(دوام الحال من المحال) لبساطة كلماتها، عميقة بمعناها المرتبط بأفكارنا والمتجذر بسلوكنا وطبائعنا، من وضعها أمام عينيه كمبدأ وهبته التواضع وأبعدته عن الغرور، وحصّنته من الثقة المطلقة بالآخرين، وردعته عن الأخطاء، وقوة حدسه للمتغير.
لا دوام لشيء إلا وجه ربك ذو الجلال والاكرام، فمقدور قطف سيجارة في أنفاسها الأخيرة أن تلتهم تجارتك العامرة وتحولها إلى رماد وتلعب يد القدر لعبتها فيها ولا تجد غير كلمة (الله يعوضك) تحيطك من الجميع لتتحصن بها خوفا من عاصفة الغضب أن تدمر صحتك، ومن كان متيما بك سيأتي ذلك اليوم الذي يقرر الابتعاد عنك لينال الراحة في هجرك وكلمة (الخيرة فيما اختاره الله) التي تواسي بها نفسك أو أحد يقولها لك تحسها كالسكين يشق صدرك فتضغط عليه بيد الوقت عسى أن يشفى.
ويخرج عزيز عليك ولا يعود، ليقولوا لك أنه (امانة الله وردها إليه) فتقف عاجزا للوهلة الأولى عن التصديق، أمام حكم الله ويقينك الذي كان يخبرك أنه سيشاطرك العمر كله، حتى صحتك تنقلب عليك وتفاجئك بمرض لم تتوقع أنه تكّون وعاش وتفرع داخل جسدك وأنت لا علم لديك به فتتمسك بحبال رحمته مع كل شفاه تنطق (الله يشفيك).
إنه الرحمن الرحيم الأقرب إلينا من حبلِ الوريد، لا نملك أحدٌ سواه، فمن غيره ندق بابه ونلجأ إليه، هو خالقنا، وملجأنا، وحامينا.
من كان يتوقع أن كائن دقيق لا يرى بالعين المجردة يبلغ قطره 125 نانومتر يخرج من أسواق شعبية فقيرة للحيوانات في الصين، يعلن الحرب على اقوى كائنات الأرض ويثير رعبه بقوته وجبروته.
هذا الكائن الأكثر دموية الذي جاء حسب التصنيف من موقع "science alert" للعلوم والمعرفة لأخطر الكائنات المسببة للوفاة خلال سنة واحدة، فكان الانسان أول أخطر الكائنات الحية، حيث بلغ 437 ألف شخص توفي في جرائم قتل في2012، ليتجاوز الحيوانات الشرسة مثل الفيلة التي قتلت 500 بسبب هجوم لها عام 2005 وفرس النهر الذي تسبب بمقتل 466 في سنة واحدة في هجمات متتابعة على القوارب في افريقيا... الخ.
هذه الحرب غير المتكافئة لا في العدة ولا في العدد فالمعهد القومي لبحوث الجينوم البشري للفيروسات الأميركي يؤكد أن فيروس كورونا موجودة بالقرب من الحد الفاصل بين الأحياء وغير الأحياء. فكيف استطاع أن يصيب أكثر من مليون شخص، وحصد أرواح 52 ألف شخص والعدد في تزايد؟!.
وشلت الحياة اليومية، أغلقت المدارس والدوائر والمطاعم والمتاجر في أغلب بلدان العالم، وبات ما يقارب 3 مليار شخص تحت اجراء العزل الوقائي أي نصف سكان مملكة الموت والحياة، ووقف العلم حائرا أمام شراسته وسرعة انتشاره، وأخافت الرأسمالية والمليارديرين المتعجرفين على تداعيات اقتصادهم، وعجز الانسان أمام هذا الكائن الصغير الذي يستهدف خلاياه ويتلفها.
إنها ارادة الله حتى لو صدق القائل من قال مؤامرة أوجدتها يد الهيمنة، والحكمة هي تذكيرنا بالدليل القاطع والعين المجردة وبالطرق التي لا تخطر على بال أحد منا أن (كل مَن عليها فانٍ * وَيبقى وَجه ربكَ ذُو الجَلالِ وَالإكرامِ) والناجي هو من تمسك بحبال رحمته، صدق رب قادر قدير.
اضافةتعليق
التعليقات