جملة من كلمتين أضحت لها بالغ الأهمية عند شريحة كبيرة جداً من الناس في وقتنا الحالي فالاتصال عبر العالم الافتراضي بما فيه من مواقع تواصل اجتماعية وغيرها اصبح من الضروري جدا وقد اعتاد الجميع على ذلك، بل واصبح ضمن سياق الروتين العملي اليومي لحياتنا وقد نجد الكثير ممن يحرص على ان يكون في حالة (متصل الآن) دائما او ريثما ينتهي من عمله او حتى اثناء العمل فلا بد له من الاطلاع على كل ماهو جديد وقديم على حد سواء..!
وبصدد هذا الموضوع قام موقع (بشرى حياة) بجولة استطلاع للرأي حول هذا السؤال تحديدا،
وهو كالآتي: (برأيكم لماذا قد نجد اغلب الاشخاص فور حصولهم على وقت فراغ يهرعون الى الاتصال بشبكة الانترنت وتفقد ما يحدث في العالم الأفتراضي؟).
كان للإعلامية (أفنان مصطفى) من مصر الشقيقة رداً صريحاً وقوياً على هذا السؤال حيث قالت: (تقريبا انا من هؤلاء الاشخاص، اول ما يكون عندي وقت فراغ اسرع الى مواقع التواصل سألت نفسي كثيرا لماذا اضيع كل هذا الوقت؟
دراستي اهلي مشاغلي؟!
اذا انقطع النت لمدة يوم اكون شبه المدمنة، لكن بعد ما سألت نفسي كثيرا خرجت بهذه الاجابة:
هو ليس عالم افتراضي بل يكاد ان يكون هو العالم الحقيقي بالنسبة لي هو العالم الذي وجدت فيه الصديق الوفي الذي لم ألقاه في عالمي الحقيقي هنا وجدت حلمي، هنا نشرت افكاري التي لم تسمعها امي ولم يدركها اخي ولاصديقي، هنا عرفت اهلي ليس فقط اهلي، ابي وامي، بل اهلي من العرب والمسلمين، هنا تعرفت على الفلسطنية والعراقية والخلجية والشامية.. هنا عرفت عروبتي هنا عرفت حجم معاناة شعوبي معاناة صديقتي هنا عرفت العالم على حقيقته هو ليس عالم افتراضي، (عالمي الذي اعيشه كل شي فيه بالاجبار هذا هو عالمي الافتراضي)، اما هذا العالم فهو اختياري هنا اخترت صديقي اخترت كلامي دون ان افكر خوفا من احد يغضب مني هنا عالمي الذي يمس قلبي ويتنفس به عقلي هنا عرفت من الظالم ومن المظلوم هنا عرفت بمعنى اصح نفسي.
اما الطالبة في كلية القانون (بسمل احمد) كان لها رأي مغاير تماما حيث قالت: يحاول البعض الهروب من الواقع الصعب بدلا من مواجهته او الهروب من المشاكل اليومية بدلا من ايجاد الحلول لها والتخلص منها فيجد في مواقع التواصل المنفذ الممتع الاقرب والاسهل، فقط يمسك جهازه الالكتروني وبضغطة زر يذهب الى عالمٍ اخر مليء بما يحب وبما يرغب او ربما مليء بالشيء الذي يفتقده ولا يستطيع الحصول عليه، اذن العامل النفسي هو السبب الاول، فبدلا من ملئ الفراغ بالاشياء المفيدة المثمرة التي تطور الذات وتكون ذات مردود طويل الامد، بدلاً من ذلك يلجأون للفراغ ذاته لان هذا العالم الافتراضي ماهو إلا فراغ وسرعان مايكتشف الانسان انهُ وهمٌ يعيش بداخله، هذه الدوامة التي تفقد الانسان قواه ونشاطه وحيويته الفكرية والجسدية وقد يطَلع على مايدور في العالم وكيف يعيش البعض ببذخ ومتعة تبعث فيه الهزيمة وتثبط العزيمة لانه يصطدم بالواقع الذي يعيش فيه بأنه مختلفٌ تماماً، من جهة اخرى قد يحرك الفضول البعض للبحث عن اشياء واماكن واشخاص يحبهم ويرغب في التواصل معهم، اما الثلة القليلة جداً هم من يبحثون عن الاشياء المفيدة ويملؤون فراغهم الوقتي بالمعلومات وتطوير المعرفة او الدراسة باستخدام مواقع التواصل والانترنت بالشكل المطلوب والمثمر.
