في حياة حواء الكثير من الاسرار المستودعة في صدرها، تُخفيها عن الجميع، وترميها في الصندوق الاسود، بعيداً عن متناول الجميع، وبالخصوص زوجها؟ تحذفه من التفاصيل التي تخص حياتها من نقاط ضعفها، ولحظات ألمها وحزنها، تجعل الصندوق الاسود خطر ممنوع الاقتراب، قد يبدو للبعض ان هذه الاسرار تافهة، و لا تستحق أن تحتفظ بها، أما عند حواء فهي عزيزة عليها، فهل يا ترى تنجح حواء في اخفاء هذا الصندوق؟ وهل ينجح آدم ان يكون مفتاحاً لصندوقها؟.
العلاقة الزوجية في مجتمعنا العربي لا تخلو من الخصوصية، و كتم الاسرار عن بعضهما، مما يجعل ادم وحواء يتمسكان بالصندوق الاسود خوفاً من كشف الحقيقة أو المواجهة، وقد لا تكون اسرارا خطيرة بمعنى الكلمة كحادثة حصلت في حياة الزوج ولا يرغب أن تعرفها زوجته، والزوجة ايضاً تُخبئ عن زوجها مشاجرتها مع اقربائها، وتجعلها سراً بينها وبين اهلها خوفاً من لسان زوجها، المصارحة والمصادقة في الحياة الزوجية ما وضعها، وهل يتبادل الزوجان البوح في الاسرار؟ أم يكتفيان بالصندوق الاسود؟.
في البداية تتحدث السيدة (ام كرار) قائلة: لدي اسرار ومواقف مررت بها و لا أرغب ان أخبرها لزوجي فمعظمها تخص عائلتي، ولو بحتُ بها لزوجي لانتقص من عائلتي ولأصبحوا حديث الساعة عنده، لذلك لا أخبره بأسرار عائلتي، فقط الواجب وما يخص حياتنا الزوجية.
سيدة اخرى (حنان) تقول: ارى ان المصارحة وكشف الاسرار بين الازواج يُقوي العلاقة الزوجية ويرفع الحاجز بينهما، فعندما تتحدث المرأة عن اسرارها لزوجها من دون خوف أو توتر هنا سوف لا يكون لها فقط زوج بل صديق مقرب، بشرط أن يكون الزوج اهلاً لهذه الثقة، من ثقافة و وعي، فليس من السهولة أن تفتح الزوجة صندوق أسرارها لأحد.
وسيدة أخرى لها رأي مختلف حيث قالت: كشف الاسرار للزوج أشبه بشخص يُلاعب أسد في حجرة فلا الشخص له مهرب من الاسد، ولا الاسد لديه فريسة غير هذا الذي أمامه، مضيفة: هناك أسرار لا تخص الزوج فليس من واجبي ان أخبره ولو أخبرته لحصلت على نتائج لن ترضي.
شاركنا في الرأي الدكتور (بدر السعدي) طبيب الامراض النفسية: معظم الرجال يفضلون كتم أسرارهم ويفضفضون لأصدقائهم، اذ إنهم يعتقدون بأن الزوجة اذا عرفت السر لا تخبئه، وسرعان ما تنشره وإن قالت لك (سرك في بير) فكُن على ثقة إن عائلتها في قعر البير جالسة، قد يخشى الزوج ان تستغل زوجته هذا السر وتفضحه في أول خلاف معه، فعلى الزوجين تقبل فكرة الخصوصية، وان كشف الاسرار أحياناً لا يكون لصالح الاسرة وقد يؤدي ذلك لتوتر العلاقة وقد يصل الامر الى الانفصال، لذلك لا بد من الاحتفاظ بخصوصية الفرد، لا داعي لان تفشي الزوجة اسرارها لكل من يطرق بابها، الا اذا كانت هناك مشكلة، فأقرب شخص يساعدها هو زوجها لأنه سيكون حريصاً على اسرارها وأقربهم حيث ينصح لها ويطمئنها، لكن في بعض الاحيان يكون الزوج ليس اهلاً لهذه الثقة فيضرب بها اوتار لا ترغب المرأة سماعها ويجعلها في ذاكرتها كلما حصل الخلاف، وهذا الزوج لا ينبغي ان تحكي له تجنباً للمشاكل.
وفي كل الاحوال عُرف عن المرأة انها لا تكتم سراً اكثر من 38 ساعة، كما أكدت أستاذة علم الاجتماع في جامعة ميشيغن الأمريكية الدكتورة (مارغريت باول) في دراسة مطولة بعنوان: المرأة أقدم وكالة أنباء عالمية، أي ان المرأة لا تستطيع حفظ الأسرار أكثر من 38 ساعة فقط، وكشفت الدراسة التي جرت على 500 امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و60 عاماً، ان 25 في المئة منهن اعترفن بأنهن لا يستطعن حفظ السر إطلاقاً مهما يكن شخصياً وخطيراً، وأوضحت الدراسة أن النساء غالباً ما يبُحنَ بالسر إلى شخص غير معني بالموضوع أو ينتمي إلى دائرة اجتماعية مختلفة، وبالرغم من أن 9 فتيات من أصل 10 يعتبرن أنفسهن جديرات بالثقة فإنهن يبُحن دائماً بالأسرار، وأن ثلثي النساء يشعرن بالذنب بعد البوح بالسر، وفي وقتنا الحالي الهاتف والانترنت ساهما بشكل كبير في إفشاء الأسرار، ولا ننكر ان هناك نساء غير معنيات بالأمر، ولكن العلم يتحدث عن الأغلبية، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "سرك أسيرك، فإن أفشيته صرت أسيره".
اضافةتعليق
التعليقات