في كل يوم بعد وجبة الغداء يبدأ تغريدها بالقيم؛ "أستاذة خديجة تقول لازم نقول بسم الله قبل الأكل والحمد لله بعد الأكل ونأكل بهدوء".. تتناول وجبتها الشهية بأدب ومن ثم تهرع مُسرعة لِتُخرج كتاب اللغة العربية ودفترها وتطلب مني مُلحّة على عكس بقية المواد الدراسية بأن تكتب واجباتها في العربي وإن لم يكن لديها وتقول: "اللغة العربية لغة القرآن، أُحبّ لغتي".. أبتسم
وأتأكد بأن من أخبرها بذلك؛ أستاذة خديجة.
نذهب إلى بيوت صديقاتي ترى ضحكاتنا وأحاديثنا، تسرق أُذني لفمها الصغير وتقول؛ ماما سأخبركِ سراً.. استمع لتغريدها بشغف.. قولي ما لديك يا صغيرتي وتقول؛ أستاذة خديجة أخبرتنا أن الصداقة لا تحدّها المظاهر ولا الشكل الخارجي ولا الضحكة المميزة أو اللون والشعر المختلف.. بل هي أكبر بكثير من كل السطحيات والمقاييس، إن الصداقة الإنسانية تعتمد على الروح والأخلاق وإن شئتِ صداقة دائمة باقية عليك أن تحبي الجميع بلا شرط سوى جمال الروح والخُلق.. يعني: "صديق بدون شرط".
تتوهج عينيّ بالفخر، كيف لصغيرتي البالغة من العمر سبعة أن تُذكّرني بالقيم الرفيعة التي قد أكون أنا نسيتها أو تماهت مع ضغوط الحياة وقسوتها وتطوراتها اللعينة، حيث أن جيل التنمية الآن يخبرونا أن نبتعد عن الصديق الناقص السلبي وهذه الصغيرة الفاتنة تؤكد لي بأن أقترب من الناقصين وأُكملّهم بلا شروط!.
أما اليوم فهو يوم الجمعة والساعة قريبة لأذان الظهر تدور بقلب المنزل وتقول شكراً ل الله على يوم الجمعة وبركاتة فهو سيد الأيام الذي يَمُدّنا بالطاقة والحيوية التي تبقى معنا طوال الأسبوع، هل تعلمين يا ماما أنَّ أجر الرجل الذي يُصلّي صلاة الجمعة في المسجد عظيم جدا.. وعلى العكس فأجر المرأة التي تصلي في دارها أعظم، هكذا قال النبي الأعظم وهكذا أخبرتنا أستاذة خديجة.
يا لدهشتي، لم أكن أعتقد فيما سبق أن الطفل مرآة وحسب يعكس ما يراه ويسمعه ويتقنه على التمام دون نقصان وزيادة، برغم جميع الكتب التي قرأتها ودورات التنمية والتربية التي حضرتها أهدت لي هذه المُعلّمة مفتاح التربية ببساطة ذكية؛ أن تحب طلبتها وتجعلهم يحبونها بإبتسامة وكلمة طيبة دائماً ومن ثم تساعدهم على التعلّم الذكي وفنون الأدب وتجاوز نقاط ضعفهم بطريق غير مباشر لا بالقسوة ولا بالتعنيف ولا بالإجبار.
لقد سَمِعَت طفلتي عشرات القيم من جميع الأطراف ولكن التي تبقى ببالها دوما مع التطبيق هي التي تخص معلمتها خديجة وعندما أسألها دوما عن السبب تقول؛ "أستاذة خديجة غير.. تحبنا وتعلمنا بدون شرط".
شكراً أستاذة خديجة لأنكِ ستبقين دوماً بقلب طفلتي، كم تمنيتُ لو كان لدي معلمة تشبه عطائك.
اضافةتعليق
التعليقات