أغلبنا يعرف الإحساس الحارق عند تناول الفلفل الحار، وهو مذاق يحبّذه كثيرون ويبحثون من أجله عن أفضل أنواع الفلفل. لكن هل يمكن أن يسبب تناول الفلفل الحار أضرارا صحية؟
في تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation)، يقول الكاتبان شارلوت فيلبس وكريستيان مورو إن سوق الصلصة الحارة نما بشكل كبير على مستوى عالمي في السنوات القليلة الماضية ليبلغ حوالي 2.71 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن ينمو إلى 4.38 مليارات دولار بحلول عام 2028، وهو ما يظهر أن مذاق الفلفل الحار خيار مفضل لكثيرين رغم ما يسببه من إحساس حارق. لكن ما حقيقة ذلك الإحساس؟
المذاق الحارق "خدعة"
رغم فوائده الصحية، يسبب تناول الفلفل الحار بعض المشاكل، ويشمل ذلك التورم والغثيان والقيء وآلام العين والإسهال وآلام البطن وحرقة المعدة والصداع. في الواقع، كل ذلك يشكل الطريقة التي تستجيب بها أجسامنا لتناول الفلفل، وليس هناك أي شيء حارق فعليا.
كل تلك الآثار الجانبية التي نلاحظها عند تناول الفلفل الحار، مثل التعرق والألم، ناجمة عن اعتقاد الجسم بأن هناك حرقا حقيقيا، حيث يستشعر الجسم الكابسيسين، وهو المركب النشط الأساسي في الفلفل، ويستجيب له على الفور، ولكن دون تعرّض الخلايا لضرر كبير.
يخدع الكابسيسين الجسم ويجعله يعتقد أنه يعاني من إحساس حارق رغم عدم حدوث حرق فعلي، حيث إن الخلايا الفردية في الفم والجهاز الهضمي تستجيب للمحفز عن طريق إطلاق مواد كيميائية تسبب قدرًا صغيرًا من التهيج. وعادة ما تكون الاستجابة قصيرة نسبيا، وتميل إلى الانحسار بسرعة ويهدأ الإحساس بالحرق.
وحسب الكاتبين، لا توجد الكثير من الأدلة على حدوث أي أضرار صحية جراء الاستهلاك المعتدل للفلفل الحار، إلا أن إحدى الدراسات أظهرت ارتباطا بين تناول كميات كبيرة من الفلفل الحار والتدهور المعرفي.
في الدراسة، أبلغت نسبة كبيرة من الأشخاص الذين بدت عليهم أعراض فقدان الذاكرة عن تناول أكثر من 50 غراما من الفلفل الحار يوميا (ما يعادل 3.5 ملاعق كبيرة). لكن هذه البيانات كانت نتيجة إبلاغات ذاتية، ولم يتم تأكيد النتائج من خلال مزيد من الأبحاث.
لا توجد مخاطر على المدى البعيد
الفلفل الحار هو أحد التوابل الأساسية المستخدمة في العديد من المطابخ عبر العالم، وله الكثير من الفوائد، مثل بقية التوابل، لما يحتويه من مضادات الأكسدة.
كما أن عشاق الفلفل الحار يميلون عادة إلى إضافة كميات أقل من الملح إلى وجباتهم، مما يعني أن الاستمتاع بالمذاق الحارق قد يشكل في الآن ذاته عادة صحية عبر التقليل من استهلاك الصوديوم.
وبشكل عام، لا يبدو أن هناك أي مخاطر طويلة المدى من تناول الفلفل الحار بشكل معتدل، لكن تقبّل المذاق الحارق يختلف من شخص إلى آخر، ويكون ذلك في بعض الأحيان لأسباب وراثية. حسب الجزيرة
الحليب بدلاً من الماء.. مخاطر وفوائد تناول الطعام الحار!
الفلفل الحار والزنجبيل أو الوسابي، كلها تضيف نكهة خاصة للأطعمة. لكن في كثير من الأحيان قد نلجأ إلى كوب من الماء لإخماد حرقة الفم وهو ما لا ينصح به. في المقابل الطعام الحار قد يكون صحياً، لكن إن لم تبالغ فيه!
لا يمكن تخيل بعض الأطباق من دون المذاق اللاذع. "سباغيتي ألارابياتا"، على سبيل المثال، مع صلصة تحتوي على الفلفل الحار. أو السوشي مع الوسابي الذي يحتوي على زيت الخردل أو حساء الدجاج مع الزنجبيل، الذي يلذع اللسان.
