• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

شأن الأفكار في حياة الأمم

ولاء عطشان / الخميس 15 آذار 2018 / ثقافة / 2458
شارك الموضوع :

بعد أن بيّنّا أن الأخلاق النفسية للعروق ذات ثبات عظيم، وأن تاريخ الأمم يُشتق من هذه الأخلاق، وأوضحنا كيف يمكن العناصر النفسية أن تتحول مع ال

بعد أن بيّنّا أن الأخلاق النفسية للعروق ذات ثبات عظيم، وأن تاريخ الأمم يُشتق من هذه الأخلاق، وأوضحنا كيف يمكن العناصر النفسية أن تتحول مع الزمن بتراكمات وراثية بطيئة كما تتحول العناصر التشريحية للأنواع، وعلى مثل هذه التحولات يتوقف تطور الحضارات إلى أبعد حدّ.

والعوامل التي تؤدي إلى إحداث تغيرات نفسية متنوعة، فترى للاحتياجات وللمنافسة الحيوية ولبعض البيئات ولتقدم العلوم والفنون وللتربية وللمعتقدات وغيرها عملها...

وتثبت دراسة مختلف الحضارات التي تعاقبت منذ بدء العالم أـن هذه الحضارات مسيّرة في نشوئها بعدد قليل من المبادئ الأساسية، ولو رُدَّ تاريخ الأمم ما بدا طويلاً أبداً، وإذا ما وفقت الحضارة في قرن واحد لإحداث مبدأين أو ثلاثة مبادئ أساسية موجهة في ميدان الفنون أو العلوم أو الآداب أو الفلسفة أمكن عدها ذات نضارة استثنائية.

ولا تكون المبادئ ذات عمل حقيقي في روح الأمم إلا إذا هبطت بنضج بطيء جداً من مناطق الفكر المتحولة إلى المنطقة الثابتة اللاتنبهية للمشاعر حيث تنضج عوامل سيرنا، وهنالك تغدو تلك المبادئ عناصر أخلاق فتقدر على التأثير في السير، والأخلاق تتكون من بعض الوجوه من تنضُّد المبادئ اللاشاعرة.

وإذا ما نضجت المبادئ نضجاً بطيئاً عظم سلطانها لما لا يبقى للعقل من سيطرة عليها، ولا يؤثر في المؤمن..

وإذا ثبت أن المبادئ لا تكون مؤثرة إلا بعد هبوطها من دوائر الشعور إلى دوائر اللاشعور أدركنا السبب في أنها لا تتحول إلا ببطء كبير، وفي أن المبادئ الموَجِّهة للحضارة قليلة العدد إلى الغاية، وفي أنها تتطور في زمن طويل، ولنا أن نهنئ أنفسنا بأن الأمر كذلك، وإلا لم تستطِع الحضارات أن تكون ذات ثبات، ومن حسن الحظ أيضاً أن المبادئ الجديدة تُنتحل مع الوقت، ولو كانت المبادئ القديمة ثابتة ثباتاً مطلقاً لم تُحقِّق الحضارات أي تقدم كان، ولِما عليه تحولاتنا النفسية من بطوء وجب انقضاء عدة أجيال ليتم الفوز للمبادئ الجديدة، ووجب انقضاء عدة أجيال أيضاً حتى تزول هذه المبادئ.

وأشد الأمم تمدناً هي الأمم التي تجلَّت فيها الأفكار الناظمة على مقياس واحد من التحول والثبات، والتاريخ حافل ببقايا الأمم التي لم تقدر على حفظ هذا التوازن.

وإذا ما تحول المبدأ إلى مشاعر وغدا عقيدة دام فوزه زمناً طويلاً، وذهب كل عمل يأتيه العقل في سبيل زعزعته أدراج الرياح. ومما لا مراء فيه أن المبدأ الجديد يعاني أيضاً ما عاناه المبدأ الذي حل محله، فيَهْرَم ويميل إلى الزوال، غير أنه لا بد من أن يعاني قبل اندثاره التام أدواراً من المسخ والتحريفي عدة أجيال، ولكبير وقت يظل المبدأ قبل أن يموت بأسره جزءاً من المبادئ الموروثة المُسنّة التي نصفها بالأوهام، ولكن مع الاحترام، وعلى ما لا يعود به المبدأ القديم غير كلمة أو صوت أو سراب تراه حائزاً لقدرة سحرية يستمر بها على إخضاعنا لحكمه.

