العولمة، المصطلح الذي ربما سبب قلق ثقافي كبير بالنسبة للكثير من الشعوب التي حكمتها ظروف صعبة وحرية مقيدة بسبب جبروت الحكام، وعاشت على أثره حرمان وجوع اجتماعي كبير امتد لفترات طويلة جداً، وفجأة تفتحت أبواب الحرية على مصراعيها ليلقي بحتف الانسان البسيط الذي لم يجد الطريقة الفضلى للتعامل مع هذا الغول الى دائرة الثقافة العمياء، ليصبح على أثره الصيد السهل الذي يناله التطور الزائف تحت اسم العولمة.
والمعروف بأن الجائع المعرفي، يتناول أي معلومة تقدم له دون التأكد من صلاحية هذه المعلومة او الغاية من تقديمها، ونستطيع ان نقول بأن الانترنت والكتب هي الحواضن الكبرى للمعلومات والأفكار التي تستطيع ان تقدم للإنسان وجبة دسمة ينتفع منها، او وجبة تسمم أفكاره وتلوث خلفيته المعرفية.
وربما المصادر التي تغري المجتمع العربي أكثر من غيرها، هي غالباُ ما تكون المصادر الغربية التي تتبناها جهات وشخصيات خلقت هذه المعلومة وقدمتها لغاية معينة، فالقارئ البسيط المتعطش للثقافة لا يملك الفكر الحر الذي من خلاله يستطيع ان يفكك النصوص ليعرف ما خلف كواليسها من أفكار وآراء بقدرتها اللعب على عقول العالم.
فهنالك اشخاص مهمتهم الأولى هي زعزعة أفكار المجتمع وتلويثها مبادئ وقيم زائفة في محاولة خبيثة للوصول الى مبتغاهم الأسود.
وبالمرتبة الأولى يمكننا الجزم بأن هنالك أفكار وكتب خاصة تحاور العقل بطريقة تكتيكية خاصة بهدف النيل من القوة الإسلامية في المنطقة.. ربما الظاهر يبدو بأنها كتب مفيدة تخدم العقل وتضيف للإنسان معلومات كثيرة وتحاول ان تنفع الإنسان ولكنها تمارس القوة الناعمة لخدم مصالحها في ضرب الأمة الإسلامية، وزعزعة المبادئ السامية التي تربت عليها الأجيال.
هنالك بعض المفاهيم الخاطئة لا يمكن التأقلم معها إذا دخلت على المجتمع بصورتها الحقيقية لهذا يقدم أصحاب العقول السامة في تحويرها وتقديم على أساس انها مدعاة التطور والعولمة، ويجب التأقلم معها والتعود عليها ليبدو المجتمع أكثر تطورا وأكثر عصرية، فيبدؤون بإعطاء المجتمع جرعات خفيفة لكي يتمكنون من تخدير الأمة والحصول على ما كانوا يريدون اليه من البداية.. فهم مؤمنون بأن اختلاف الطرق لا تعد مشكلة مادامت جميعها تؤدي الى روما.
وعن طريق هذا التخاطب غير المباشر مع عقول الناس بدأت بعض المفاهيم المشوهة تأخذ مجرى سلبي على المجتمعات وخصوصاً الإسلامية منها، اذ ان التيارات الفكرية باتت تلتهم عقول الناس بشكل مخيف، فقد تجاوزنا فكرة الصد المباشر للأفكار الغربية، وبدأت عندنا مرحلة جديدة وخطيرة تمثلت بتفاعل فئات من المجتمع مع قادة مزيفين يخضعون لسيطرة خارجية يحاولون انتزاع المبادئ السامية التي ترعرعت معهم واللعب على أفكار المجتمع وخصوصاُ شريحة الشباب، والتحكم بما يفكرون به وتوظيف حب الثقافة والتعلم ومعرفة كل شيء يحدث في الكون وفق مصلحة شخصية غايتها تدمير الأمة من الداخل.
وفكرة التصدي لهذه المؤامرة الخطيرة لن تحصل الاّ إذا استطعنا خلق شريحة واعية من الناس، هدفها الأول هو البحث عن الحقيقة على شرط ان تكون هذه الشريحة مسلحة بالفكر الحر المتمثل بخلفية علمية تؤهله للخوض في فصل الخير عن الشر، كما ان فكرة تفكيك النصوص هو امر مهم جداً يفتح للقارئ الذكي والمثقف خيار الوصول الى اهداف الكاتب وقراءة ما خلف السطور وكشف غاية الكاتب الحقيقية من تقديم هذا الإنتاج الى العالم، حينها نستطيع ان نقول بأن هذه الأمة تمثل سدا قويا يمكن من خلاله مواجهة جميع التيارات الفكرية بثقة تامة.
اضافةتعليق
التعليقات