الوحدة الزوجية هي نواة المجتمع، تتكون من الزوج والزوجة، لكن في المجتمعات العربية لا تكتمل هذه الوحدة دون تدخل طرف ثالث: الأهل. بحكم الأعراف والتقاليد، تتدخل العائلات في تفاصيل حياة الأبناء المتزوجين، مما يؤثر سلبًا على استقرار الحياة الزوجية.
القرآن الكريم والسنة النبوية أكّدا على أهمية الزواج كأساس للمودة والرحمة، وأن الطلاق استثناء لا يُلجأ إليه إلا بعد التفكير والتدبر، لكن تدخل الأهل كثيرًا ما يجعل الطلاق نتيجة حتمية لمشكلات كان يمكن تجنبها.
أنواع تدخل الأهل
من حيث طبيعته:
تدخل بالفعل: كرفض تقديم المساعدة المادية أو الإهانة الجسدية من الأهل.
تدخل بالقول: مثل الأوامر، أو النقد، أو الشتم، وقد يكون مباشرًا أو غير مباشر كالنميمة.
من حيث أثره:
نافع: إذا كان للإصلاح ودعم العلاقة.
ضار: يتراوح بين المسبب المباشر للطلاق، أو سبب مساعد له، أو مسبب لتوتر دائم بين الزوجين.
من حيث زمانه:
بعيد وغير مباشر: منذ الطفولة عبر أسلوب التنشئة.
قريب ومباشر: قبل الزواج (اختيار الشريك، المهر، ترتيبات الحفل) وبعد الزواج بالتدخل في شؤون الحياة الزوجية.
من حيث القصد:
بحسن نية (الإصلاح)، أو بسوء نية (الغيرة، الحسد، التسلط).
من حيث الدافع:
في حال الخلاف بين الزوجين، أو لمحاولة فرض السيطرة أو حتى بدافع العطف غير المدروس.
أسباب التدخل
أسباب قريبة:
الغيرة: خاصة من الأم التي تشعر بأن الزوجة "سرقت" ابنها.
المال.
اعتماد الابن على أهله.
اعتماد الأهل على الابن.
الغيرة من استغلال الزوجة لماله.
تدخل أهل الزوجة في مال ابنتهم.
الخدمة المنزلية: خصوصًا في حالة السكن المشترك.
الأحفاد: سواء بوجودهم أو تأخرهم.
الزواج دون رضا الأهل: يزيد من التدخلات والمراقبة.
التدخل لإصلاح خلل مفترض: مثل الخضوع الزائد لأحد الطرفين.
التدخل لحل النزاعات: أحيانًا يؤدي إلى تفاقمها بسبب سوء تقدير الأمور.
أسباب بعيدة:
ضعف الوازع الديني: يؤدي للغيبة والنميمة وسوء الظن والطلاق لأتفه الأسباب.
الفقر: يجبر الزوجين على السكن المشترك والاعتماد على الأهل.
النظرة التقليدية للمرأة: باعتبارها خادمة للرجل وأهله.
صراع الأجيال: اختلاف القيم بين الأمهات والكنات.
التنشئة الاجتماعية: الاعتماد على الأهل وعدم تنمية الاستقلال.
وسائل الإعلام: ترسيخ صورة نمطية عن العلاقة بين الحماة والزوجة.
زواج الأقارب: يتسبب في ضغط عائلي مستمر وتنازلات كثيرة.
آثار تدخل الأهل السلبي
الطلاق: نتيجة لفقدان الثقة وتكرار النزاعات.
التفكك الأسري: يلجأ أحد الأطراف للهروب من البيت أو حتى الأبناء أنفسهم.
الطلاق العاطفي: برود العلاقة بسبب التوتر المستمر.
العنف الأسري: جسدي أو لفظي نتيجة الضغط.
عدم تحمّل المسؤولية: الاتكالية المطلقة على الأهل.
تذبذب تربية الأبناء: عدم استقرار بيئة التنشئة بسبب الخلافات.
مشاكل نفسية: مثل القلق، الخوف، وعدم الثقة بالنفس.
الانتحار: بسبب الضغط النفسي الشديد الناتج عن التدخلات المستمرة.
حالات واقعية
الحالة 1: فتاة انتحرت بسبب تدخل أم الزوج المتكرر رغم سكنها المستقل.
الحالة 2: فتاة أحرقت نفسها بسبب تحميلها مسؤوليات منزلية ثقيلة.
الحالة 3: أم الزوج حرّضت ابنها على الزواج الثاني رغم وجود طفلين.
الحالة 4: فتاة تُركت معلّقة بعد سفر الزوج بتحريض من أهله.
الحالة 5: زوج يرفض الاستقلال بسبب ضغط الأهل، مما يعطل عمله.
الحالة 6: زوجة موظفة تعرضت للطلاق بسبب تدخل أهلها وطمعهم في راتبها.
إن تدخل الأهل في الحياة الزوجية أصبح من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تهدد كيان الأسرة العربية. والحل يكمن في تعزيز الوعي الديني، وتشجيع الأزواج على الاستقلال، وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة حول أدوار الزوجين، بالإضافة إلى إعداد المقبلين على الزواج تربويًا ونفسيًا لتحمل مسؤوليات الحياة دون الاعتماد على تدخل الآخرين.
اضافةتعليق
التعليقات