من منا لا يريد مواجهة التحديات التي تقابلنا في حياتنا بشجاعة أكبر؟ الشجاعة لا تعني بالطبع عدم الشعور بالخوف، لكنها تعني القدرة على الشعور بالخوف دون ترك ذلك الخوف يملي علينا خياراتنا. بمعنى آخر، قد يكون الخوف موجودًا، لكنك لا تتعثر فيه. ربما يكون الأمر الصعب هو معرفة كيفية القيام بذلك عندما نقع في تلك الحفرة الكبيرة المليئة بخوفنا، أو شكنا، أو قلقنا. من السهل التحدث عن الشجاعة عندما نشعر بالتحفيز والتشجيع.
لكن الأمر يكون في غاية الصعوبة عندما نواجه -على سبيل المثال- تشخيصًا طبيًّا لمرض صعب، أو عندما نخوض مرحلة الانفصال عن الحبيب أو الزوج، أو عندما نتوق إلى اتخاذ الخطوة الأولى في الحلم الكبير. السؤال: كيف يمكنك أن تكون شجاعًا عندما يكون الخوف كبيرًا؟
بعض الخبراء، وعبر سنوات من الأبحاث والدراسات والملاحظات، وجدوا أن القدرة على التصرف بشجاعة ليست شيئًا نولد به. في الواقع، فإن هؤلاء الأشخاص الشجعان تمكنوا ببساطة من تحويل سلوكيات الشجاعة إلى عادات دائمة وجزء أساسي من حياتهم.
الأشخاص الشجعان هم أشخاص قرروا قبول هذا الخوف في مقعد الراكب، وليس في مقعد القيادة، لأن من يجلس أمام عجلة القيادة هو نحن. إذا كان الخوف يتسبب في تعثرك، فمن المحتمل أنك تمارس العادات القائمة على الخوف، والتي كانت جزءًا من حياتك لفترة طويلة؛ حتى أصبحت تعمل كما لو كانت طيارك الآلي.
السؤال الكبير هنا: هل نستطيع استبعاد عادات الخوف، واكتساب عادات الشجاعة؟ الخبر السار هو أنه يمكن لأي شخص تغيير هذه العادات السلبية وأن يستبدل بها عادات أفضل، بدءًا من الآن. يمكنك بناء حياة أفضل والبدء في رؤية سلوك أكثر شجاعة ومرونة عاطفيًّا من خلال تطبيق هذه العادات.
1- حدد مخاوفك حتى تواجهها
غالبًا ما يتردد الناس في الاعتراف بأنهم خائفون من شيء ما، وهذا قد يقوض ثقتهم وشجاعتهم. من أجل البدء في بناء الشجاعة، تحتاج إلى تحديد قائمة مخاوفك تحديدًا واضحًا وصريحًا ودون مواربة. قد لا تكون مدركًا لخوفك (أو مخاوفك) المحددة حتى تبدأ في التفكير في الأسباب التي تجعلك تفتقر إلى الشجاعة.
اكتب قائمة بمخاوفك وأنت تكتشفها تدريجيًّا. قد يساعدك ذلك على وضع خطة للتغلب عليها وبناء شجاعتك. ولا تتعجل في بناء هذه القائمة؛ لأنها إحدى أهم الخطوات. من المحتمل ألا يكون هذا تمرينًا سهلًا؛ لأنه غالبًا ما يشعر الشخص بالحرج أو الخجل عند ممارسته.
2- اعرف سبب مخاوفك
غالبًا ما ينجم الافتقار إلى الشجاعة أو الخجل عن شكل من أشكال الخوف الذي يتعلمه الشخص من خلال التجربة، أو الذاكرة. يمكن أن يساعدك تحديد مصادر مخاوفك المحددة على البدء في اتخاذ خطوات استباقية لتغيير هذا السلوك، واكتساب الشجاعة في نهاية المطاف في أي موقف.
يمكن أن يساعد التفكير في تجارب محددة ربما تكون قد ساهمت في انعدام ثقتك بنفسك، ثم مواجهتها بتجارب إيجابية، في جعلك في الإطار الذهني المناسب للبدء ببناء ثقتك بنفسك وشجاعتك.
إذا لم تتمكن من تحديد تجربة محددة تشكل مصدر خوفك، فقد تكون هذه التجربة موجودة بسبب ذكرى ما، أو خوف اجتماعي، مثل عار الفشل. على سبيل المثال، إذا لم يسبق لك أن لمست ثعبانًا، ولكنك خائف منه، فقد ينشأ هذا عن شخص مرتبط بك يخبرك بأن الثعابين خطيرة. يمكنك تعويض مخاوف الذاكرة من خلال التفكير النشط في وقت تحقق هذا الخوف في الماضي وكيفيته.
3- توقف للتقييم
البعض منا يتعجل باتجاه ممارسة العادات التي تبني الشجاعة. قد نميل إلى تخطي خطوة «النظر إلى ما لا ينجح» أو ما يعيق الطريق. فيركز معظم الأشخاص الذين يحاولون أن يصبحوا أكثر شجاعة على تجنب مخاوفهم، أو تهدئتها، أو مهاجمتها. للأسف هذا ليس هو ما ينفع فعلًا لبناء عادات شجاعة على المدى الطويل.
