قبل شهر صُدم المجتمع المصري لنبأ إقدام مراهقة مصرية، تدعى بسنت خالد وهي في ربيعها السابع عشر، على وضع حد لحياتها بعد تعرضها لابتزاز إلكتروني على يد شابين من أهالي قريتها في محافظة الغربية. وكان الشابان قد نشرا صورا مزيفة لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
أبدت الفتاة محاولات يائسة لإبعاد الشبهات عنها، والتأكيد على أن الصور المنشورة لا تخصها. غير أنها اصطدمت بنظرات جيرانها وتنمر زملائها وبعض معلميها. وفي لحظة انهيار تام قررت الشابة وضع حد لمعاناتها في مجتمع، اعتقدت أنه لفظها ظلما. فولجت حجرتها الصغيرة ودونت أسباب انتحارها في رسالة لأهلها، ووضعت حبة سامة في فمها وغادرت الدنيا هربا من هول العار.
وقبل يومين تكرر السيناريو بحذافيره مع فتاة أخرى من محافظة الشرقية، عمرها خمسة عشر عاما، حاصرها الابتزاز الالكتروني فقررت التخلص من حياتها بالحبة السامة نفسها التي قتلت بسنت قبل شهر.
وقامت النيابة العامة في محافظة الشرقية في مصر بالتحقيق في حادث وفاة الفتاة، وقررت حبس إحدى السيدات وابنتها التي تبلغ من العمر 15 عاما وفتاة أخرى لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات الجارية معهن، بخصوص ابتزازهن للفتاة بصور فاضحة نُشِرَت عبر صفحة على موقع فيسبوك. كما قررت النيابة العامة حبس شخصين آخرين بعد توجيه اتهامات جنائية لهما في القضية، وانتداب الطب الشرعي لتشريح جثة الفتاة، والتحفظ عليها حتى بيان الصفة التشريحية وسبب الوفاة، لتحديد وجود شبهة جنائية من عدمه.
وقال أحد أقرباء الفتاة في اتصال هاتفي مع بي بي سي إن خلافات الجيرة بين أسرة الفتاة المُنتَحِرَة وإحدى السيدات التي تسكن بجوارها وابنتها - التي تدرس مع الفتاة المنتحرة في نفس المدرسة - تسببت في واقعة الانتحار.
وأوضح قريب الفتاة أنه علم من خلال أقارب لهم يعملون في الأردن بوجود صفحة على فيسبوك تحتوي على صور فاضحة وصفها بـ"المُفبركَة" للفتاة، وأنها فور علمها بهذا الأمر خشيت من رد فعل والدها الذي يعمل في القاهرة، وتناولت حبة الغِلال السامة التي تُستخدَم في حِفظ المحاصيل الزراعية ما أدى إلى وفاتها قبل وصولها إلى المستشفى.
وحسب بيان وزارة الداخلية المصرية، الذي تم نشره في الصفحة الرسمية للوزارة على موقع فيسبوك، "تم ضبط المتهمين وبمواجهتهم إعترفوا بتداول الصور المشار إليها فيما بينهم عقب قيام أحد المتهمين بإرسالها إلى المتهم الثانى الذى قام بإرسالها إلى نجلتى جارة المجنى عليها ، حيث قامت جارة المجنى عليها بمساعدة إحدى نجلتيها بإستغلال الصور وتهديد الشاكيتين بنشرها فى حالة عدم حضورهما لمسكنهما للإعتذار لهما لوجود خلافات جيرة بينهما".
ضغوط نفسية هائلة
ومن جانبه قال والد الضحية في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية إن صور ابنته، كما ظهرت على صفحة الفيس بوك، مفبركة واستخدم فيها برنامج الفوتوشوف لإدراج مشاهد إضافية مشينة عليها.
ويبدو أن الفتاة الضحية تعرضت لضغوط نفسية كبيرة خوفا من لوم الأهل وما قد تلحقه تلك الصور، وإن كانت مزيفة، من عار بأسرتها في بيئة محافظة.
ويشكل تكرار حادثة انتحار مراهقتين نتيجة ابتزاز الكتروني في مصر في غضون ثلاثين يوما، وقبلهما انتحار شابة أخرى في أكتوبر الماضي ، عرفت إعلاميا بفتاة الهرم بسبب تعرضها للابتزاز، مصدر قلق بالغ للمجتمع المصري والسلطات على حد سواء.
لا توجد إحصاءات دقيقة بمدى انتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني في مصر، غير أن لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري أحصت في العام 2018 تقديم 1038 بلاغاً بجرائم إلكترونية مختلفة، بينها حالات ابتزاز، خلال شهرين فقط.
وتبقى جرائم الابتزاز الإلكتروني والفبركة والتهديد وانتهاك الحرية الشخصية والتصوير بدون إذن شائعة في مصر. علاوة على كونها تشكل عبئا كبيرا على الأجهزة الأمنية وتهديدا للاستقرار الاجتماعي.
ويعزو البعض انتشار هذا النوع من الجريمة لليونة العقوبات التي ينص عليها القانون الجنائي وكونها غير رادعة. وتحدد المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عقوبات بالسجن لمدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تتجاوز 100 ألف جنيه مصري.
ومن المؤكد أن تتزايد حدة الاستياء من بنود القانون الجنائي الحالي، وتتعالى أصوات من داخل مؤسسة البرلمان المصري ومن نشطاء حقوقيين وإعلاميين ومشاهير للمطالبة بضرورة وضع عقوبات صارمة ورادعة لجرائم الابتزاز الإلكتروني وتغليظها. حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات