هناك إعتقاد خاطئ حول مفهوم السياسة، حيث يعتقد البعض أن السياسة هي نشاط متعلق بالسلطة السياسية وإدارة الحكم والبلاد وهو اعتقاد يضيق مفهوم السياسة ويتحدد وعي الإنسان بهذا المفهوم، ولتصحيح هذا المفهوم نقول أن السياسة هي علم وفن وتغيير الواقع الإجتماعي نحو الأصلح والأفضل.
فهي علم لأن للسياسة مبادئ وأصول تتحرك في الساحة لتعلم الإنسان كيفية إدارة وتنظيم الناس بشكل صحيح، ومن أجل تحقيق السعادة للجميع ونشر السلام في المجتمع.
والسياسة فن لأنها ممارسة يقوم عليها رجال لهم خبرتهم وحنكتهم السياسية ضمن ضوابط أخلاقية وقوانين شرعية وقيم إنسانية، تعبر عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته دون أن تخرجهم عن إنسانيتهم حتى لا تتحول هذه الممارسة إلى وحشية وإلى ظلم واعتداء على الأرواح والأنفس.
وتهدف السياسة إلى الوصول لحقيقة الأشياء المحيطة بنا في الطبيعة والمجتمع، ومن خلال مجالات الأحداث التي تجري في الواقع، ودراسة الظواهر الإجتماعية التي تريد أن تتعرف عليها.
فإذا كانت السياسة بهذا المستوى فهي ترفع من مستوى الفرد ووعيه، وتقوم بضبط وتنظيم سلوكه في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية، سواء في المنزل أو مع الأسرة أو في كيفية التعامل مع الناس أو في العمل وفي الأمكنة والتجمعات السياسية وغيرها من ممارسة العمل السياسي.
إن ممارسة العمل السياسي تتطلب وعياً سياسياً يكون عند الممارسين لها بل عند كل الأفراد، وسلوكاً منضبطاً وفق المعايير والمقاييس الأخلاقية التي يقتضيها المتنافس الشريف حتى لا يتصف العمل السياسي بالحقد والكراهية والإقصاء، وقد حثّ الإسلام وتعاليمه على التزامات أخلاقية قائمة على التسامح واللين وعدم ممارسة العنف والكلام البذيء والألفاظ الجارحة.
وممارسة العمل السياسي اليوم لا غنى عنه لمكافحة الفساد والظلم، ولتحقيق الإصلاح المنشود في المجتمع بالطرق السلمية والدبلوماسية، ومن أهم عناصر العملية السياسية إبداء الرأي في أي مجتمع وهو بدوره يعكس طبيعة النظام السياسي والإجتماعي لتلك الدولة التي يعيش فيها هؤلاء الناس.
وممارسة العمل السياسي يدعمه ويؤيده الموقف الشرعي من القضايا المصيرية والمشتركة بين المجتمعات البشرية، كما أنه لا تخلو قضية من القضايا السياسية من موقف شرعي يتحدد من خلال الدين ويعطي الفقهاء رأيهم فيه، فالوحدة والأخوة الإيمانية وغيرها من المسائل والمبادئ الرئيسية كالعدل والتعاون على البر والتقوى واجتماع الكلمة وتأصيل الحرية ومبدأ الشورى قضايا شرعية يجب على المسلم الإقرار بها وتأييدها والدفاع عنها.
الدين والوعي السياسي
إن لغياب الوعي السياسي آثار كبيرة على الأمة الإسلامية، يؤدي إلى اضطرابها وتعثر شؤونها وإلى حالة من فقدان التوازن وانعدام الرؤية وضياع لمصالح المسلمين ونهب ثرواتهم والاستيلاء على مقدراتهم، وبالتالي ضعفهم وانهيارهم وتعطل دورهم الذي أراده الله لهذه الأمة..
فهذه الأمة أراد لها الدين وتشريعاته أن تحمل صفة الوعي السياسي ليكون المدخل لمعرفة العصر الذي تعيش فيه حتى تتأقلم مع غيرها من الأمم.
ففي نظر الإسلام وأدبياته إن الوعي السياسي العنصر الأهم في نجاح المشروع الإسلامي وقيام الدولة المرتقبة، فعلى أبناء الأمة الإسلامية أن يكونوا على مستوى عالٍ من الوعي السياسي والإحاطة بالعصر بالتسلح بكل ما تتطلبه الصحوة والوقوف على الوسائل والبرامج التي تقوم بهذا الدور.
طرق رفع مستوى الوعي السياسي
أولاً: تحصيل المعلومة
ثانياً: تحليل المعلومة
ثالثاً: الممارسة والخبرة
رابعاً: التربية والتنشئة
خامساً: التواصل والإتصال
سادساً: مهارات الإتصال والتواصل
سابعاً: الإحساس بالمسؤولية
من كتاب (الوعي السياسي بين الإسلام والديمقراطية) للعلامة الشيخ عبد الشهيد الستراوي
اضافةتعليق
التعليقات