يسهل بشكل كبير فهم السلوك البشري إذا استطعنا فهـم حقيقة أن الناس يأتون بأفعال تنبع من حاجاتهم ورغباتهم الداخلية، والتي تبحث عن الإشباع؛ فإن كل ما يقوله الإنسان وكل ما يقوم بـه مـن أفعال، فإنه يهدف بها إلى تلبية تلك الحاجات وإشباع تلك الرغبات، وبعض هذه الرغبات معنوية مكتسبة وبعضها مادية بحتة.
[1] الحاجات المعنوية:
يكتسب المرء الرغبات أو الحاجات المعنوية من خلال حياته، وذلك حينمـا يكتشف القيم التي تسير حيـاة الآخرين، وأهميـة بـعـض السلوكيات والأفكار الاجتماعية المحددة، والحاجات النفسية مثـل السلطة والقبول والاستحسان والحرية.
وتلك الحاجات ربما تكون أكثر قوة وإلحاحا من الحاجات المادية، إن الناس يفعلون كل ما يلزم لتلبية هذه الحاجات والرغبات، بغـض النظر عن شرعية الوسيلة أو أخلاقيتها.
[2] الحاجات المادية
من الممكن أن يصبح إشباع الرغبة المادية هدفاً محددًا يعلـل سـلوكًا محدداً، وهذه الحاجات المادية هي التي ترتبط ببقاء الإنسان ووجـوده المادي، ألا وهي الطعام والشراب والنوم ووظائف الجسم الطبيعيـة والملبس والمأوى وما إلى ذلك.
ونادراً ما ستتاح لنـا فـرصـة استغلال الحاجة المادية لشخص ما لصالحنا في الموقف الاجتماعي العادي، إلا إذا كانت تلك الحاجـة المادية قد تحولت إلى رغبة في الاستحواذ بفعل الطمع، ودعني أشـرح ذلك بشكل أكثر وضوحا.
يغلب علينا جميعًا الطمع في فترة مـن الفـترات، والطمـع هـو الـذي يدفع المرء إلى تمني امتلاك بيت أكبر من حاجته وملابس زائـدة عـن متطلباته وطعاماً شهياً طوال الوقت، وإحراز ذلك بأسرع ما يمكن. وعندما تتحول حاجة الإنسان إلى رغبة ملحة، فهذا لأنه أيضا مدفوع بحاجة عميقة للشعور بالأهمية والمكانة، بالإضافة إلى ازدياد الرغبة في المال وكل ما يمكن شراؤه بالمال، وأنـا لا أقلل هنا من أهمية المال، ولكن ما أريد قوله هنا هو أنه متى أصبح الاحتياج الشخصي لتلك الرغبات هوساً لا يقاوم يدفع الإنسان للحصول على المزيد والمزيد مما لا حاجة له بـه، فإن ذلك يكون دائما راجعًا إلى الطمع.
ويمكنك استغلال طمع الآخرين لصالحك، فيمكن الاستفادة منه في التأثير على المحادثة والتحكم فيها، وفي النهاية للتأثير والتحكم في أفعال الآخرين، وتذكر فقط أنه عندما تفشل جميع المحفزات الأخرى، يمكنك استغلال طمع الآخرين لتحقيق هدفك.
إن الرغبات المكتسبة التي أشرنا إليها، هي التي تشكل نسيج الإنسان الطبيعي وهي:
الحرية والخصوصية التي تبتعد عن التطفل.
الشعور بتقدير الذات والكرامة واحترام الذات.
الحب بكافة أشكاله.
الأمان العاطفي.
الشعور بقوة الشخصية والتفوق على الآخرين.
النجاح المادي [إحراز المال].
إرضاء الغرور من خلال الشعور بالأهمية.
تقدير الجهود، والتأكيد على قيمة الشخص.
القبول الاجتماعي.
الرغبة في الفوز ومراكز الصدارة.
الشعور بالانتماء، سواء لمكان أو لجماعة.
التعبير الإبداعي.
التجارب الجديدة.
إن تلك الرغبات الأساسية ليس لها ترتيب محدد من خلال الأهمية، فالأولويات في هذا النسق تختلف من شخص لآخر، ولكـن النقطة الأساسية هي:
أن الإنسان لن يشعر بالرضا التام عن نفسه وعمن حوله إن لم يشبع أيا من هذه الرغبات بصورة مرضية، إن كـل أفعـال الإنسان موجة لإشباع تلك الرغبات، وكـل مـا يقـوم بـه مصوب نحو تلك الأهداف، ولعل قراءتك لهذا الكتاب نابعة من رغبتك في تحقيق بعض من تلك الأهداف.
الاستفادة من تلك المحفزات
من المفترض أن يكون واضحا لك الآن أنـك مـن خلال مساعدتك للآخرين في تلبية تلك الرغبات مـن خلال كلامك، سوف تحكم سيطرتك عليه تماما، بحيث سيجعله ذلك يمتثل لرغباتك عن طيب خاطر .
إذا أدرك الفائدة التي ستعود عليه من عمله هذا وتحديد أي من تلك الرغبات يسيطر على موضوع حديثك أمر راجع إلى تقديرك.
ومن خلال ذلك ستحتاج إلى أن تكتشف أيهـا تستطيع استغلاله للتأثير على تصرفاته والسيطرة عليه، اكتشف أقوى رغباته في الحياة، وحينئذ ستمسك بزمام الموقف طوال الوقت.
وعلـى الـرغـم مـن أن المرء في حاجة إلى إشباع تلك الرغبات الأساسية السابق ذكرها، إلا أنك سرعان ما ستكتشف أن ما يفتقر إليه الإنسان في الوقت الراهن هو ما يرغب فيـه ويحتاج إليـه أكثـر مـن أي شيء آخر.
وبنفس النمط، إذا كانت إحدى هذه الرغبات مشبعة بالفعل، فإنـك لن تتمكن من الاستفادة منها في هذا الموقف بعينه، وقد تبدو تلـك النقاط واضحة بالنسبة لك، وربما كذلك تسأل عن سبب ذكري لها رغم وضوحها للعيان.
ولكن الحقيقة أنني كثيرا ما أقابل أشخاصا يحاولون فرض السيطرة على موقف ما من خلال محاولة إشباع رغبة مشبعة بالفعل، وهـذا الأمر في استحالته يشبه حلب الثور.
فلا حاجة للمساومة إن لم تكن ضرورية في حينها، ومن ثـم فـالأمر يرجع إليك فيما يتعلق بالكشف عن أي الرغبات أو الحاجـات المحددة الأكثر أهمية لشخص ما في وقت محدد.
وتذكر أيضا أن حاجات ورغبات الإنسان ليست ثابتة أبـدا، إذ أنهـا تتغير بشكل مستمر، فما كان يرغب فيـه الفـرد بشدة منذ أسابيع مضت، قد يصبح غير راغب فيه على الإطلاق الآن.
ولذلك سيتحتم عليـك الاطلاع بشكل مستمر على حاجـات ورغبات المرء في الوقت الذي تتعامل فيه معه، ولكي يتحقق ذلك، حاول أن تتلمس مفاتيحه مـن خـلال كلامه، وإذا كـان مـترددا في التصريح برغباته فعليك أن تحثه على الكلام.
اضافةتعليق
التعليقات