لم يمض بعد شهران على وفاة الرئيس السابق، جون ماغافولي (61 عاما) ومع هذا يبدو أن نائبته التي أدت اليمين الدستورية بعد وفاته تتبع مسارا مختلفا سواء فيما يتعلق بتعاملها مع وباء كورونا أو حرية الإعلام أو مع المعارضة، إذ استخدمت أسلوبا جديدا، وكانت تعليقاتها في معظمها هادئة وحاسمة.
ومع ذلك، تبدو سامية حسن غير مرتاحة عندما تُعقد مقارنات بينها وبين الرئيس الراحل، حتى أنها انزعجت وطلبت من المشرعين في تنزانيا أن يتوقفوا عن الكشف عن أوجه التناقض بينها وبين ماغافولي.
وبعد شهر على أدائها اليمين الدستورية، قالت سامية حسن لأعضاء مجلس النواب: "تابعتُ الجدل الدائر، ولا بد لي من القول إنه غير مفيد لأمتنا".
لكن "من المستحيل تقريبا عدم عقد مقارنات"، وفقا للصحفي والمعلق السياسي جيس كوايو. "إنها.. حكيمة وتتمتع بالصرامة والاهتمام بالتفاصيل. كما أنها على دراية بالطرق المناسبة للتواصل وتصحيح الأخطاء".
ومنذ أن اعتلت المنصة لأول مرة كرئيسة للبلاد، كانت الهالة المحيطة بها وسلوكها العام والكلمات التي اختارتها تعِد بنمط قيادة مختلف تماما؛ نمط لم تختبره تنزانيا من قبل منذ أن وصل ماغافولي، الملقّب بالبلدوزر، إلى السلطة عام 2015.
يصفها مدير تحرير الجمهورية للإعلام، ديوتاتوس باليلي، بأنها ديبلوماسية و"عندما يتلعثم الآخرون، تتقدّم بتصريحات جريئة".
"تدرك أنه لا يمكن لمواطني تنزانيا أن يعيشوا بعزلة، وتعرف أنه علينا أن نكون جزءا من إحدى المنظومات والكيان العالمي".
وربما يتجلى أكبر اختلاف في نهجها الجديد من خلال تعاملها مع كوفيد-19.
كان ماغافولي قد سخر من التحذيرات العالمية حول وباء كورونا وقلل من خطر الفيروس، رافضا أن يسمح بإدخال اللقاح إلى البلد. وصرّح مرة بأن الصلوات في تنزانيا قد هزمت الفيروس.
ولا توجد إحصاءات موثوقة عن الإصابات أو الوفيات بسبب الفيروس في تنزانيا لأن حكومة ماغافولي توقفت عن إصدار هذه الأرقام منذ مايو/أيار الماضي.
وفي المقابل، أقرّت الرئيسة سامية أنه لا يمكن لبلدها ألا تحرك ساكنا بخصوص الفيروس.
وخلال أول ثلاثة أسابيع لها في منصبها الجديد، شكّلت هيئة خبراء لتقديم النصح حول وضع الفيروس في البلد والخطوات الواجب اتخاذها لضمان أمان الناس.
كما شوهدت وهي ترتدي القناع الواقي، وهو أمر لم يفعله ماغافولي أبدا حتى عندما كان في زيارة إلى أوغندا.
ولا يزال من المبكر معرفة ما إذا كانت تصريحاتها قادرة على إحداث تغييرات كبيرة فيما يتعلق بتصورات الناس لكوفيد-19، علما أن هيئة الخبراء لم تعلن بعد عن أية سياسات جديدة.
ويتطلع كثيرون لمعرفة موقفها من اللقاح خاصة بعد الإعلان عن السلالات الجديدة من الفيروس في أنحاء العالم. كما ينتظر الناس معرفة ما إذا كانت ستفرض إغلاقا عاما وحظرا للتجول كطريقتين لاحتواء الفيروس - وهما أمران كان سلفها قد رفضهما.
مثل هذه الإجراءات ستؤثر على ملايين الفقراء في تنزانيا، إلى جانب التجار غير المسجلين الذين يشكلون قاعدة الدعم لحزب تشاما تشا مابيندوزي الحاكم.
إن أرادت الرئيسة سامية أن تتخذ ذاك المسار فهي بحاجة لأن تستخدم قدراتها في الإقناع لتحاجج بأن الإجراءات التقييدية ستكون في صالحهم.
