بعد سبعة شهور تكللت خطوبة نوال بالفشل فقد كانت متطلبات أسرتها تفوق قدرات خطيبها الأمر الذي قاده إلى التخلي عن تلك الزيجة والتفكير بعدم الارتباط بزوجة من بلده خصوصا بعدما اتاحت أمامه فرصة الاقتران بزوجة من بلاد أخرى (سوريا).
انتشرت مؤخرا وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة زواج الرجال العراقيين من فتيات سوريات أو من جنسيات مختلفة وأدى تفشي هذا الأمر إلى تراجع ملحوظ في زواج النساء والفتيات العراقيات.
(بشرى حياة) كانت لها جولة استطلاعية حول هذا الموضوع:
وجهات نظر
قال ياسر وهو اسم مستعار، بأنه لو لمن يكن زوج وأب لأربعة أطفال لالتحق بركب الزواج بالسوريات فقد تزايدت مؤخرا متطلبات العروس العراقية من المهر إلى تفاصيل الزواج الأخرى التي تقصم كاهل العريس الذي جمع تلك الأموال بجهد وصبر دون الاكتراث له كما أمست العروس بعد مدة وجيزة أو قبل الزواج تطالب بالسكن المنفرد وليس من السهل ابتياع بيت أو استكراء.
مضيفا بأنه حينما اقترن بزوجته كانت مطالبها جدا بسيطة، فضلا عن صبرها وتحملها السكن المشترك مع عائلته ووجود أخيه الأكبر وأسرته لعدة سنوات إلى أن تسنى له ابتياع بيت والانتقال له.
أما الشاب مرتضى خضير فهو يبحث عن عروس تناسب أوضاعه المادية والمجتمعية منذ عدة سنوات غير أنه لم يظفر بمبتغاه ولهذا اخذ يفكر بشكل جدي بالاقتران بزوجة من خارج أسوار الوطن (سورية) فقد تناقلت مواقع الواصل الاجتماعي بأنها غير متطلبة ولها القدرة على تحمل قسوة الحياة وجميلة وهي بذلك عروس مناسبة.
ويناقضه الرأي التدريسي مثنى نجم قائلا: مهما كانت مميزات العروس السورية تبقى ابنة بلدي هي الأفضل كما هناك فتيات تقدر وضع الشاب وتساعده وتبدأ حياتها مع من الصفر فليس كل الفتيات ذوات طلبات تعجيزية، أما الاقبال على الزواج بغير عراقية سوى سورية أو من جنسيات مختلفة إنما هي تقليعة كالموضة ستزول بعد فترة من الزمن وتبقى الزوجة العراقية هي الأصل.
مشيرا بالقول: إن الفتاة العراقية أيضا كثيرة الصبر ولديها القدرة على التحمل فما زلت أذكر كيف كانت أمي تحمل أعباء العائلة في ظل غياب أبي وقد حذت أختي حذوها في العيش مع أسرة زوجها ومساندة زوجها حتى تمكن من توفير لها سكنا منفصلا.
ختم حديثه: أرى أن الأمر يتعلق بتربية الفتاة واصولها الطيبة واختيار الشاب العروسة المناسبة وفق ذلك.
وتشاطره الرأي أم عماد فقد بدت حزينة بعد قرار ابنها بزواجه من عروس أجنبية على حد قولها بعدما اقترن صديقه بعروس سورية إذ أصبح الأمر أشبه (بالغيرة) معربةً بأن الفتاة العراقية تحظى بنفس المميزات فهي الأخرى قادرة على تحمل الحياة المعيشية وغيرها من الأمور الأخرى.
رؤية اجتماعية
لقد اشارت الاحصائيات والتقارير الاعلامية مؤخرا إلى تزايد عقود زواج العراقيين من الفتيات السوريات، فضلا عن الدور الذي بدأت تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي التي تحث على اختيار الشابة السورية لتمتعها بمميزات عديدة.
حدثتنا الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي قائلة بهذا الصدد:
إن أغلب من ارتبط بزوجة سورية إما كان منفصلا أو تكون هي العروس الثانية فليست الظروف المادية هي الدافع الأهم في الاقتران بعروس من غير بلده، فأحيانا ينجرف الأمر إلى تجربة جديدة أو مغامرة بدافع الغيرة.
ولا أستطيع تجاوز أمر عزوف الشباب عن الزواج بشكل عام سوى عراقية أو سورية فالأمر يعود ايضا إلى غلاء المهور ومتطلبات الزواج خصوصا أن أغلب الشباب المقدمين على الزواج تنقصهم فرص العمل سوى في القطاع الحكومي أو الخاص فضلا عن تدني أجور الأعمال الحرة، كما أن أغلب الأسر العراقية تفضل الشكليات على الأساسيات وعلى وجه الخصوص الأمور المتعلقة بالمهر والمقدم والمؤخر وغيرها من التفاصيل التي أصبحت تثقل كاهل الرجل، لذا ادعوا إلى تخفيف هذه الشكليات والالتفات إلى أن الزواج هو سنة نبوية يحث عليها الاسلام للحفاظ على كيان الشاب والشابة.
ونوهت الحسناوي إلى أن أغلب هذه المتطلبات جاءت من منصات التواصل الاجتماعي التي تعكس حياة الرفاهية التي يعيشها الزوجيين مما يجعل من تلك الصورة الخادعة حلم أغلب الفتيات مما يدفعهن إلى البحث عن شخص باستطاعته أن يوفر لهن تلك الحياة وهي في أغلب الأحيان ليست سوى قشور وخدعة لا تعكس الواقع الحقيقي لمن يعيشها، لذا ابتعد الشاب العراقي عن بنات بلده ليتوجه إلى الزواج ليس فقط من السوريات بل من الأوكرانيات والروسيات، فضلا عن الجنسيات الأخرى.
وترى نور، أن الثقافة الطارئة وسطوة مواقع التواصل الاجتماعي شوهتا صورة الأسرة الحقيقية والزواج المتماسك، إذ يجب اعادة بناء المعنى الاساسي لتكوين الأسرة وما يتعلق بطريقة اختيار شريك الحياة ومميزاته، وذلك من خلال تضافر الجهود من قبل المؤسسات المعنية للتقصي خلف مسببات هذه الظاهرة وايقاف هذا الزحف الخطير الذي يهدد المجتمع وينذر بتفككه مستقبلا.
اضافةتعليق
التعليقات