• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

شأن الأفكار في حياة الأمم

ولاء عطشان / الخميس 15 آذار 2018 / ثقافة / 2400
شارك الموضوع :

بعد أن بيّنّا أن الأخلاق النفسية للعروق ذات ثبات عظيم، وأن تاريخ الأمم يُشتق من هذه الأخلاق، وأوضحنا كيف يمكن العناصر النفسية أن تتحول مع ال

بعد أن بيّنّا أن الأخلاق النفسية للعروق ذات ثبات عظيم، وأن تاريخ الأمم يُشتق من هذه الأخلاق، وأوضحنا كيف يمكن العناصر النفسية أن تتحول مع الزمن بتراكمات وراثية بطيئة كما تتحول العناصر التشريحية للأنواع، وعلى مثل هذه التحولات يتوقف تطور الحضارات إلى أبعد حدّ.

والعوامل التي تؤدي إلى إحداث تغيرات نفسية متنوعة، فترى للاحتياجات وللمنافسة الحيوية ولبعض البيئات ولتقدم العلوم والفنون وللتربية وللمعتقدات وغيرها عملها...

وتثبت دراسة مختلف الحضارات التي تعاقبت منذ بدء العالم أـن هذه الحضارات مسيّرة في نشوئها بعدد قليل من المبادئ الأساسية، ولو رُدَّ تاريخ الأمم ما بدا طويلاً أبداً، وإذا ما وفقت الحضارة في قرن واحد لإحداث مبدأين أو ثلاثة مبادئ أساسية موجهة في ميدان الفنون أو العلوم أو الآداب أو الفلسفة أمكن عدها ذات نضارة استثنائية.

ولا تكون المبادئ ذات عمل حقيقي في روح الأمم إلا إذا هبطت بنضج بطيء جداً من مناطق الفكر المتحولة إلى المنطقة الثابتة اللاتنبهية للمشاعر حيث تنضج عوامل سيرنا، وهنالك تغدو تلك المبادئ عناصر أخلاق فتقدر على التأثير في السير، والأخلاق تتكون من بعض الوجوه من تنضُّد المبادئ اللاشاعرة.

وإذا ما نضجت المبادئ نضجاً بطيئاً عظم سلطانها لما لا يبقى للعقل من سيطرة عليها، ولا يؤثر في المؤمن..

وإذا ثبت أن المبادئ لا تكون مؤثرة إلا بعد هبوطها من دوائر الشعور إلى دوائر اللاشعور أدركنا السبب في أنها لا تتحول إلا ببطء كبير، وفي أن المبادئ الموَجِّهة للحضارة قليلة العدد إلى الغاية، وفي أنها تتطور في زمن طويل، ولنا أن نهنئ أنفسنا بأن الأمر كذلك، وإلا لم تستطِع الحضارات أن تكون ذات ثبات، ومن حسن الحظ أيضاً أن المبادئ الجديدة تُنتحل مع الوقت، ولو كانت المبادئ القديمة ثابتة ثباتاً مطلقاً لم تُحقِّق الحضارات أي تقدم كان، ولِما عليه تحولاتنا النفسية من بطوء وجب انقضاء عدة أجيال ليتم الفوز للمبادئ الجديدة، ووجب انقضاء عدة أجيال أيضاً حتى تزول هذه المبادئ.

وأشد الأمم تمدناً هي الأمم التي تجلَّت فيها الأفكار الناظمة على مقياس واحد من التحول والثبات، والتاريخ حافل ببقايا الأمم التي لم تقدر على حفظ هذا التوازن.

وإذا ما تحول المبدأ إلى مشاعر وغدا عقيدة دام فوزه زمناً طويلاً، وذهب كل عمل يأتيه العقل في سبيل زعزعته أدراج الرياح. ومما لا مراء فيه أن المبدأ الجديد يعاني أيضاً ما عاناه المبدأ الذي حل محله، فيَهْرَم ويميل إلى الزوال، غير أنه لا بد من أن يعاني قبل اندثاره التام أدواراً من المسخ والتحريفي عدة أجيال، ولكبير وقت يظل المبدأ قبل أن يموت بأسره جزءاً من المبادئ الموروثة المُسنّة التي نصفها بالأوهام، ولكن مع الاحترام، وعلى ما لا يعود به المبدأ القديم غير كلمة أو صوت أو سراب تراه حائزاً لقدرة سحرية يستمر بها على إخضاعنا لحكمه.

وهكذا ترى للناس في كل جيل وعرق طائفة من الأفكار المتوسطة التي يتشابهون بها تشابهاً عجيباً بفعل الوراثة والتربية والبيئة والعدوى والرأي، تشابهاً تعرف به الدور الذي عاشوا فيه بإنتاجهم الفني والفلسفي والأدبي بعد أن تثقل وطأة القرون عليهم. أجل، لا يمكننا أن نقول إن بعضهم كان ينقل من بعض نقلاً مطلقاً، ولكن الذي كان مشتركاً بينهم هو تماثلهم في طُرُز الإحساس والتفكير تماثلاً يؤدي إلى إنتاجات متقاربة إلى الغاية بحكم الضرورة.

ولنا أن نفرح بذلك؛ وذلك لأن روح الأمة تتألف من شبكة التقاليد والمبادئ والمشاعر والمعتقدات وطُرُز التفكير، وقد أبصرنا أن متانة هذه الروح تكون بنسبة قوة تلك الشبكة لا تنفك من غير أن يؤدي ذلك إلى انحلال هذه الأمم في الحال، وتلك الشبكة هي قوة الأمة الحقيقية..

ولا يزال الرجل المعاصر يبحث عن المبادئ التي تصلُح أساساً للحالة الاجتماعية القادمة، وهنالك الخطر الذي يحيق بها، وبيان الأمر أن تحولات المبادئ الأساسية هي العناصر المهمة في تاريخ الأمم والقادرة على تغيير مصيرها، لا الثورات والحروب التي يمحي ما تؤدي إليه من تخريب بسرعة، وتلك التحولات لا تتم من غير أن يؤدي ذلك إلى تحول جميع عناصر الحضارة دفعة واحدة، فالثورات الحقيقية، هي أخطر الثورات على حياة الأمة، هي التي تَحدُث في أفكارها.

من كتاب (السنن النفسية لتطور الأمم) لغوستاف لوبون
الانسان
الفكر
المجتمع
التاريخ
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    آخر القراءات

    من بلادي نساء حاربن الفقر: بائعة لبن

    النشر : الأحد 17 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    بينَ الشيعة وآل البيت.. علاقة خاصة تكوينية لابد من معرفتها

    النشر : الخميس 11 آيار 2023
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    كيف نواجه الثقافة الاستهلاكية؟

    النشر : الخميس 17 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    معالم دولة الإمام المهدي عليه السلام: بين الازدهار والتطور

    النشر : السبت 20 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    دور الحوزة العلمية في التداول الإسلامي السياسي في العراق

    النشر : الخميس 26 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    ماهي حقيقة بابا نويل؟

    النشر : الخميس 28 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1222 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو": صدفة؟ أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 448 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 443 مشاهدات

    ابتسم… أنت تمضي بلا هوية

    • 432 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 409 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 402 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1596 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1320 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1222 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1177 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 762 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا
    • الخميس 03 تموز 2025
    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين
    • الخميس 03 تموز 2025
    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي
    • الخميس 03 تموز 2025
    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي
    • الخميس 03 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة