للواقع أشواكه تقتحمه زاهية الأيام، له تقلبه لا تحكمه ثوابت، تارة الحزن الغالب وحيناً السرور مغلوب بين الظلم والضمير.
في السوق تتبع استراتيجية الدفع والعرض والجذب للبضائع، في المدارس معيار من يمجد أولا مع غياب الكلمة الحق لأفذاذها، في المستشفيات يموت البشر وهم أحياء من هول ما يرونه.
بنية اقتصادية متهالكة، أهداف اعمارية موقوفة، أعمال مستهلكة لا تنتج شيء، ألوان من الكبت والبطالة حتى يبدو لدى أغلبنا أن واقعنا ظلام وناراً تستعر، نعيش المأساة ترافدنا أيّام مكتملة فحسب وعلى أية حال، واقع مزري مريع مريب تتكلله بادرة من بضع أمل تكفينا لكي نكمل الحياة بما أوتينا منها من سعي.
كلنا يخيل لنا أن الواقع هو استثناء لقاعدة واعدة وراسخة ومستقرة بينما هو في حقيقته يحمل عوائق أكبر من أن تصدق، قد يكون من المستحيل أن تترتب قاعدة حكومية دولية تخلق تضامن فكري أو مجتمعي اجتماعي أو سياسي بحت، السقطات والهفوات السياسية لا تؤازر صاحبها دائما إلا إذا أخذت سندها قدماً وهذا الأمر يجعل الوجوه تتكرر وأوهامها تكبر وأحلامنا تستحيل.
أما الغرق ليس السقوط في الماء، لا أحد يصف السمكة بالغارقة، لكنها تغرق "تموت" على اليابسة، الغرق هو أن تسقط في مكان ليس لك والأفضل أن يعلمك المرء كيف تصطاد سمكة أفضل من أن يعطيك أحدهم سمكة، قد يطور الانسان نفسه ولايستسلم للظروف ثم إن السمكة مثلا لها واقعها والطير له هويته وأنك لن تستطيع أن تغير حقيقتهما التي خلقها الله، الطير لا يسجن والسمكة التي تغلق فمها لن يصطادها أحد.
يحتاج الواقع أن يسترشد ويشق طريقه وتديره يد فعالة تطيع شجاعته وتعمل على تلبية حاجاته وتسعد مكانته، المجتمع أصبح أغلبه كلمات تضليلية حالكة وهناك صراع بين الشخصانية والشعوبية لأن للشعب هدفه وللمسؤول أهداف وتترادف ونحن صفقة المبادلة والكراسي والأموال وطموحنا خارج القضية.
الذي يفاقم قلق المرء الدائم أن التكهنات التي يصنعوها حبر على ورق كلما تراشقت على أجسادنا أحكامهم، ما أبشع الواقع كأنه سياط على ظهور الحالمين وعقائد الواقع تعددت وتجمهرت فوق رأس الفقير الذي لاحول ولا قوة لصداه.
ننظر للواقع أحيانا كما نريد أن يكون لكي تحلو بمصائرنا الحياة وأما واقعه ليس الصورة التي تشبه ما نتمناه.
اضافةتعليق
التعليقات