وقد عبر الاعلامي (قيس الربيعي) عن رأيه بصورة سريعة قائلا: برأيي ان هناك الكثير من الاشخاص لديهم احتياجات مكبوتة لا بد من ايجاد متنفس عنها، وكل شخص لديه رؤية مختلفة ويبحث في تأملها، فالبعض ينظر الى النصف الفارغ من الكأس والبعض الآخر يرى النصف الممتلىء.
وكان للكاتبة (نرجسة الزمان) رأي آخر فقالت: ان السعي الى التشبث بالعالم الافتراضي له عدة اسباب ولكل سبب هناك تأثير قد يكون سلبي وقد يكون ايجابي، فالبعض يهوي الى عالم السيئات عبر مواقع التواصل، وآخرين ممن يكونون مثل الفراشة التي تنجذب الى اريج الزهور لتنهل من رحيقها، كالمرأة التي تقوقعت داخل مجتمع يفرض عليها عادات وتقاليد لا تمت للدين الاسلامي بصلة وانا مثال على ذلك فقد وجدت الحرية في العالم الافتراضي، انه كعالم الخيال استطيع ان احلق فيه بلا قيود، طبعا مع مراعاة الاخلاق والدين واحترام الاعراف لعلي استطيع ان اغير شيء ولو باليسير من تحديات الافكار الجاهلية..
وقد اضاف (س،ح) قائلا: انا وبحسب مجال عملي لا استطيع الا ان اكون في حالة (متصل ونشط) ويتوجب عليَّ ذلك بحكم نطاق العمل، وقد اعتدت على ان اكون متصلاً حتى في وقت الفراغ وبعد انتهاء عملي، ولا استطيع الاستغناء عن وجودي في العالم الافتراضي لسهولة تواصلي مع الاقارب والاصدقاء متى ما اردت، وقد اصبح جزءا لا يتجزء من عالمي على ارض الواقع.
وانتم ما هو رأيكم؟
قد تختلف الآراء وتتعدد المبررات حول الاهتمام المُركز على شبكة الانترت عموما ومحاولة التواجد والاتصال بالعالم الافتراضي قدر الامكان وفي كل الاوقات، وقد نجد ان كل فرد وبمختلف الاعمار يقدم جوابٍ واضحٍ ومُقنع حول الاستمرار والسعي لأن يكون (متصل الآن) مع المحيط الخارجي، ولا بد من ذلك في عصرنا هذا عصر العولمة..
ولكن هذا العالم الذي يكاد ان يسيطر او بالاحرى قد سيطر على حياة الغالبية من الناس وهم في غفلة من امرهم قد لايَدرِكون عواقبه الى بعد فوات الأوان..
ان الدخول الى العالم الافتراضي اشبه بالغوص في عالم البحار، قد يرى الفرد ما لم يسبق له ان رآه ويسمع عن ما لم يسمع عنه من قبل وبالتالي ينجرف وراء الفضول وحب الاستطلاع فلا بد له ان يتحرى ويستكشف عن كل ما هو جديد وهو لا يعرف عنه شيئا !!
وخطوة تتبعها خطوة وقد يصادفها ما هو أعجب وادهى فيستمر بالغوص وقد ينسى اصلا عن ما كان يبحث!!
لذلك يستوجب على كل فرد ممن اعتاد على الاتصال بالعالم الافتراضي ان ينتبه الى ان يكون على اتصال مع (الله) اولاً ليتجنب ارتكاب الذنوب، ثم مع (النفس) ثانياً وهذا امر مهم فعليه ان يهذب نفسه ويعلمها ويُقَيّدُها بوقت محدد وعلى ان لا تنساق نحو المجهول، ويتوجب عليه ايضاً ان ينبه من حوله كذلك كي لا تنقاد النفوس وتتأثر (بما فرض عليها برضاها!).
فقيادة النفس هي اعظم قيادة، كن قائدا لنفسك اولاً فربما ستفكر يوماً بأن تكون قائداً للآخرين وخلاف ذلك فأنك حتما ستفشل..
انت (متصل الآن ولتكن على دراية).
اضافةتعليق
التعليقات