إن الكائناتِ موجودةُ بوجود صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، وقد اقتضت الحكمةُ الإلهية أن يُغيب عن الأبصارِ.
فهل هذا يعني أن الكائنات والمخلوقات قد استقلت بوجودها؟
لا بل هي باقية ببقائهِ حيث إنه لا تخلو الأرض من ذاك النور الإلهي وهو حجة الله في أرضهِ، هُنا نقف برهة من الزمن مع أنفسنا لعلنا نصحو من تلك الغفلة التي تخذلنا عن نصرة إمامنا ولننظر إلى أعمالنا التي تُعجلُ ظهورهُ أو تؤخره فالإمام ينتظرُ منا التمهيد لخروجهِ الذي لا يتحقق إلا بالإنتطار البناء الذي له الأجرُ الكبيرُ المذكور في الروايات (طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهورهِ في غيبته) كمال الدين.
فالمؤمن المُنتظر لقدومِ مولاه كلمّا اشتد انتظاره ازداد جهده وعملهُ ليحقق النصرة لصاحب العصر والزمان.
فكيف يصبح الموالي مُنتظراً؟
إن الإنتظار لا يتحقق إلا بهذه الشروط التي يكون الانسان فيها صادقاً لإمام زمانه ومن أهم تلك الشروط:
١- العلم والتهذيب:
يجبُ أن نسعى لكسب العلمِ والمعرفة، فنحن في هذا الزمن ومع تسارع الأحداث وتطور العلوم بحاجة إلى العلم أكثر من أي زمان آخر لنثبت على الصراط المستقيم، ومن تلك العلوم التي تفتح لنا الآفاق علم العقائد والأخلاق والفقه فهي مقدمة للعمل الصالح، وتهذيب سلوكنا وصفاء القلب وطهارة الروح من الذنوب فهي تُساعد على تكامل المؤمن المُنتظر.
٢- معرفة الإمام:
من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةٌ جاهلية، كُلاً منا يتمنى أن تكون خاتمة حياتهُ حسنة فيجب إذن أن نتخذُ السير الصحيح في طريق الحياة وهي معرفة إمام الزمان فمن خلال معرفته سنسيرُ على الصراط المستقيم كما دعانا ربنا إلى ذلك. من الخطأ والزلل الذي يقع فيه البعض حين يظن أن معرفةُ الإمام تقتصرُ على معرفة اسمه واسم أمه وأبيهِ وأنه معصوم من الخطأ نحتاج إلى معرفةٌ أسمى حتى يبلغُ التسليم الإيماني، فمن تلك المعارف الجمة معرفة مقرونة بالإعتراف أنه امام مفترض الطاعة وقائدٌ فعلي للأمة وإن لم يكن عملهُ ظاهراً.
٣- الارتباط:
الارتباط لايتحقق إلا بعد معرفة الإمام، فلهذا قال الإمام الباقر عليه السلام: من مات وهو عارف لإمامه لايضرهُ تقدم هذا الأمر أو تأخر. (الكافي)
كلمّا زادت معرفة الانسان زاد الارتباط بالإمام عليه السلام والإرتباط به واجب شرعي بدليل قوله تعالى في سورة آل عمران، آية 200(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
كلمة رابطوا جاءت بصيغة الأمر وهو من الله تعالى لجميع عبادهِ.
أنواع الانتظار:
١- انتظار تعطيلي: أن نقف كالمتفرج ويحدثُ في الحياة مايحدث ونزين صفحاتنا بكل عبارات الحبِّ والشوق دون أدنى أي عملٍ يقربنا له ويمهدُ طريق طلعته الغراء.
٢- انتظار إعدادي؛ أن نعتقد ونؤمن بغيبته مهما طال الزمن فهو سيظهر لامحال ونعدُ لخروجهِ بأبهى الأعمال وأحسنها.
فالغيبةُ بالنسبة لنا اختبار لإرادتنا ومدى ثباتنا في زمن الانتظار. نحقق الشروط والعمل لظهوره لنُصبح موالين منتظرين حقاً لإمام زماننا الذي قال (أمّا وجهُ الإنتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمسِ إذا غيبها الأبصار السحاب وإني أمانٌ لأهل الأرض كما إنّ النجوم أمانٌ لأهل السماء).
فلا يمكن أن تكون حياة بلا شمس ولا حياة بدون حجة ولا ظهور دون تمهيدٌ وإعداد موالين مُنتظرين. فلنعدّ لذلك اليوم لنصرة الحق..
اضافةتعليق
التعليقات