وهكذا ترى للناس في كل جيل وعرق طائفة من الأفكار المتوسطة التي يتشابهون بها تشابهاً عجيباً بفعل الوراثة والتربية والبيئة والعدوى والرأي، تشابهاً تعرف به الدور الذي عاشوا فيه بإنتاجهم الفني والفلسفي والأدبي بعد أن تثقل وطأة القرون عليهم. أجل، لا يمكننا أن نقول إن بعضهم كان ينقل من بعض نقلاً مطلقاً، ولكن الذي كان مشتركاً بينهم هو تماثلهم في طُرُز الإحساس والتفكير تماثلاً يؤدي إلى إنتاجات متقاربة إلى الغاية بحكم الضرورة.

ولنا أن نفرح بذلك؛ وذلك لأن روح الأمة تتألف من شبكة التقاليد والمبادئ والمشاعر والمعتقدات وطُرُز التفكير، وقد أبصرنا أن متانة هذه الروح تكون بنسبة قوة تلك الشبكة لا تنفك من غير أن يؤدي ذلك إلى انحلال هذه الأمم في الحال، وتلك الشبكة هي قوة الأمة الحقيقية..

ولا يزال الرجل المعاصر يبحث عن المبادئ التي تصلُح أساساً للحالة الاجتماعية القادمة، وهنالك الخطر الذي يحيق بها، وبيان الأمر أن تحولات المبادئ الأساسية هي العناصر المهمة في تاريخ الأمم والقادرة على تغيير مصيرها، لا الثورات والحروب التي يمحي ما تؤدي إليه من تخريب بسرعة، وتلك التحولات لا تتم من غير أن يؤدي ذلك إلى تحول جميع عناصر الحضارة دفعة واحدة، فالثورات الحقيقية، هي أخطر الثورات على حياة الأمة، هي التي تَحدُث في أفكارها.

من كتاب (السنن النفسية لتطور الأمم) لغوستاف لوبون
الانسان
الفكر
المجتمع
التاريخ
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    من النبوة إلى الإمامة: أحفاد النبي محمد ومسار استمرار الرسالة

    عندما يُقيمُ القلب موسمهُ

    التحول الرقمي في التعليم: فرصة أم أزمة؟

    دراسة: عشاق القهوة في مزاج أفضل بعد فنجانهم الأول في الصباح

    عن فضيلة السكون في عالمٍ لا يصمت

    تقدير الطفل لذاته وانعكاسه على الثقة والنجاح

    آخر القراءات

    من يخلق مشاكل المجتمع؟

    النشر : الثلاثاء 28 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الخروج قبل عرفة: موقف الإمام الحسين بين قداسة المكان وخطر الاستهداف

    النشر : الأحد 22 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    ما لا يراه الآخرون

    النشر : الأربعاء 15 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    ملتقى خادمات المنبر الحسيني بنسخته الرابعة في جمعية المودة والازدهار

    النشر : الأحد 22 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    تأثير العوامل الداخلية على بناء الانطباعات والأحكام

    النشر : الخميس 27 حزيران 2024
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    كيف يصبح الموالي مُنتظراً؟

    النشر : الأثنين 13 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 780 مشاهدات

    العنف المسلح لا ينبع بالضرورة من اضطرابات نفسية.. بحسب خبراء

    • 386 مشاهدات

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    • 355 مشاهدات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    • 346 مشاهدات

    كيف تربي خيالاً لا يريد البقاء في رأسك؟

    • 336 مشاهدات

    التفكير غير المنضبط

    • 334 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1381 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1346 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1227 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1147 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1069 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1068 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    من النبوة إلى الإمامة: أحفاد النبي محمد ومسار استمرار الرسالة
    • منذ 7 ساعة
    عندما يُقيمُ القلب موسمهُ
    • منذ 7 ساعة
    التحول الرقمي في التعليم: فرصة أم أزمة؟
    • منذ 7 ساعة
    دراسة: عشاق القهوة في مزاج أفضل بعد فنجانهم الأول في الصباح
    • منذ 7 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة