جمال كربلاء يزهو عطرا وينثر ريحانا وكأنّ الرابع من شهر شعبان عيد الوفاء ليسطع قمر الدنيا في الفضاء.
اقبلتُ نحو مرقده الشريف والزهور تملأ الارجاء، تخطيتُ اول عتبة نحو قمر العشيرة وكأن الوحي يمتثل ببابه يرتل القرآن لتتوغل داخل قلوب كل من يدخل نسمة عذبة تحيي الابدان ودمعة تتسربل من العيون وكأن الأمس كان يوم الفقدان، عطره يملأ الارجاء، انه مرقد ابي الفضل العباس قمر الاكوان حامل اللواء وحافظ الوداد خالص الاخاء ورمز الولاء في الطف وقاصم الاعداء فارس فرسان عشيرته عنوان للصدق والوفاء وابرز من امتثل في ساحات الفداء هو الحر الذي اشعل النيران في حشاشته يوم النداء.
وقد إجتمعت فيه (ع) كل صفات العظمة، من بأس وشجاعة وإباء ونجدة من جهة، وجمال وبهجة ووضاءة وطلاقة من جهة أخرى، ولما تطابق فيه الجمالان الخَلقي و الخلُقي، قيل فيه (قمر بني هاشم).
ولقد شهدت الأمة الاسلامية بطولته ومواقفه مع اخيه الحسين (ع) يوم الطف، واستماتته في الدفاع من اجله، حتى أن الحسين خاطبه قائلاً: (بنفسي أنت) فأقامه مقام نفسه الزكية، وهذا شرف له لم يبلغه أحد من الناس.
ليقف القلم عند ذكر سلسلة العترة الطاهرة من امير المؤمنين فلا يدري اليراع مايخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب؟
قمر الهاشميين.. ليكون فارسا من شجاعتين شجاعة ابيه سيد الوصيين وامه ام البنين، لتكتفي كربلاء فخرا ان فيها السبطين فيها قمر بني هاشم اخ الحسن والحسين.
لتكون ولادة النور وحامل اللواء بتاريخ اليوم الرابع من شهر شعبان المعظّم سنة ست وعشرين هجرية، وعلى هذا فإنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) قمر بني هاشم تلا في ولادته ولادة أخيه شمس الكونين الإمام أبي عبد الله الحسين من حيث اليوم والشهر بيوم واحد وفي نفس الشهر، ومن حيث السنين والأعوام بثلاث وعشرين سنة.
إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) اقتدى بأبيه في الكرم والجود، فصار باباً لأخيه وسيّده الإمام الحسين (عليه السّلام)، كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) باباً لأخيه وابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
بل إنّ العبّاس (عليه السّلام) أصبح بمؤهّلاته الخلقية وكفاءاته الإنسانية العالية باباً لولاية الأئمّة من أهل البيت (عليهم السّلام)، بحيث لا يمكن لأحد أن يرد إلى مدينة حبّهم وحصن ولايتهم إلاّ عن باب محبّة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وولايته..
لنزف اليوم التهاني وننثر الزهور ونشعل الشموع لولادة قمر الكونين..
(فسَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلينَ وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميعِ الشُّهَداءِ وَالصِّدّيقينَ، وَالزَّاكِياتُ الطَّيِّباتُ فيـما تَغْتَدي وَتَرُوحُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، اَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْليمِ وَالتَّصْديقِ وَالْوَفاءِ وَالنَّصيحَةِ لِخَلَفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْمُرْسَلِ، وَالسِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ، وَالدَّليلِ الْعالِمِ، وَالْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَفْضَلَ الْجَزاء).
اضافةتعليق
التعليقات