هل نودع حرقة الفلفل الحار مستقبلاً؟
إذا كنت غير معتاد على تناول هذه الأطباق بسبب مذاقها الحار، فقد تتعثر مع اللقمة الأولى. إنها تحرق الفم بالمعنى الحرفي للكلمة، وقد تكون أحياناً مؤلمة. لكن لماذا يحدث هذا؟ بعض المواد هي المسؤولة عن الشعور بحرقة في تجويف الفم، وتكشف كارولين هول، أخصائية التغذية في مؤسسة راينر فيلد عن أن هذه المواد هي "بيبيرين" في الفلفل و"الأليسين" في الثوم. المواد المعنية تنشط المستقبلات في الفم، مما يخلق شعوراً بالحرارة بداخل الفم، حتى لو كان الطعام نفسه بارداً.
الحليب بدلا من الماء!
في هذه الحالة، يلجأ كثيرين إلى شرب كوب من الماء لإخماد حرقة الفم. وتنصح كارولين هول ببدائل أكثر فعالية: "لكن هذه ليست فكرة جيدة لأنها غير فعالة". من الأفضل شرب رشفة من الحليب أو تناول بعض الزبادي أو الجبن وذلك لأن الأطعمة التي تحتوي على الدهون والبروتينات تقلل المذاق الحاد بشكل أفضل. أحد أسباب ذلك هو أن الكابسيسين قابل للذوبان في الدهون.
من الأفضل دفع طبق الطعام الحار جانباً: "إذا كان الألم الشديد هو نتيجة الطعام الحار، فيجب أن تراها إشارة إنذار من الجسم"، كما ينصح البروفيسور يوهانس جورج فيكسلر، رئيس الجمعية الفيدرالية لأخصائي التغذية الألمان.
إذا كانت لديك معدة أو أمعاء حساسة، من الأفضل إبعاد يديك عن الأطعمة الحارة. لأنها يمكن أن تتسبب في تهيج بطانة المعدة والأمعاء. مما يتسبب بآلام في المعدة أو الإسهال. كما ينصح الأطباء وخبراء التغذية بعدم تناول الأطفال الصغار الطعام الحار. وذلك لأن الجهاز الهضمي يجب أن يعتاد على الطعام الحار واللاذع شيئاً فشيئاً.
الجانب الإيجابي للطعم اللاذع
الأطباق الحارة لها أيضاً سمعة طيبة في التأثير الإيجابي على الجسم، كما تقول كارولين هول: "الطعام الحار يحفز الدورة الدموية ونبض القلب، وتمديد الأوعية الدموية". كما أن كمية صغيرة من الأطعمة الحارة تفرز الإندورفين، أي هرمونات السعادة، التي تمنح الشعور بالإسترخاء. "ومع ذلك لم يتم إثبات ذلك بشكل علمي حتى الآن"، كما يقول يوهانس جورج فيكسلر. ووفق البروفيسور، فإن الأمر نفسه ينطبق على ما يتم تداوله حول أن الطعام الحار يمكن أن يطيل الحياة.
غير أن المواد الساخنة مثل الكابسيسين في الفلفل الحار، لها تأثير مضاد للجراثيم. كما أن هناك العديد من الآثار الإيجابية الأخرى التي تُنسب إلى الكابسيسين. ويقال إنه يزيد من استهلاك الطاقة وحرق الدهون، ويقلل من الشهية أثناء اتباع نظام غذائي، ويضمن صحة الجراثيم المعوية ويساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، على الرغم من عدم إثباتها بشكل لا يدع مجالاً للشك.
غير أن تأثير المذاق الحار على الجسم والصحة، يتعلق بالكمية. وعن ذلك يوضح يوهانس جورج فيكسلر أن: "الكميات المنخفضة من الأطعمة الحارة عادة لا يتسبب في أي مشاكل". لكن الوضع يختلف مع الكميات الكبيرة.
وفق المعهد الفيدرالي لتقييم المخاطر (BfR)، فإن ما يصل إلى خمسة مليغرام من الكابسيسين لكل كيلوغرام من وزن الجسم لكل وجبة لا يمثل مشكلة. لكن إذا كان التركيز أعلى، فقد يؤدي ذلك إلى الغثيان والقيء، وفي الحالات القصوى حتى إلى أعراض التسمم. لكن عادة لا ترى محتوى الكابسيسين الدقيق في ما تريد أن تأكله. لهذا يكشف المعهد الفيدرالي لتقييم المخاطر (BfR) عن الأطعمة التي لا داعي للقلق منها بشأن صحتك، ومن ضمنها الكاري الهندي التقليدي. أما المنتجات مثل صلصات أو مستخلصات الفلفل الحار، ذات المذاق الحار الشديد، من المرجح أن تسبب مشكلة صحية. حسب dw
اضافةتعليق
التعليقات