جلست تستريح من عملها في مكان استراحتها بجوار صديقتها التي لاحظت كم هي منهكة على غير عادتها، أخذت تسألها عن أحوالها، تنهدت وبدت الحيرة تعلو وجهها، لا تعرف ماذا عساها أن تقول ومن أين تبدأ إزاء ما تراه من خيانة زوجها لها أمام عينها، لكنها عاجزة عن فعل شيء لأنه هددها بالطلاق إن أخبرت احداً، أو حاولت أن تتصل وتضايق صديقته التي لم يمضِ يوم دون أن يتكلم معها فتراه اغلب وقته مشغولاً بالحديث معها، على الرغم من انه قد تزوج عن علاقة حب جمعته مع زوجته، وقد دامت تلك العلاقة العاطفية لسنتين وصديقته تعلم بكل شي ومع ذلك مستمرة بعلاقتها معه!.
عندما نجتمع نحن النساء يبدأ الحديث عن البيت والمشاكل والزوج والكثير من الأمور التي تهتم بها النساء، فتبدأ واحدة تلو الأخرى تسرد قصتها وخصوصا عندما تكون في حالة صراع مع زوجها، لان اغلب النساء بسبب تمرد أزواجهن لا يستطعن البوح لأحد بما يحصل معهنّ، فتبقى صامتة أمامه منهارة بداخلها، تغلي كبركان يقترب موعد انفجاره ساعة بعد أخرى، فعندما تجد من يستمع لها وخصوصا صديقاتها تبدأ بإخراج ما تكبته في قلبها من أذى وآلام وأسى بسبب عدم احترام زوجها لكرامتها ومكانتها، وعدم صيانته للعلاقة الزوجية كما يجب.
فالخيانة هي كسر الثقة ما بين قلبين جمعهما الحب والود والوئام، واشتركا وفق ضوابط شرعية وعرفية لإنشاء أسرة سعيدة وإنشاء جيل يقدر معنى التضحية والحب لتبقى أسس التربية الصحيحة راسخة في عقولهم ونفوسهم وأفكارهم وسلوكهم.
وأيضاً هي ليست ظاهرة جديدة او غير معروفة، لكنها آفة استفحلت في المجتمع، وأصبحت شيئا عاديا بل شائعا جداً، حتى ان بعض الأشخاص يفتخرون بما يقومون بِه من خيانة، فيبدأ واحدهم بإخبار أصدقائه بأنه على علاقة مع امرأة اخرى غير زوجته، وهذه الآفة ليست مقتصرة على الرجال فقط، فهناك نساء يعشنَ اليوم في حالة من اللاوعي تجاه ما تفعله، فتقوم بإقامة علاقة مع رجل على الرغم من أنها ما تزال على ذمة رجل آخر لكنها مستمتعة بالأمر.
وقد انتشرت الخيانة الزوجية في الآونة الأخيرة تحت وطأة عدم الانسجام وغياب التفاهم بين الزوجين، حيث يلجأ عدد من المتزوجين نساءا ورجالا على حد سواء الى الخيانة، مبررين ذلك لأنفسهم ولغيرهم، بأنهم يعانون من انكسارات عاطفية وتقصير من قبل الطرف المقابل، وهذا برأيهم أمرا كافياً لاتخاذ الخيانة كوسيلة للترويح عن نفوسهم وتمتعهم بشعور السعادة المزيفة.
وهناك عوامل عديدة أيضاً ساعدت على ازدهار هذه الظاهرة، وتفشيها في المجتمع بشكل كبير جداً، منها وسائل التواصل الاجتماعي وغياب الازواج فترة طويلة عن زوجاتهم، وتركها دون سلاح معرفي يجعلها تعي مكانتها وواجبها تجاه الأمانة التي وضعت في عنقها وهي أمانة صيانة العلاقة الزوجية التي يجب أن يحميها الشريكان بكل ما يمتلكان من وسائل وقدرات روحية ومعنوية مادية، فبسبب الجهل الذي تعانيه الزوجة مثلا تقوم بمطاوعة مشاعرها وانجرافها خلف الكلام المنمق والمزيف وبالتالي الانجراف الى ارتكاب الفاحشة الكبرى، حيث نلاحظ أكثر الخيانات التي تحصل في الأسر التي يغيب فيها الأزواج عن زوجاتهم لأي سبب كان، ويمكن أن تحدث الخيانة لهذا السبب من الطرفين.
ويحدث الشيء نفسه في مجتمع الجامعات التي تبدأ تحت شعار الصداقة، ولا تقتصر على هذين الصنفين بل تشمل جميع شرائح وفئات المجتمع.. لكن على الرغم من الأذى الذي يلحق بالمرأة التي تعاني من خيانة زوجها، إلا أنها تبقى على وعدها معه، وهذا لا يعني بأنها راضية وقد سامحته، إلا أنها تستطيع ان تتقبل وضعها من أجل ظروفها التي تحكمها، كأن تكون عائلتها لا تقبل بالطلاق او تصبر من أجل اطفالها او انها تستطيع ان تعالج هذه المشكلة عسى أن يترك زوجها تلك العادة التي هدمت سقوف البيوت المطمئنة على رؤوسهم، من دون النظر الى آثارها المخربة.
فالخيانات الزوجية من قبل النساء غالبا ما يكون سببها إشباع الجانب العاطفي لديها، اما بالنسبة للرجل يكون الأمر لإشباع غريزته، حيث أكد باحثون إيطاليون على أن الرجال الذين يخونون زوجاتهم اكثر عرضة للاصابة بالنوبات القلبية، وذلك للعلاقة بين الإصابة بأمراض القلب وتأنيب الضمير الذي يعانون منه بسبب خيانتهم، كما أكدت دراسة أميركية وبريطانية على أن معدلات الخيانة بين النساء مقاربة لمعدلات خيانة الرجال لكن الرجل متقدم في ذلك.
ولابد من وضع حد لهذه الظاهرة ومعالجتها بالطرق السليمة التي لابد من الاهتمام بها وذلك بمثل الانتماء الى جمعيات تقيم ندوات تهدف الى التوعية والتثقيف في الحياة الزوجية، او إقامة حملات توعية شاملة للحياة الزوجية وخصوصا للمقبلين على الزواج وكذلك من واجب الأهالي تسليح اولادهم بالمعرفة الكاملة قبل الأقدام على الزواج. وايضاً بيان مدى خطورة الخيانة على الزوجين والأولاد وبيان قدسية الزواج في الدين وكيف جعله الله مكملاً للدين كما وان لابد من مراجعة النفس والانتباه على الأخطاء وتصحيحها ومحاولة معالجة المشاكل التي تنشأ بينهما وان تعرف المرأة بذكائها الخاص ان تحتوي الرجل لتستطيع ان تأمن من الخيانة وان تعيش حياة سعيدة مع شريكها.
اضافةتعليق
التعليقات