وقفتُ أمام المرآة، أضع ثوب الزفاف على جسمي الصغير، أدور لأراه يدور معي كأني أميرة، احلم بذلك الفارس الذي يأتي ليأخذني الى المملكة، اتى المساء وانا سعيدة بما وضع لي من المساحيق وما لبستُ من الزينة، أدخلوني الى ذلك البيت عروس صغيرة احمل بين طياتي افكار الطفولة، اول جملة من أميري الكبير ذي الثلاثين سنة: (هذه أمي سيدة المنزل تفعلين كل ماتقول لكِ مفهوم!).
في الصباح خرجتُ لأقبّل ايدي الجميع وآثار الدموع على عيني وجسدي المثقل يترجم ماعانيت، اتجهت الى عمتي، قبل أن اصل اليها قالت: اذهبي مع النساء في المطبخ سيخبرنك عن أعمالك في المنزل، من هنا تبدأ مأساتي بنسج خيوطها الأولى..
في الليل وبعد أن يخلوا المنزل من اصواتهم التجئ الى الحمام وأفتح المياه وبقدرها تنزل دموعي، فلم أعد أستطيع التحمل، أبدأ بضرب نفسي حتى التعب... جنون.... نعم هو الجنون الذي قادوني اليه (ليته يسكنني لأتخلص منهم).
خبر حملي جمع بين السعادة العظيمة والحزن العميق، انتهت التسعة أشهر وعانيت المخاض،
أصبح لدي طفلة؛ وأنا طفلة، لم أعرف كيف اعتني بها والمسافة عن أهلي بعيدة، كانت شديدة البكاء وكنت عاجزة عن إسكاتها، فأعقد معها جلسة بكاء، كان زوجي ينهال علي بالضرب اذا ما أستطعت إسكات الصغيرة.
عجزت..... وتعبت..... هربت ذات صباح مع طفلتي وبينما أسير الى المجهول، وقفتُ أمام أبواب مدرسة الطالبات، كانوا مثل عمري يقفن في طابور وتتكلم المعلمة في الوسط، أتت فتاة مع والدها قبّلها ودخلت معهن، هطلت دمعتي على خدي وأنا أرى هذا المنظر الذي سُلِبتُ عيشه، بدأت طفلتي بالبكاء وكأنها شعرت بي.
نظرتُ للطالبات ولهاً، وضعتُ يدي على رأسها وهمستُ في أذنيها: قسما لن أحرمك عيش الطفولة سأراك معهن يوما، وعدتُ الى ذلك المنزل أقاسي العيش حتى أرى إبنتي تصل الى ماوصلت اليه اليوم، هاهي ابنتي ترفع رأسي امامكم لتكون دكتورة عظيمة في هذا المجتمع..
كلمةٌ أخيرة؛ لاتحرموا بناتكم من حياة الطفولة والعلم وبل هيئوهن قبل الزواج لبناء اسرة فاضلة.
في الوقت المناسب صفق الجميع وعادت لتحتضن إبنتها بدموع الفرح، مسجلة قصة كفاح طفلة في عالم الكبار.
اضافةتعليق
التعليقات