ثقافة الحوار بين الزوجين من الأمور الهامة جدا التي يجب أن تكون الدعامة الأساسية في الحياة الزوجية، حيث إن الحوار وبغض النظر عن محتواه يشكل جسرًا للتواد والتواصل والتفاهم والاستيعاب بين الزوجين، وأنه كلما ارتقت أساليب وآليات ومضامين هذا الحوار، خاصة في الأوقات العصيبة أو مواجهة بعض الأزمات أو المشكلات، أو حتى في أثناء الخلافات في أسلوب معالجة بعض القضايا التي تخصهما، أو تخص أحدهما، فإنه يمكن الاطمئنان إلى كون سفينة الزوجية تسير نحو مرافئ السلامة والعافية والفلاح.
الحوار بين الزوجين له أهمية بالغة لأنه ينعكس على الحياة الأسرية بشكل ايجابي جدا، حيث إن الحوار من أهم الخصائص التي تتحلى بها الأسر المتماسكة القادرة على حل مشكلاتها من خلال التواصل الإيجابي، ومن مميزات الحوار أنه يختصر الكثير من المسافات بين الزوجين والسيطرة على أغلب المشكلات المحتملة بينهما، ويعتبر غيابه مرضاً بحد ذاته قد يؤدي إلى فتور العلاقة الزوجية أو فقدانها.
وبحسب الدكتور مدحت عبد الهادي خبير العلاقات الزوجية أن الزوجين لا شك أنهما في أشد الحاجة للحوار، وذلك للخلاص من المعاناة النفسية التي يكون سببها كبت المشاعر؛ حيث إنه لا ينبغي أن يقوما بالاتفاق على حوار لحل أي خلاف بينهما فحسب، ولكن يلزم ويجب أن يهتما بالحوار في جميع شؤون حياتهما؛ لذلك يجب على الزوجين أن يقوما بالتفنن في الطريقة المثلى للحوار، وذلك لكي يتم تجديد التواصل بينهما ولهذا سوف نتطرق إلى كيفية بدء الحوار بينهما لما له من أهمية في الحياة الزوجية.
كيفية بدء الحوار مع الزوج:
يتعرّف الزوجان على بعضهما البعض جيداً مع مرور سنوات على الزواج، حيث إنّهما يقضيان الكثير من الوقت معاً، ممّا يؤدي إلى انتهاء الأمور والأشياء التي يمكن التّحدّث عنها، ويصبح البدء في الحوار مع الزوج أمراً صعباً ومُرهقاً، لذلك يمكن اتّباع بعض الطّرق التي تُسهّل البدء بالحوار، مثل: البدء بمحادثة صغيرة والتّوسّع من خلالها للحصول على حوار أكبر مع الزوج، والتواصل معه، كما يمكن البدء بالحوار مع الزوج من خلال سؤاله عن يومه، بحيث يستطيع أن يبدأ بالتحدّث عن عمله، وعلاقاته، وغيرها من الأمور الخاصة به، ويمكن بدء حوار مع الزوج حول مواضيع مهمّة للزوجين، ويمكن اتّباع الطّرق الآتية للتّمكّن من بدء حوار جيد مع الزوج، وهي:
1- تحديد الزوجة لما يشغل بالها: يمكن للزوجة أن تقوم بكتابة الأمور التي تشغلها وتريد التحدث عنها مع زوجها على ورقة، ويمكن اختيار مواضيع تثير اهتمامات الطرفين، أو تجهيز ما يمكن قوله عند الرغبة بالبدء بحوار مهم يشغل الزوجة، وتحديد كيفية حلّ المشكلة، ممّا يُسهّل عمليّة التعبير عن النّفس أثناء الحوار، ومراعاة التّوضيح للزوج ما ترغب الزوجة بالتحاور عنه أولاً.
2- الإصغاء للزوج: لا يمكن الاستمرار بالتحاور مع الزوج على المدى الطّويل دون الانتباه إلى ما يقوله بشكلٍ يومي، بحيث تنتبه الزوجة لما يجري في حياة زوجها، الأمر الذي يجعلها تكمل الحوار معه وتستمر به ليكون أكثر من مجرد محادثة صغيرة، بالإضافة إلى دور ذلك في جعل الزوج يستمع لزوجته.
3-اختيار الوقت المناسب للحوار: بدء الزوجة بالحوار في وقت غير مناسب يُسبّب الانزعاج للزوج، لذلك من الأفضل البدء في الحوار عند التأكد من أنّه مُتفرّغ للحديث، ومستعد له، وأنّ بإمكانه منحها انتباهه الكامل، وذلك عندما لا يكون مُتعباً، أو مشغولاً.
4- طرح الأسئلة: يمكن استخدام عدّة أسئلة للبدء بالحوار مع الزوج، مثل: معرفة الأشياء التي تُقلقه، والأشياء التي تُسعده، أو متى يشعر بالسعادة، ومراعاة الإصغاء لأجوبته جيداً، وذلك لفهم الزوج أكثر، ثمّ التّوسّع بالحوار، لجعله أكثر شموليّة، من خلال طرح أسئلة على الزوج، مثل: ما هو الشيء الذي سيجعل هذه السنة من أفضل سنوات الحياة لديهم كزوجين، وكيف تستطيع مساندة دوره كأب، وما هو طموحه الشّخصي.
