لا يُعد التضليل الإعلامي نهجًا حديثًا وطارئًا في حياة الصالحين فالنشاط الإعلامي والتغطية الإعلامية كانت منذ القدم لكنها تطورت مع مرور الزمن.
وطالما كان هناك نشاط إعلامي فإن عمليات التضليل في أساليب نقل الخبر وتداوله، تصبح جزءًا من هذا النشاط بطبيعة الحال كما يوجد السكر لابد من وجود الملح.
ومع تزايد وتيرة الحراك السياسي في حياة الامام الحسن وتنامي الدور الكبير للإعلام في تحديد مسارات الصراع بين ال آمية، وترجيح الكفة لصالح قوة معينة على حساب الجهة الأخرى التي هي الارجح، من خلال طريقة نقل وتداول الخبر والروايات.
فمفهوم التضليل الإعلامي هو عرض جزء من الحقيقة أو البناء الخاطئ على حقائق واضحة وثابتة وموثقة وذلك للوصول إلى تحقق الهدف من وجود هذا البناء الخاطئ في المفاهيم أو الخلط بين مفهومين أو أكثر على اعتبار أنها مترادفات لمعنى واحد، وذلك في غياب وتغييب مفهوم كل عنصر من عناصر الخليط على حده .
فإن كانت وسائل الإعلام قادرة على نشر المعرفة وتزويد الناس بالمعلومات والحقائق الكفيلة بتوسيع آفاقهم، فإنها تستطيع أيضًا تزييف الحقائق، ومن ثم تستطيع أن تفرض على الناس مفاهيم وآراء مضادة فقد قال الفيلسوف والمفكر الصيني (تزو) قبل أكثر من خمسمائة عام قبل الميلاد عن الانتصار والهزيمة إذ يُعرفها (إذا عرفت نفسك وعرفت عدوك فلا حاجة من الخوف من مئة معركة. أما إذا عرفت نفسك ولم تعرف عدوك فكل نصر تحرزه سيقابله هزيمة تلقاها. أما إذا لم تعرف نفسك ولم تعرف عدوك فإنك ستهزم في كل معركة).
فيتم استضافة غير أهل الاختصاص ممن يسمون أنفسهم أتباع أو رجال ليس لديهم العمق الفكري والديني فينعقون مع كل ناعق فلا حياد في مواجهة التضليل، ولهذا من الضروري الانتقال من ثقافة التبرير من المتخصصين الذين تحركهم مصالح وحسابات وليس كلمة الحق كما يريدها الله ورسوله وصالح المؤمنين.
عزلة الامام الحسن وعدم التعاون مع معاوية أنموذجا
إن الإمام الحسن تعرض إلى الكثير من التضليل الإعلامي والكذب فكانت سلطة معاوية تدفع الأموال في سبيل تضليل الأخبار عن الحسن المجتبى.
فعندما أراد مغادرة الكوفة، اجتمع جماعة من الخوارج في النخيلة ليحاربوا معاوية، فكتب معاوية إلى الحسن بن علي وطلب منه أن يرجع ويقاتلهم، لكن الإمام رفض، وردّ عليه: لو أردت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة، لقاتلتك وعندما خرجت جماعة أخری من الخوارج بقيادة حوثرة الأسدي على معاوية، طلب معاوية من الإمام الحسن (عليه السلام) أن يقف أمامهم ويردهم، لكن الإمام رد عليه بنفس الكلام، معتبرا أن مقاتلته أولى من محاربة هؤلاء.
هناك روايات تحدثت عن المواقف السلبية للأمويين تجاة الإمام الحسن. وقد ورد في كتاب الاحتجاج مناظرات للإمام الحسن مع معاوية وجماعته وكان فيها التضليل الإعلامي .
الإقامة في المدينة والمرجعية الدينية
مع أن بعض الشيعة طلبوا من الإمام الحسن (عليه السلام) البقاء في الكوفة، وذلك بعد انعقاد الصلح مع معاوية، لكنه عاد إلى المدينة وبقي هناك حتى آخر عمره، إلا ما ندر من رحلاته إلى مكة والشام، وورد في كتاب الكافي أن الإمام المجتبى بناء على وصية الإمام علي (عليه السلام) تولى أوقافه وصدقاته من بعده.
والعجيب أن يقوم بعض ممن يدعون محبة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بترديد ما يروج له الإعلام المضلل القديم والحديث بتكريس كلمة الصلح فقط والتسويق لها بطريقة لا تخلو من الخضوع والاستسلام للسلطات بإسم صلح الإمام الحسن وكل ذلك يأتي تحقيقا للتضليل الإعلامي لسيرة الإمام الحسن (عليه السلام) .
اضافةتعليق
التعليقات