تتجلى الإرادة حينما ينبض القلب بالإيمان... هكذا كانت ترى الحياة إذ لم يعتريها الخوف حيال العرف الاجتماعي الذي تعتش به، كان لابد لها أن تواجه المجتمع بقلب من حديد لتصل إلى غايتها المنشودة ان تكون هي ختام أو كما تُحب أن يناديها الأصدقاء (تومه).
استقلت بحفاوة أول فرصة عمل لتثبت ذاتها في المشغولات اليدوية، الأمر بدا متعب ولم تجد عزاءها في تلك الأشرطة والخيوط وشذرات الكريستال.
الجلساء حولها أخبروها أن لا جدوى مما تفعله، اكتفِ بانتظار شريك العمر فهذا حال قريناتك من بنات عمومتك!
قد حصلتِ على شهادة أكاديمية إلى ماذا تسعين بعد؟ لمن العيب على الفتاة أن تطالب بالاستقلال المادي والعمل والتحرر ونحن نصارع تقليعات تنحدر بنا إلى الهاوية!
لم تكترث تومه لأقاويلهم المحبطة فقد كانت تتسلح بالعزيمة، لم تشأ أن تبقى حبيسه جدران بيتهم شرقي الطراز المنحدر من أصول بابلية، تقطن داخل قوقعة لا يجوز ولا يمكن ولن يكون، أرادت أن تحطم تلك القيود المتزمتة.
كان لخروجها يوميا بالتجوال بين شجيرات ونخيل بستانهم الشاسع بداية ولادة لفكرة قدحت بخيالها الخصب فأشرعت باغتنامها كفرصة مثمرة لثبت ذاتها مدافعةً عن كيانها أمام جبروت وسطوة أعرافهم الصارمة!.
كان لجوالها الصغير نصيب في ولوجها بعالمها الزاخر بالفن بعدما راقت لها فراشة تتنقل بين زهور الرمان تخفق جناحيها بنشاط تستنشق الرحيق وتطير معلنةً الانتصار في عملها!
فراشة صغيرة توثق عملها الصباحي المعتاد لتكون عنصرا فعالا في دورة الطبيعة والحياة..
فكيف بشخص أن يستسلم ببساطة دون خوض معركته يظهر بها مكنون ابداعه ويصنع من المستحيل ممكنا!
انطلقت ختام لشد لجام الأمر بحسم مع ذويها وعلى رأسهم والدها فقد كان حريصا جدا على بناته الخمسة فهو لم يرزق بصبي إلا بعد سنين طوال هذا ما جعله يكون أكثر شدة وصلابة لربما يمنحهن الأمان من سطوة الأيام إن تكالبت عليهن الحياة.
كان الرفض أول جملة تلقتها فلا يوجد فتاة في العائلة تحمل كامرة لتصور من هب ودب! هذا العمل مشين ويسيء إلى عائلتنا وأعرافنا (اغلقي الموضوع) قالها بإصرار ودلف إلى حجرته ممتعضًا.
دمعاتها التي كانت كالودق زادتها صلابة وراحت تبحث عن وسيلة أخرى تنمي بها هوايتها في فن التصوير الفوتوغرافي وقد ساعدها تخصصها الأكاديمي في ذلك لكونها درست تكنولوجيا المعلومات.
عالمها الآخر كان خير جليس لها عبر مواقع التواصل حينما أنشأت حسابها الخاص عبر (الانستكرام) نقلت من خلاله حياة فن الطبيعة، كانت جل صورها عن طبيعة بستانهم الخلاب للحشرات والزهور وغروب الشمس وشروقها، تلقت نصائح من المتابعين لزاويا التصوير الصحيحة كما شاركت بدورات تدريبية ومسابقات تصويرية عبر المنصات الالكترونية لتتميز وتتألق وتصبح نجمة في سماء التصوير..
كانت مهمة الاقناع هذه المرة أسهل حينما شهد والدها ابداع ابنته المحبة للحياة تومه وها هو يمنحها حرية العمل والثقة باختيارها.
كانت أول انطلاقة لها إشراقة جديدة حينما حملت الكاميرا بثقة لا مناص منها، وما إن لبثت حتى شقت طريقها في التصميم لتنال فرصة عمل في مؤسسة محترمة مارست بها هوايتها ونشاطاتها الأخرى.
هكذا كانت لها الحياة معادلة صعبة غير انها ممكنة لم تتوارى خلف جدران الانكسار حينما رفض ذويها مشروعها كمصورة بل واصلت مشوراها لتثبت لهم قدرتها حتى يؤمنوا بها، فاعتلت سلم النجاح دون وجل محفوفةً برضا والدها ودعاء أمها.
كانت محبة للعمل الذي يعد شرف وطهر ورسالة مقدسة تترجم ارادتنا دون المساس بأعرافنا الدينية والاجتماعية نصل به للثقة بالنفس والارادة وتحقيق الذات والاكتفاء، كما يمكن أن يكون سنداً في الحياة الزوجية في مراعاة الزوج والأطفال، فما أجمل أن تتجمل بالعطاء، فهو عطاء لذويك وللمجتمع ثم لنفسك. ولتحقيق أي شيء ذو قيمه علينا بثلاث أساسيات عظيمة وهي: العمل الجاد، والتمسك به، والسلوك الحسن، وفي ختام حكاية ختام التي كانت أنموذجًا لتحقيق هدفها نقول لكم: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" .
اضافةتعليق
التعليقات