5- الانتباه إلى لغة الجسد: يمكن أن تفهم الزوجة ما يقصده زوجها من خلال لغة جسده، وذلك من خلال الانتباه إلى عينيه، وجلسته، وغيرها من حركاته الجسدية، لمعرفة مدى استعداده للتحاور بعقلية منفتحة.
6- تغيير الروتين اليومي: يُساعد تغيير الروتين اليومي، خاصةً روتين ما بعد العودة من العمل في الحصول على حوار متنوّع مع الزوج، مثل: مفاجأة الزوج عند العودة إلى المنزل بشيء يحبه.
7- التحاور عن الأمور السيئة والجيدة: حيث إنّ تصنيف الأمور إلى حسنة وسيئة، ثمّ التّحدث عنها يجعل الحوار أكثر تشويقاً، بدلاً من قول جملة واحدة مثلاً عن أحداث اليوم.
8- دعوة الزوج للحوار عن أمر معين يهمه: يمكن سؤال الزوج إذا كان يحتاج التحاور عمّا يهمه من الأمور، وذلك للبدء بالحوار الذي يثبت للزوج اهتمام الزوجة به، ومحبتها له، وقدرتها على الاستماع لأفكار، وعواطف زوجها، ممّا يُقوّي الروابط بينهما.
9- عدم وضع الفرضيات: تؤدي العشرة الطويلة مع الزوج أحياناً إلى جعل الزوجة تفترض أنّها تعرف كلّ شيءٍ عن زوجها، وتعرف ما يشعر به أيضاً، لكن هذا الافتراض خاطئ غالباً، فليس على الزوجة أن تفترض أنّ مزاج زوجها السيئ يعني أنّه لا يرغب بالتّكلّم عمّا يزعجه، لكن عليها مشاركته الافتراض، وسؤاله إذا كان يرغب بالتّحدّث عمّا يزعجه أم لا، الأمر الذي يجعل الحوار بينهما مفتوحاً، وصادقاً.
أهمية ثقافة الحوار بين الزوجين:
تقارب وجهات النظر
الحوار يجعل الزوجين يتبادلان الأسرار مع بعضهم البعض، فكل منهم يحكي للآخر عما يدور في خياله وما يفكر به، وكل طرف يقنع الطرف الآخر بقراره معا، وفي النهاية تظهر الآراء المتقاربة، والمتفق عليها في الحوار، كما أنه يسمح بفرصة النقاش، ولهذا تصبح، وتسود ثقافة التفاهم، والحوار، والحب بينهم.
تجنب تراكم النزاعات
الحوار من الطرق المهمة جدا في التخلص من المشكلات الصغيرة، التي تتراكم مع الوقت، وتصبح مشكلات كبيرة، قد يعاني منها الأفراد في المستقبل، ولهذا نجد أن فتح باب الحوار للطرفين يجعل كل منهم يبوح، بما لديه من الخواطر، والأفكار، التي تمكنهم من حل المشكلات، والتخلص من تراكم النزاعات.
إعطاء الأمور حقها
يجب على كل من الطرفين إعطاء حجم المشكلة التي تواجههم في الحياة، وكذلك إعطاء حلول لها، وتبادل أطراف الحديث، كما أن يتمكن كل من الطرفين دراسة المشكلة بالشكل الصحيح، فيمكنهم هذا السلوك من الوصول إلى أفضل الحلول لها، وتعاملهم مع هذه المشكلة بالطرق السليمة.
زيادة الحب
خلال الحوار الهادئ والايجابي يبقى الزوجان قريبان من بعضهم البعض، ويتبادلان الكلام والحوار الجميل والعبارات الرقيقة، وكما يتمكنان من تبادل العبارات المؤثرة والرومانسية عندما يعبر كل شخص في الحوار عن مشاعره، وأحاسيسه، سيتذكر كل منهم اللحظات الجميلة للآخر ويبقى الحب دائما بينهم، وهذه من أهم الامور الايجابية في الحوار بين الزوجين.
رعاية الأسرة
نحن نعلم أن الأب يغيب فترة طويلة عن المنزل، بسبب ظروف العمل، وكما أن جميع المشكلات التي يتعرض لها الأولاد في المدرسة أو البيت، لابد أن يكون هناك حوار متبادل بين الأب والأم لمناقشة هذه المشاكل، الحوار من الأمور الضرورية بين الزوج وزوجته، حتى يضعا حدود لكل مشكلة من المشكلات التي يمر بها أطفالهم، ويعطيا المشاكل حقها، ولابد أن يتم التناقش في هذه الأمور نقاش عقلاني مدروس.
وأخيراً ... المطلوب إذاً أن يحافظ الزوجان على مساحة شخصية من الحوار وأن يتحلى الشريكان بالاحترام واللطف وأن يتبادلا الاهتمام، فتعزيز الحوار العاطفي والبنَّاء بين الأزواج من شأنه أن يجعل العلاقة متجددة وناضجة وحيوية.
وأيضا نحن لا نستطيع أن نتوقع أسرة سعيدة لا يجد الزوجان فيها سبيلاً للتفاهم والتآزر والترابط والتواصل المملوء بدفء المشاعر، كما لا نستطيع أن نتوقع مستقبلاً زاهيًا مليئًا بالحب والسعادة لزوج وزوجة لا يبذلان شيئًا من الجهد لتطوير علاقتهما وتنميتها وتحسينها.
اضافةتعليق
التعليقات