونها سبب التأخر والتخلف، ويدعون للقضاء عليها – الملكية الفردية – لتحقيق التنمية.
وكذلك الحال بالنسبة لبقية المجالات وفي شتى الميادين هذا أولاً، وإمكانية البحث في التجرئة والشمولية لموضوع التخلف والتنمية، أو فلنقل ما هو المعيار للتخلف والتنمية ثانياً؟
وما يهمنا بالبحث هو: ما دور العامل الإنساني في واقع التخلف، والتطلع التنموي في البلاد الإسلامية. بالطبع هناك مجموعة من العوامل المؤثرة سلباً أو ايجاباً في تكريس واقع التخلف أو دفع دواليب العملية التنموية للأمام وقد يقع الإنسان ضحية للعوامل المؤثرة سلباً.
والإسلام الحنيف يعتمد مجموعة من الركائز – نظرية وتطبيقية – للقضاء على واقع التخلف، وتنشيط المشروع التنموي لتحقيق السعادة، والتقدم العام في الحياة الفكرية والإقتصادية والإجتماعية، والسياسية والنفسية.. الخ.
ومن هذه الركائز:
- ركيزة العلم: والذي يهدف – الإسلام – من خلالها بناء الشخصية الواعية، وهي مقرونة بالعمل، وبها تتفاوت البشر، وتتفاضل.
قال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون، والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}.
وقال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}.
ان قيمة العلم تتجلى في الكشف العام لحقائق الكون، وتبسيط المعارف البشرية للإستفادة منها والسير النير في الحياة وفق المنهج العلمي الرصين الذي يرسي دعائمه الدين الإسلامي الحنيف وبه يتم التفاضل حيث ان العلم يعلو بصاحبه عن الجهل والتخلف والعصبية إلى عالم المعرفة الإلهية، والإيمان الحقيقي.
"إن المجتمع يتألف من طبقات تقوم أولاً على أسس سليمة وهي العلم والخبرة والكفاءة والقدرة البدنية.... الخ.
ثانياً: لايوجد بينها استعلاء ولا تفاخر.. فأفراد المجتمع متساوون في الإنسانية وسواسية أمام القانون القضائي. وهذه غير الطبقية البغيضة التي تقوم على أساس العنصر، والدم، أو الثروة والمال أو المنصب، والمركز الإجتماعي أو على أسس عشائرية، وطائفية، وعائلية وما أشبه".
مما سبق نقول ماهو دور المرأة من التخلف والتنمية؟
الجواب: لما كانت المرأة عنصراً فاعلاً في الحياة، وعلى عاتقها تقع مسؤولية عظيمة، فدورها لا يقتصر على نفسها فحسب وإنما يتعداه بأكثر من ذلك فهي مدرسة المجتمع، ومعلمته، ومهذبته، وهي منجبة الأبطال، والحماة، وهي القادرة على خلق القدرات الفكرية والجسدية في الانسان...الخ. لما كان دورها كل ذلك فتأُخرها، وقهرها يعني تأخر المجتمع وقهره وظلمها ظلمه كما أن تقدمها بالضرورة يكون سبب تقدم الحياة بأسرها.
ان دور المرأة سواء في تكريس واقع التخلف، أو تنشيط العملية التنموية لا يقل عن دور الرجل إن لم يفوقه في كثير من الأحيان وقد كان ذلك واضحاً في عهد رسول الله (ص) فالواجب الإجتماعي لم يكن يفرق بين الرجل والمرأة: "فالذي يحرم على الرجل من قتل الأولاد وقتل النفس المحرم قتلها وأكل الدم والميتة ولحم الخنزير، وشرب الخمر والميسر والفواحش وأكل مال اليتيم والإشراك بالله وسوء الظن، وإقتراف الموبقات، وارتكاب المحرمات كالزنا والسرقة والكذب وغير ذلك الذي حرّم على الرجال، في الوقت نفسه محرم على النساء وكما أن الرجل يجب عليه أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويجتنب المعاصي ويكرم أبويه ويحترمهما ويقول لهما القول الكريم والمعاملة الحسنة فكذلك المرأة يجب عليها كل ما تقدم، وكما أن الرجل كان لزاماً عليه أن يتبع الإسلام ويطيع الله والرسول ويجاهد في سبيل الله ويعرض عن الجاهلين، فكذلك كان هذا لزاماً على المرأة إذ أن الرجل والمرأة متكافئان متساويان في اداء هذه الواجبات لشمول الخطابات القرآنية كل منها على السواء".
بالطبع تمتلك المرأة القدرة في تنشيط العمل التنموي في المجتمع، وإشاعة المفاهيم الحضارية في الأمة، والقيام بالأعمال التي من شأنها تثقيف الجماهير.
"المرأة عضو فاعل في المجتمع وهذا يمكنها من ان تتحرك في أداء دورها الطليعي المتمثل في عدد من المهام منها اشاعة مفاهيم التنمية في الحياة الإجتماعية، والعمل على أساس ايجاد مبادرات في الأماكن التي تستطيع فيها أن تتحرك بحرية وأن تعمل في خط جهادي طويل على إقناع الرجل بأنها انسان، وإنها تستطيع ان تقوم بعملية التنمية سواء كان ذلك على المستوى الثقافي أو الإقتصادي أو الإجتماعي كما يقوم الرجل، لأن طاقاتها ليست بأقل من طاقته عندما يتم استخدام هذه الطاقات أن المسألة تحتاج الى مبادرة وإلى عملية دخول صراع مع المفاهيم المتخلفة حتى تكون التنمية نتيجة للسيطرة على عقلية التخلف لأن ذلك هو الذي يمكن أن يحقق لنا السيطرة على واقع التخلف باعتبار ان الله {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
وعلى هذا الأساس نستطيع أن نبني قاعدة تجمع الرجل والمرأة في دفع عملية التنمية للأمام، ورفض الواقع المتخلف في الأمة، أما اذا حاولنا الغاء دور العامل النسائي من حلبة المواجهة الحضارية مع الاستعمار فإننا بذلك نلغي دوراً اساسياً وفاعلاً في الحياة وعليه لابد أن نتصدى في البداية للتصورات والأطروحات الخاطئة في حق المرأة، وأن نبتعد بعض الشيء عن العصبية اذا ما اردنا أن نوضح أهمية دور المرأة في التنمية، أما بعض الإشكالات التي قد تقع نتيجة العمل في المشروع التنموي فلقد أوجد الإسلام الحلول الكاملة لها وعززها بنظام وقائي يحصنها من الإعتداء عليها من قبل المجتمع عامة.
اضافةتعليق
التعليقات