تلك الحيرة التي بدت في عينيه تعلن عن وقوفه في منتصف التيه لا يعرف يتبع أي الأمرين وأيهما الأرجح له فهو بين كفتي مصير، من جهة زوجته وأولاده الذين يتسابقون لاستقباله عند عودته للمنزل واهتمام زوجته الذي يخجله من أن يطلب منها شيئاً، ومن جهة أخرى مشاعره التي فقد زمام السيطرة عليها في لحظة الصدفة التي قادتها ليلتقي بالفتاة التي وقع في شباك حبها فهو عالق لا يدري ما الذي عليه فعله.
لا ننكر أننا اليوم نواجه مشكلة كبيرة جداً ألا وهي كثرة وتطور العلاقات الخارجة عن إطار الزواج للمتزوجين فنراهم يعيشون فترة مراهقة حقيقية في أعمار مختلفة ناهيك عن عدد العلاقات المقامة، ويعود السبب في ذلك لكثرة الاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل وكثرة الاحتكاك أدى إلى تقبل وجود الرجل بجانب المرأة كما عده البعض أمراً طبيعيا جداً، متخذين من قول الامام علي عليه السلام، ذريعة للوصول لغاياتهم "الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".
وعندما تناقش أحدا كيف لك أن تقيم علاقة مع تلك الفتاة وأنت متزوج، لأن ذلك يدخلنا في أبواب عدة منها الظلم ومنها التعدي على حقوق الآخرين وكذلك التقليل من شأنهم خاصة وأن الزوجة لها مكانتها وحقوقها التي يجب أن تصان وتحترم كي يحظى الطرف الآخر بالمثل، إلا أن جواب البعض يكون مع الأسف لا يتقبله العاقل بأنهم أخوة أو مجرد صداقة تجمعهم ولا بأس بذلك فهو لم يكن لها أي سوء في داخله وأن مشاعره حقيقية، في الوقت ذاته إن ما يبذله لتلك الفتاة أحق بأن يهدى لزوجته وأطفاله لأنه لا يدرك أن بذلك الفعل قد حطم موطناً صغيراً آمناً بتلك الصدفة اللعينة وسماحه لمشاعره بأن تنمو دون أن يردعها.
أما البعض الذين يدخلون في عالم الوهم ويعيشون العلاقة بتفاصيلها مع تلك التي تعجبهم أو تلك التي سرقتهم نظراتها حسب قولهم، "والنظرة سهم من سهام ابليس" كما عبر عن ذلك الحديث الشريف، ومتناسين أن لهم عشاً آمناً قد أعلن دماره، وسبب ذلك تأثر البعض بالثقافة الغربية التي تبث كالسم في العسل متوهمين بنقائه إلا إنه آفة تستشري بحياتنا سعياً في تدميرها دون أن يشعر الفرد بذلك، ويدخل هذا الموضوع في اطار الخيانة الزوجية التي ينبذها الضمير والمجتمع وكذلك الدين الإسلامي.
ومن هذا المنطلق الذي أصبح يعاني منه المجتمع بشكل واضح نساءً ورجالاً فلم تقتصر آثاره على فئة معينة لأن الانحلال الذي نعانيه اليوم قد استشرى بشكل واسع لينتج جيلاً عديم المسؤولية غير منقاداً للضوابط المجتمعية قد ساده الفساد الأخلاقي بعدة أشكال ومختلف الجوانب الحياتية.
لأن اليوم الذي يقتنع بالخيانة الزوجية ويراها أمراً طبيعياً ما الذي نتوقعه منه؟!
أيستطيع أن ينتج جيل ذو قاعدة رصينة وأخلاق عالية؟!
أيستطيع أن يخلف جيل ذا شجاعة تمكنه من مقاومة المغريات المقدمة له في الحياة؟!
كيف لهم ذلك إذا كان من يقتدون به لا يأبه بهذه الأمور، والخيانة لم تقتصر على الرجال حصراً بالعكس على كلا الطرفين لأن اليوم النفوس أخذها الضعف فراحت تميل بسهولة مع الريح وأصبح البعض عابد رغباته ليقوم بما يحلو له.
اضافةتعليق
التعليقات
العراق2019-07-17
عاشت الأيادي