قد يجد العديد من الأشخاص أنفسهم يواجهون شعوراً بفقدان التحكم في تناول الطعام في مراحل معينة من الحياة. بالنسبة للبعض، قد يظهر ذلك في صورة إفراط لا إرادي في تناول الطعام أو الأكل العاطفي، وبالنسبة لغيرهم، قد يتمثل في رغبةٍ بتناول أطعمة معينة بشراهة. قد تتجلى هذه الدوافع في اضطرابات صحية عقلية خطيرة مثل الشره المرضي العصبي أو اضطراب نهم الطعام، بالرغم من أنه ليس كل من يعانون من هذه الدوافع يستوفون معايير التشخيص بالإصابة باضطراب معين في الأكل.
هناك العديد من الأسباب التي قد تجعلك تشعر بأنك تفقد التحكم في تناول الطعام، ويحتمل أن يتجاوز الأمر مجرد مسبب واحد مسؤول عن ذلك. فقد يكون هذا نتيجة لبيولوجيا الجسم، أو المشاعر، أو البيئة، والأرجح أن يكون نتيجة مزيج من العديد من هذه العوامل.
ونظراً لوجود مثل هذه الأسباب المختلفة، لا توجد أيضاً طريقة وحيدة للمساعدة في التصدي لهذا الشعور بفقدان السيطرة واتباع استراتيجيات متعددة يكون ضرورياً في الكثير من الأحيان.
فيما يلي ست نصائح عملية يؤيدها الخبراء ويمكنها مساعدتك إذا كنت تعاني من القلق المرتبط بتناول الطعام، أو تحديداً، ذلك الشعور المزعج بفقدان التحكم عندما يتعلق الأمر بماهيّة الطعام الذي تأكله.
1. ابذل قصارى جهدك لتناول الطعام على نحوٍ منتظم
من الممكن أن يكون تخطي الوجبات أو تحديد أنواع الطعام من الأسباب التي تجعل البعض يميلون إلى فقدان التحكم في تناول الطعام، كما ورد في موقع Medical News Today. لذا فإن إحدى الوسائل الرئيسية لمقاومة هذا الشعور -برغم أن قول ذلك قد يكون أسهل من فعله بكثير- هي تناول القدر الكافي من الطعام الذي يجعلك تشعر بالشبع ويجعلك لا تفكر في الجوع بشكل مستمر.
تناول الطعام على نحوٍ منتظم هو جزء كبير من التغلب على فقدان السيطرة على تناول الطعام. عندما لا نتناول القدر الكافي من الطعام أو نتجنب أطعمة معينة، فإننا نبدأ في الشعور بالحرمان. واستجابةً لذلك، تسعى أجسادنا للطعام، خاصةً الأطعمة التي أخبرنا أنفسنا بأنها ممنوعة.
من الجيد ثلاث وجبات في اليوم إلى جانب وجبة خفيفة عند الشعور بالجوع. لكن تذكروا، يختلف ذلك بشدة من شخصٍ لآخر، وعلى الأرجح، ستكون المواعيد المحددة التي تجعل تناول الطعام "منتظماً" مختلفة من شخصٍ لآخر. والأكثر أهمية من تحديد عدد الوجبات أو الوجبات الخفيفة هو التأكد من تناول القدر الكافي من الطعام خلال اليوم بما لا يجعلك تعاني من آلام الجوع المتكررة. كما يمكن تناول كل شيء باعتدال ما لم يكن هناك ضوابط طبية.
إذا سمحنا لأنفسنا بتناول الطعام الذي نشتهيه بشدة، فسوف نتمكن من مواصلة يومنا بدلاً من الانشغال بالتفكير في هذا الطعام. يشبه ذلك ما يُطلق عليه الأكل الحدسي، وهو نهج لا يحاول فيه الأشخاص التحكم في طعامهم ويركزون بدلاً من ذلك على الالتفات إلى مشاعر الجوع والرضا.
2. تصدّ للحديث السلبي عن الطعام وأعد صياغته
إعادة صياغة الأفكار والمعتقدات غير المجدية هي خطوة شديدة الأهمية نحو حرية تناول الطعام. ينطوي ذلك غالباً على التخلي عن القواعد الصارمة المتعلقة بماهية الطعام وكميته ومتى ينبغي أن نتناوله، تلك القواعد التي تغذي مشاعر العجز إزاء الطعام.
عادة ما يكون الالتزام بقواعد الحمية الغذائية أمراً صعباً، لذلك فعندما نأكل شيئاً نعدّه محظوراً فإننا نشعر بأننا فاشلون. ثم نقول لأنفسنا "لقد خالفتُ هذه القاعدة، ربما من الأفضل أن أستمر في ذلك وأبدأُ بدايةً جديدة من الغد".
3. عالج مشاعرك بنفسك مباشرةً
إن السبب الآخر الذي قد يجعل الشخص يشعر بفقدان التحكم في تناول الطعام هو المشاعر الصعبة مثل التوتر أو الحزن. تعلم العديد منّا اللجوء إلى تناول الطعام بوصفه وسيلة للتعامل مع مشاعرنا. لهذا السبب قد يساعدنا منح أنفسنا لحظة للتوقف ومراجعة الذات حتى نتمكن من العمل على كشف السبب الأصلي لمشاعرنا بدلاً من اللجوء إلى الطعام بوصفه وسيلة لتخدير مشاعرنا أو الهروب منها.
مع أن بعض الدراسات أثبتت أن تناول الطعام للشعور بالسعادة لا يُعدُّ بالضرورة أمراً سيئاً وقد يكون بمثابة آلية تأقلم فعالة، من المهم أيضاً وضع وسائل بديلة للتحكم في عواطفنا. ومرة أخرى، هذه من الحالات التي يمكن أن يتدخل فيها المعالج النفسي لمساعدتك في فهم والتعامل مع الضغوط الكامنة في حياتك بطريقة يستمر مفعولها لوقت أطول.
