في البداية سأخبركم بسِر.. انه سِرٌ قديم اخفيته طويلاً وها قد حان الوقت للكشف عنه فلم يعد هناك ما يُقلقني!.
لطالما كنت أُحاكي وردات الجوري في حديقة بيتنا صباحاً، وانا اسقيها بالماء اتغزل بجمالها واثنِ على عطرها الزاكي الأخاذ! كانت تتمايل حينها وكنت اشعر بأنها تستطيع سماعي! بيد اني اقول في قرارة نفسي ما الذي يحصل اتُراني جُننت؟!
ماهذا الهراء بحق السماء، ما الذي يجعلني اشعر بذلك؟ وهل يُعقل ذلك اصلاً؟!..
وفي صباح كل يوم اتودد للزهور واغمرها بإطراءاتي وافصح عن حبي لها بل عشقي وهُيامي بها! وليس ذلك فقط، منذ صغري وأنا أتعاطف مع كل الناس حتى الأشرار منهم! بل كنت اخاف أذية أي شيء من الجماد حولي واشعر بالحزن عندما ارى شيئاً قد كُسر او أُهمل لدرجة التخلي عنه ورميه في مكب النفايات وهو لا زال جميلاً!! لطالما كنت اخاف البوح بذلك لأحد، فمن ذا الذي سيُصدقني ياتُرى! قررت ان ادع هذا الأمر سراً في داخلي ولن اتحدث عنه بتاتاً، فلا شك بأني سأصبح محط للسخرية وسيقال عني؛ ها قد جُنت أخيراً تلك الفتاة المتفلسفة!.
كبرت وانا على هذا الحال، ولا زلت الى اليوم اتعاطف مع الخضار والفاكهة حين تقطيعها، واشكر الله على هذه النعمة واشكرها على هذه التضحية! فأنا صدقاً ادرك بأن كل شيء حولنا يشعر، لكنه خُلق ليُضحي بنفسه من أجلنا، ونحن لانستطيع التواصل معه، لكون ذلك كثير علينا، أو هَل نستطيع؟! لا اعتقد، يكفينا التواصل المُتعب غالباً مع بعضنا البعض، أليس كذلك؟!..
وَانا املك دليلاً على إن ما أؤمن به صحيح!
ببساطة سأشرح لكم عن أمور يفعلها كل واحد منا في الواقع، مثلاً: عند شرائنا لشيء نحبه ونرغب بإمتلاكه مثل كتاب مميز أو فستان جميل أو ربما ساعة يدوية وغيرها من الاشياء..
سنفرح بذلك كثيراً ونحاول قدر الامكان الاعتناء به والحفاظ عليه، لأنه مهم بالنسبة لنا وقد لا نكتمل بدونه! وعلى قدر اهتمامنا به سيدوم بخير، وإن صار وفقدناه سنحزن بشكلٍ كبير ونجهد انفسنا بالبحث عنه، وفور العثور عليه سنهدأ ونحمد الله كثيراً وقد نحتضن ذلك الشيء بشدة واحياناً نُقبِلُه! أليس هذا صحيحاً؟
أو عندما نبتعد عن اماكن سكنانا او اماكن نحبها وعشنا فيها ذكريات جميلة لفترة من الزمن، عندما نعود لزيارتها، فور دخولنا نشعر بالحنين الذي يملأ المكان! نضع ايدينا على الجدران ونمسح عليها برفق! ثم ننظر لكل زاوية ورفٍ وباب.. وان لم نتحدث عالياً بما نشعر، ستتحدث قلوبنا!.. يحصل ذلك بالفطرة، وقد لا ننتبه لتصرفاتنا انذاك، لكننا نكتنز تلك المشاعر تجاه كل شيء يحيط بنا دون استثناء، أليس هذا صحيحاً؟
اذن هناك تواصل بيننا وبين كل شيء، قد لا يُدرك، ولكنه حقيقة! فبماذا تجيبون عن مدى تعلقكم بأشيائكم المحببة، التي تفرحون لوجودها وتبتأسون لفقدها، وما دامت بحوزتكم تُشعركم بالحب لها والرضا عنها؟!
هذه هي نظريتي، وهذا ما افكر فيه على الدوام ولا أستطيع الافصاح عنه كوني اخاف الإستهزاء بي، وأتجنب سماع الردود المحبطة وربما الجارحة!
بيد اني خلال الاسبوع الماضي، وبالصدفة قرأت عن إكتشاف علمي عرض لأول مرة في عام 2012، عن "النبات" حيث يحاول العلماء في جامعة Western Australia دراسة ظاهرة غريبة حول اصدار النبات للترددات الصوتية وتأثره بالاصوات البشرية ويسمون هذا العلم Bioacoustics.
فقد توصل العلماء الى الدليل الاول حول اطلاق النباتات لثرثرة ثابتة تتواصل مع بعضها بواسطة الصوت الذي لايمكن للانسان سماعه، ويحتاج لأجهزة عالية الدقة لتسجيله، وكما ان هناك دراسة منشورة في مجلة "اتجاهات في علم النبات" وجدت ان النبات يستخدم الصوت للتواصل مع بقية النباتات، بل ويتأثر بالأصوات ايضاً!
وفي الحقيقة سُعدت كثيراً بمعرفة هذا، وان كان في وقت متأخر جداً!..
ورحت أبحث واستطلع الموضوع فوجدت ان هذا الإكتشاف هو جزء صغير فقط من الذي كان بالأحرى ان يُكتشف ويُؤكد من قِبلنا نحن العرب المسلمين من خلال ما وَرد في القرآن الكريم "الاعجاز العلمي" منذ اكثر من أربعة عشر قرناً! حيث جاء في قوله تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليماً غفورا} سورة الاسراء آية ٤٤.
وبذلك يتضح من تفسير الآية الكريمة ان النبات مخلوق يتكلم ويسبح بحمد الله عز وجل، وقد لاحظت بعض الابحاث ان نمو النبات يزداد عندما يتعرض لترددات صوتية محددة، وفي بحث آخر تبين ان جذور النبات تتجه باتجاه صوت محدد أثناء نموها، وإن النبات يقدم خدمة لرفقائه ويتعاون معهم وينذرهم بأن هناك خطر ما قادم، ليأخذوا حذرهم!
وهكذا يؤكد العلماء أن النبات مثل البشر كائن حي وذكي يتحدث ويشعر ويتألم..
وحسب ما ذكر في هذا البحث وغيره من الدراسات العلمية فإن النبات يشعر بالسعادة لتعاونه مع الآخرين من النباتات، ويبتهج عندما يحقق السعادة والنجاة لهم من المخاطر، وسبحان الله جاء في قوله تعالى: {وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج}"سورة ق آية ٧".
فهو يبتهج من جهة ويُثير البهجة في النفوس من جهة ثانية، حيث اثبتت دراسات حديثة، إن اللون الاخضر يعالج الاكتئاب!.
وبهذا الشأن لا يسعني إلا قول: سبحان الله، والحمد لله الى ما لا نهاية.. تيقنت الآن بأني عاقلة ولا اشكي مسّا من الجنون!.
اضافةتعليق
التعليقات