غريب أمر الظالم، ما إن يستتب له الامر ويعتلي كرسي حكمه، حتى تنتابه الهلوسات فيستشعر الخطر من كل جانب.. يُصبح خائفا ويُمسي قلقا، ويزداد غيظا وحنقا إذا ما وقف أحد ما بوجهه، وأشار اليه بكلمة.
هكذا هو ديدن الطغاة في كل عصر.. ترتعد اوصالهم من قول كلمة الحقيقة، وترتجف كراسيهم وتهتز عروشهم إذا ما جوبهوا باعتراض، او حتى برأي مختلف لا يتفق مع ميولهم وأمزجتهم ونهجهم الظلامي.
فرعون مصر ذلك الطاغية المتعجرف، وهو من ادّعى لنفسه الربوبية، واستعلى بحكمه حتى قال: انا ربكم الاعلى.
ومع كل الجبروت التي كانت تتصف بها سياسته لبني اسرائيل إلا ان عرشه قد تهاوى بكلمة واحدة، قالتها امرأة ضعيفة لا حول لها ولا قوة وهي ماشطة ابنته.
روي ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه واله قال: لمّا اسري بي شممت رائحة طيبة فقلت لجبرائيل: ما هذه الرائحة الطيبة؟.
قال: هذه رائحة ماشطة آل فرعون واولادها، كانت تمشّط ابنة فرعون فوقعت المشطة من يدها فقالت: بسم الله
فقالت بنت فرعون: أبي؟
فقالت: لا بل ربي وربك ورب أبيك.
فقالت: لأخبرنّ بذلك ابي.
فقالت: نعم.
فأخبرته فدعا بها وبأولادها وقال: مَن ربكِ؟
فقالت: ان ربي وربك الله.
فأمر بتنور من نحاس فأُحمي فيه الزيت، فدعا بها وبأولادها الخمسة وأُلقوا في ذلك التنور واحدا واحدا، ثم ألقيت فيه رضوان الله عليها.
هذا طاغوت الأمس.. اما طاغوت اليوم فحاكم السعودية أبدى من الطغيان ما بزّ به طغاة الامس بأجمعهم... فهو لم يتوانى عن حرق اطفال ونساء اليمن على مرأى ومسمع من العالم كله فحسب، بل احرق الحرث والنسل ومعالم الاثار... أطنان من القنابل والمقذوفات تنزل يوميا من الجو فوق رؤوس اليمنيين، في الاسواق والمدارس وباصات الاطفال وكل الأماكن المكتظة بالناس، واذا ارتفع صوت هنا او هناك، معترضا لما يبديه من غطرسة صبيانية، فانه يزبد ويرعد ويتوعد ويسجن كل صوت حر، يطالبه بوقف المجازر اليومية بحق اهلنا في اليمن...
وما حدث مؤخرا من سجن الداعية المعتدل حسن فرحان المالكي، والحكم عليه بالاعدام، إلا دليلا صارخا على خوف آل سعود من كلمة الحق، ورهبتهم وارتجافهم من كل حنجرة تخالف نهجهم وسياستهم.
إلا أن الغريب حقا في أمر الطغاة، انهم لا يتّعظون بمن سبقهم من طواغيت عاثوا في الارض فسادا وتقتيلا وحرقا، ولا يتفكرون في مآلهم وما سينتظرهم في دنياهم من زوال ملكهم وتزلزل عروشهم كما فُعل بأسلافهم من قبل، وكما أن الظالمين صفاتهم متشابهة فكذلك مصائرهم هي الاخرى متشابهة.. فلا مهرب من لقاء المنتقم الجبار، في يوم القصاص العادل اذ توضع الموازين القسط في محكمة العدل الالهية.
فيقول عز من قائل:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: 42].
اضافةتعليق
التعليقات