عندما تشعر بالتوتر أو الخوف أو الإرهاق، توقف للتقييم. اسأل نفسك كيف يجب أن تكون استجابتي في هذا الوقت؟ هل هناك عنصر ما يساعدني على تجنب الخوف؟ هل أحاول استرضاء خوفي من خلال محاولة فعل كل شيء بشكل صحيح، أم هل علي مهاجمة خوفي عن طريق إخباره أن يصمت وأن يذهب بعيدًا؟
4- اجعل الالتزام دائمًا جزءًا من حياتك
لقد حان الوقت لكي ندرك حقيقة متطلبات الالتزام بالتغييرات السلوكية التي نريدها. هذا إذا كنت تريد أن تشعر بتوتر أقل في حياتك، وفي المقابل تحس بشجاعة أكثر. الالتزام يجب أن يكون عادة متجذرة في اتخاذ قرار بأنك ستستمر في مسار حلمك، يليه العمل باستمرار على هذا الحلم.
إياك أن تستخدم كلمة «سأحاول»، هذا ليس التزامًا على الإطلاق. عليك أن تخاطب نفسك دائمًا بجمل مثل «سأفعل، سأخوض التجربة، وأرتكب الأخطاء وأواصل العمل دون توقف»، هذا التزام حقيقي.
5- حدد أنماط العادات القائمة على الخوف والتي تعيقك
الرغبة في الوصول إلى الكمال، وإرضاء الناس، والتشاؤم، والتخريب الذاتي هي أنماط شائعة قائمة على الخوف، والتي ترتبط بالناس. عندما تعرف كل شكل من هذه الأنماط، سيكون لديك وقت أسهل في ملاحظة الوقت الذي تكون فيه واقعًا تحت تأثير إحداها.
هنا سيكون عليك أن تأخذ نفسًا عميقًا وتختار أن تبتعد عنها بكامل وعيك. هل تسأل عن أفضل وقت للعمل على هذه العادة؟ بالطبع يستغرق الأمر بعض الوقت عندما لا تكون تحت تأثير الخوف، للتعرف إلى هذه الأنماط وكيف تظهر لك بالتحديد.
6- ادخل إلى جسمك عندما ينطلق الخوف
خوفك ليس أمرًا منطقيًّا يحدث لنا. بل هو غريزة بدائية في الإنسان. نحن نشعر بالخوف داخل الجسم، لذلك من أجل بناء الشجاعة، نحتاج إلى التعامل مع الخوف داخل الجسم أيضًا. عندما تشعر بالخوف، فإن اللجوء إلى مشاهدة بعض المسلسلات، أو إحساس الرعشة لن يؤديا إلا إلى تقليل التوتر مؤقتًا، ومن ثم يعود الخوف والقلق إلى الظهور من جديد.
بدلًا من ذلك، استخدم الممارسات القائمة على الجسم للوصول إلى أعماق الجسم، وتعليمه أنه قادر على التعامل مع الخوف. اجعل جسمك يحس أن ما تواجهه شيء آمن وليس أمرًا مخيفًا. يمكن أن يشمل ذلك اليوغا، أو التأمل، أو الركض، أو رفع الأثقال، أو المشي لمسافات طويلة ببطء، أو أي ممارسة أخرى تعتمد على الجسم، إذ تشعر بما يشعر به.
7- استمع بدون أي تصديق
أفكارك التي تدور حول مخاوفك ستقوم باستدعاء جميع أنواع القصص التي تؤكد أنك لا تستطيع، وأنك عاجز. بدلًا من مهاجمة تلك الأفكار من خلال إخبارها بالرحيل، وجدت العديد من التخصصات النفسية (مثل العلاج السردي، وعلاج القبول والالتزام، وعلاج السلوك الجدلي) أنه من المفيد الاستماع إلى ما يقوله الخوف.
المفتاح في هذه النقطة هو عدم الالتصاق بما يقال، من خلال اعتباره «حقيقة» حول من أنت وما تستطيع. لا تصدق ما يقوله لك خوفك من أمور سلبية، لكن استمع لما يقوله لك بإنصات، ثم ابدأ العمل عليه ومحاولة الوصول إلى المشكلة التي تجعل هذا الخوف يظهر لك.
8- إعادة صياغة القصص الخاصة بك
لا يوجد أحد مثالي، ولدينا جميعًا قيود وحدود. لكن السؤال هو: كيف لا تدع الخوف من هذه القيود يعيقك؟ الإجابة في إعادة صياغة القصص الخاصة بك المتعلقة بهذه الحدود والقيود.
في أي لحظة معينة، يمكننا استخدام قيودنا المعروفة دليلًا على أننا «لا نستطيع». هذا أمر خاطئ، والصحيح هو أنه يمكننا إعادة صياغتها، وتحديد أشياء مثل «حتى لو لم أتمكن من القيام بذلك الآن، فأنا على استعداد للممارسة حتى أكتشف كيف أسنطيع القيام به».
9- خلق مجتمع إيجابي حولك
الخوف والشك في النفس يزدهران في العزلة، والابتعاد عن المجتمع والناس. وعلى العكس فإن الخوف يتلاشى وسط الناس والأصدقاء. وبالتأكيد، ليس من الممتع على الإطلاق خوض تجربة إخفاق أو انتكاسة ما، على الرغم من أننا نعرف أن مثل هذه الظروف الصعبة هي جزء لا يتجزأ من كل رحلة في هذه الحياة.
في تلك اللحظات التي تكون فيها الأمور صعبة، قد نميل إلى العزلة والاختباء. ولكن بدلًا من ذلك، فإن هذا الوقت هو الوقت المناسب للميل بشدة تجاه المجتمع المحيط بنا.
في نهاية كل يوم، يواجه الجميع الخسائر والإخفاقات. لكن عندما تزرع عادة الشجاعة داخلك، فأنت تقرر القيام بشيء مختلف -عن وعي كامل- حول هذه التحديات. ومع مرور الوقت وممارسة هذه العادات، سوف تبني الشجاعة وتبدأ في رؤية نتائج ذلك طوال حياتك. حسب ساسة بوست
اضافةتعليق
التعليقات