وهي تمتلك بالفعل هذه المزايا، وفقا للصحفي والمعلق السياسي جيس كوايو.
لفتت الرئيسة سامية انتباه الأمة لأول مرة عام 2014 عندما انتخبت نائبة رئيس الجمعية الدستورية المكلفة بإعداد مسودة الدستور الجديد.
وعُرفت بأنها "قائدة ناضجة ومتماسكة وتتمتع بالقدرة على الموازنة بين الآراء المتعارضة".
ونتج عن إرادتها الاستماع لآراء مختلفة وسلوك جديد اتبعته وسائل الإعلام.
كانت حكومة الرئيس ماغافولي مسؤولة عن إغلاق العديد من وسائل الإعلام، كما اتهمت بالاعتداء على صحفيين وإلقائهم في السجون. كما اعتقل عدد من السياسيين والنشطاء ممن عارضوا الرئيس السابق علنا.
غصن زيتون
ويبدو أن الرئيسة سامية تعيد فتح المجال للنقاشات العامة.
طلبت الرئيسة من وزارة الإعلام إلغاء قرارات سابقة قائلة إن الحكومة "لا ينبغي أن تعطي الناس فرصة للقول إنها تحد من حرية الصحافة".
كما تواصلت الحكومة مع المعارضة بهدف مناقشة "أفضل الطرق لقيامهم بنشاطاتهم السياسية لصالح الدولة".
وحظيت الرئيسة سامية بسمعة حسنة لأنها تحمل غصن سلام بعد قيامها بزيارة لزعيم المعارضة، توندو ليسو، في المستشفى عام2017 بعد أن تعرض لإطلاق نار عدة مرات من قبل مسلحين كانوا يحاولون اغتياله. وكانت المسؤولة الوحيدة التي تتخذ مثل تلك الخطوة.
كما يتوقع أن تتخذ الرئيسة موقفا أقل عدائية، مقارنة بموقف الرئيس ماغافولي، حيال الشركات الدولية العاملة في البلد.
عام 2017، تلقت شركة (Acacia Mining)، وهي شركة تابعة للشركة الكندية الأم (Barrick Gold)، فاتورة ضريبية لا تصدق بقيمة 190 مليار دولار قالت الحكومة إنها مستحقة، رغم أنها نفت ارتكاب أية مخالفات. تمكنت الشركة الأم من تخفيض الفاتورة كجزء من تسوية مع الحكومة، والتي تضمنت تقاسم المنافع الاقتصادية في المستقبل بشكل أكثر إنصافا.
كما قيّد ماغافولي الشركات الإقليمية من دخول السوق التنزانية وشدد القيود على البضائع غير المعالجة القادمة من دول مثل كينيا.
يقول سانجاي روجاني، الذي يرأس منتدى الرؤساء التنفيذيين إن "أسلوبها المتبع حتى الآن يقوم على الترويج للاستثمار وتنشيط التجارة وتوسيع القاعدة الضريبية".
"وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، نحن تواقون لرؤيتها تدخلنا أكثر في مسارات الحكومة التي تعمل على بناء تنزانيا".
ومن المقرر أن تبدأ الرئيسة سامية يوم الثلاثاء (4 مايو/أيار) جولتها الدولية الثانية خلال الأسابيع السبعة التي أمضتها في السلطة. في حين أجرى الرئيس ماغافولي عشر جولات رسمية للخارج خلال ست سنوات له كرئيس للبلاد.
لذا يقول الصحفي والمعلق السياسي، جيس كوايو، إنها ستكون أكثر انفتاحا على الخارج.
"أنا واثق من أن تنزانيا ستعود إلى الخارطة العالمية. ستلعب دورا في القضايا الإقليمية مثل حل النزاعات كما أنها ستمثل بشكل جيد في محافل مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وبالنسبة له فإن نهج الرئيسة سامية المختلف في قيادة الدولة لا يتعلق بتلطيخ سمعة سلفها بل يتعلق "باختيارها الديمقراطية.. والتخلص مما كان يخنقها".
ولا يزال عليها العمل على اتخاذ مسار يجمع بين الحكومة السابقة - التي كانت هي جزءا منها - وبين نمط إدارة جديد يتقبل آراء أكثر تنوعا. حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات