أحياناً تخسر اللعبة خسارة بسيطة وعادية، مثل أن تكون مجموع نقاطك صفراً ومجموع نقاط الخصم واحداً، هذا ليس بالأمر الجلل، لكن أحياناً تخسر خسارة مؤلمة، مثل أن تكون مجموع نقاطك صفر ومجموع نقاط الخصم عشرة، هذه الخسارة تعتبر خسارة فادحة، حيث لا تجترئ أن ترفع رأسك من شدة الخجل.
حكايتنا نحن الشيعة حكاية هذه الخسارة الفادحة بل وأشد!، إذ إننا لم ندرك بعد ماذا فعلنا وما نفعل في حياتنا، وكم من الفرص لم ننتهزها ومرت مرّ السحاب.
لنستيقظ من مرض الغفلة! ولنتحرك للإمام، جميعنا الآن يبلّغ للغدير، عيد الولاية، عيد الله الأعظم، عيد تنصيب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله تعالى.
قال تعالى في كتابه الكريم: ”يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”. (١)
قال الرسول (صلى الله عليه وآله) في خطبة الغدير: ”ألا فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ… اللّهُمَّ إنّي أُشْهِدُكَ أَنّي قَدْ بَلَّغْتُ”.
وقال (صلى الله عليه وآله): ”مَعـاشِرَ النّـاسِ، ذُرِّيَّـةُ كُلُّ نَبِـيٍّ مِنْ صُلْـبِهِ، وَذُرِّيَّتـي مِنْ صُلْبِ أميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِيٍّ”.
وقال (صلى الله عليه وآله): ”فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَوْلاكُمْ وَإلهُكُمْ، ثُمَّ مِنْ دُونِهِ رَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ الْمُخاطِبُ لَكُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدي عَلِيٌّ وَلِيُّكُمْ وَإمامُكُمْ بِأَمْرِ اللهِ رَبِّكُمْ، ثُمَّ الاْمامَةُ في ذُرِّيَّتي مِنْ وُلْدِهِ إلى يَوْم تَلْقَوْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ”.
وقال (صلى الله عليه وآله): ”مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ، مَغْضُوبٌ مَغْضُوبٌ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ قَوْلي هذا وَلَمْ يُوافِقْهُ. أَلا إنَّ جَبْرَئيلَ خَبَّرَني عَنِ اللهِ تَعالى بِذلِكَ وَيَقُولُ: "مَنْ عادى عَلِيّاً وَلَمْ يَتَوَلَّهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَتي وَغَضَبي”. (٢)
رسولنا محمد (صلى الله عليه وآله) قد بلّغ وأفحم الناس في يوم الغدير وأكمل الحجة عليهم وأوضح لهم الطريق وأرشدهم إلى الصراط المستقيم إلى يوم القيامة!.
لكن، الذي انقلب بعدها على عقبيه هو من الذين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا.
بماذا ينتهي عيد الغدير:
إذا كان نشاطنا للغدير اليوم والفعالية التي نقوم بها لعيد الله الأعظم لا ينتهي بإيجاد المعرفة لإمام زماننا ”المهدي“ (روحي وأرواح العالمين له الفداء) سنكون خاسرين بل وخسارة فادحة.
نعم، حديث ”الغدير“ الذي هو سند قوي وواضح كوضوح الشمس لإثبات للعالم أنّ فقط ”شيعة علي“ هم الفائزون… يجب أن نروّج له كثيراً! فهذه مسؤوليتنا نحن الشيعة، نحن الذين وجدنا بحمد الله صراطنا المستقيم.
يجب أن ننشر وفي كل مكان قصة الغدير وفضائل أمير المومنين علي (عليه السلام).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ”إن الله تبارك وتعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب فضائل لا يحصي عددها غيره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولو وافى القيامة بذنوب الثقلين، ومن كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتابة في فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه”. (٣)
ولكن في نفس الوقت يجب أن ننتبه وكثيراً أنّ الولاية التي عرّفها نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) من هو صاحبها الحالي؟ والكون الآن بيد من؟ ومن صاحب الولاية التكوينية الآن في زماننا؟.
إذا اشتغلنا بقضية الغدير بدون التوجه إلى صاحب أمرنا.. صاحب زماننا، ونسيناه وتركناه غريباً، خسرنا خسارة فادحة.
إذ إننا لو انتبهنا واكتسبنا معرفة إمام زماننا ولو بمقدار ذرة، لكنّا قد عرفنا أن غديرنا اليوم هو يوم المبايعة مع وارث ذو الفقار! مع وارث علي (عليه السلام).
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم الغدير لم ينصب فقط أمير المؤمنين علي (عليه السلام) للخلافة، بل نصب وحدد الولاية التكوينية إلى يوم القيامة!.
إقرؤا خطبة الغدير… قال (صلى الله عليه وآله): ”أَلا وَإنّي رَسُولٌ وَعَلِيٌّ الاْمامُ وَالْوَصِيُّ مِنْ بَعْدي، وَالاَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدُهُ. أَلا وَإنّي والِدُهُمْ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِهِ. أَلا إنَّ خاتَمَ الأَئِمَّةِ مِنَّا الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ. أَلا إنَّهُ الظّاهِرُ عَلى الدّينِ. أَلا إنَّهُ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الظّالِمينَ. أَلا إنَّهُ فاتِحُ الْحُصُونِ وَهادِمُها. أَلا إنَّهُ غالِبُ كُلِّ قَبيلَة مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهاديها.أ َلا إنَّهُ الْمُدْرِكُ بِكُلِّ ثار لاَوْلِياءِ اللهِ. أَلا إنَّهُ النّاصِرُ لِدينِ اللهِ. أَلا إنَّهُ الْغَرّافُ مِنْ بَحْر عَميق. أَلا إنَّهُ يَسِمُ كُلَّ ذي فَضْل بِفَضْلِهِ وَكُلَّ ذي جَهْل بِجَهْلِهِ. أَلا إنَّهُ خِيَرَةُ اللهِ وَمُخْتارُهُ. أَلا إنَّهُ وارِثُ كُلِّ عِلْم وَالْمُحيطُ بِكُلِّ فَهْم. أَلا إنَّهُ الْمُخْبِرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُشَيِّدُ لاَمْرِ آياتِهِ. أَلا إنَّهُ الرَّشيدُ السَّديدُ. أَلا إنَّهُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ. أَلا إنَّهُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ بَيْنَ يَدَيْهِ. أَلا إنَّهُ الْباقي حُجَّةً وَلا حُجَّةَ بَعْدَهُ وَلا حَقَّ إلاّ مَعَهُ وَلا نُورَ إلاّ عِنْدَهُ. أَلا إنَّهُ لا غالِبَ لَهُ وَلا مَنْصُورَ عَلَيْهِ. أَلا وَإنَّهُ وَلِيُّ اللهِ في أَرْضِهِ، وَحَكَمُهُ في خَلْقِهِ، وَأَمينُهُ في سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ. مَعاشِرَ النّاسِ، إنّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ وَأَفْهَمْتُكُمْ”. (٤)
أليس زماننا الآن زمان قائم آل محمد الذي ذكره رسولنا في يوم الغدير؟!، ألا يقع على عاتقنا نحن الشيعة ”ولاية المهدي“ من آل محمد؟ أليس هو من يعتبر إمام زماننا؟! أليس هو الموعود لينجينا من كل هذا السواد والمأساة الحالة بنا؟!.
إذاً أين توجهنا بصاحبنا… أين توجهنا بصاحب زماننا؟ لماذا كل هذا التقصير بحق إمامنا؟؟ ماذا تعلمنا من درس الغدير؟
ما نفعل بالثواب، من إقامة مجالس أهل البيت وإطعام الطعام ووو… إذا لم يكن فيها نية للفرج عن مولانا صاحب الزمان وإذا لم نتوجه فيها لإمامنا الغائب؟
إذا لم يكن حاصلها معرفة إمام زماننا قد خسرنا.. وهذا يوحي بقوة أننا من الجاهلين!
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ”من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية”. (٥)
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حق ولده المهدي (عجل الله فرجه): ”صاحب هذا الأمر الشريد الطريد الفريد الوحيد“. (٦)
عندما نتأمل بكلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) من شدة الخجل يجب أن تنشق الأرض وتبتلعنا..
الفاجعة التي حدثت في كربلاء كان سببها أنّ الناس لم يعرفوا إمام زمانهم!، وهذا بسبب امتلاء بطونهم بالحرام، فلم يقدروا أن يسمعوا صوت الحق.
كيف نخدم امام زماننا؟
أقل خدمة ممكن أن نقدّمها لإمام زماننا (عجل الله فرجه) هي أنّه عندما نقيم مجالس أهل البيت (سلام الله عليهم)، عندما نطعم الطعام، أي عمل صالح نتوفق له؛ تكون بـ نية تعجيل فرج مولانا، وندعوا كثيراً لظهوره المبارك بل ويكون أول دعاء يُنطق على شفاهنا.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله فتح هذا الدين بعلي وإذا مات فسد هذا الدين ولا يصلحه إلا المهدي بعده.
الهوامش:
١- سورة المائدة
٢- خطبة الغدير
٣- الآمالي، الشيخ الصدوق
٤- خطبة الغدير
٥- وسائل الشيعة
٦ـ إكمال الدين
٧- شرح احقاق الحق للسيد المرعشي، ورواه جماعة من العامة في كتبهم
اضافةتعليق
التعليقات