لكن هناك أشياء يمكنك عملها بنفسك أيضاً. على سبيل المثال، يمكنك كتابة اليوميات لتكون طريقة لمراقبة الذات، أي تسجيل ورصد الأوقات التي تشعر فيها بفقدان التحكم والسلوكيات المرتبطة بذلك. قد يعزز ذلك الإدراك والشعور بالمسؤولية، إلى جانب أنه يمكن أن يحدد بدقة العوامل المحفزة المحتملة وأنماط شعورنا وسلوكنا. قد تتضمن الأشياء التي يمكنك تدوينها كيف كنت تشعر وما الذي أكلته وأين فعلت ذلك وما الذي كان يجري في ذلك الوقت. من خلال الاستفادة من مشاعرك وعواطفك -وهي عملية تُعرف بالتنظيم العاطفي- يمكنك منح مشاعرك الوقت والمساحة بدلاً من كبتها.
4. افعل شيئاً تجده ممتعاً
إننا نلجأ غالباً إلى الطعام بوصفه مصدراً للمتعة، ولا سيّما إذا كنّا نضع قيوداً للطعام الذي نتناوله، وفقاً لموقع The Conversation.
ليس هناك شيء خاطئ بطبيعته في تناول الطعام بهدف المتعة أو استخدام الطعام أحياناً لرفع المعنويات. في الواقع، قد يكون الفرح والارتباط بالسعادة وغير ذلك من المشاعر الإيجابية جزءاً أساسياً في تكوين علاقة صحية مع الطعام. ومع ذلك، إذا كنت تعتقد أن تناول الطعام من أجل المتعة هو أحد الأسباب التي تجعلك تشعر بأنك تفقد التحكم في تناول الطعام، فقد يكون من المفيد وضع مصادر بديلة للمتعة وطرق للتصدي لمشاعر مثل الملل أو الإحباط.
إن الانخراط في نشاط آخر يمكن أن يحول تركيزك بعيداً عن الطعام. قد يكون من المفيد وجود بعض الإلهاءات المقصودة لمساعدتك في قطع وتخفيف الأفكار والعواطف المرهقة ذهنياً.
5. اطلب مساعدة الخبراء
التحذير الذي يجب وضعه في الحسبان هو أن هناك طائفة واسعة من الأسباب التي تجعل الناس يشعرون بفقدان التحكم في تناول الطعام، ولهذا فإن الاعتقاد بوجود نهج واحد يناسب الجميع هو أمر غير واقعي. ومع أخذ ذلك في الحسبان، من الضروري استشارة أحد الخبراء، إن أمكن، لتحديد الأسباب الكامنة وراء شعورك بفقدان السيطرة. يمكن أن يكون خبيراً في الصحة البدنية أو خبيراً في الصحة النفسية أو كليهما.
بالنسبة إلى الشخص الذي يكون الدافع الأساسي في تناوله للأكل يتعلق بمشاكل وظائف الأعضاء، فإن اقتراح التغييرات السلوكية والأنشطة قد لا يكون محبطاً للغاية فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم فقدان السيطرة على تناول الطعام، إضافةً إلى الاضطرابات المزاجية، ومشاكل الصحة الجسدية المرتبطة بالتوتر، كما جاء في موقع Mental Health.
6. اختر شخصاً للتحدث معه عما تشعر به
مع أن البحث عن مساعدة معالج محترف قد يكون مفيداً بلا شك، قد لا يكون خياراً متاحاً لدى الجميع. هناك العديد من العوائق العامة التي تمنع بعض الأشخاص من تلقي رعاية الصحة النفسية التي يحتاجون إليها. لا يستطيع البعض تحمل تكاليف العلاج أو يفتقرون إلى التأمين اللازم لدفع ثمنه، بينما قد يواجه آخرون صعوبة في العثور على معالجين ذوي كفاءة من الناحية الثقافية. لكن التحدث عن أفكارنا وعواطفنا يمكن أن يكون مساعداً بشكل لا يصدق برغم أنه أمر شاق أيضا . حسب عربي بوست
ما أسباب اضطرابات الأكل؟
تبرز خطورة اضطرابات الأكل لتأثيرها المباشر على جميع الأشخاص باختلاف العمر والجنس والعِرق وحتى الفئة الاجتماعية والاقتصادية، ورغم أن هذه الاضطرابات تبدأ عادة خلال مرحلة المراهقة فإن هناك العديد من الحالات التي تم تشخيصها في الأطفال وكبار السن.
وكمدخل نظري فإن اضطرابات الأكل هي أحد الاضطرابات النفسية المُعترف بها رسميا من قِبل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية. تسبب اضطرابات الأكل العديد من الاضطرابات السلوكية والهواجس المرتبطة بالأكل وعادات تناول الطعام وشكل الجسم لدى الشخص.
هذا وتُشكّل اضطرابات الأكل خطرا كبيرا على صحة الشخص قد يصل إلى الوفاة، فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل أكثر عرضة للإصابة بفشل القلب مقارنة بغيرهم، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق والإدمان فضلا عن الاكتئاب الذي يدفعهم في نهاية المطاف إلى الأفكار الانتحارية ومن ثم الانتحار رغم أنه يُشاع أن اضطرابات الأكل تحدث بسبب العوامل البيئية والثقافية فقط فإنه لا يوجد سبب محدد لحدوث تلك الاضطرابات. لذا خلال هذا التقرير سوف نتعرف على اضطرابات الأكل وأنواعها ومن ثم نحاول استكشاف العوامل المسببة لها.
ما أنواع اضطرابات الأكل؟
تتراوح اضطرابات الأكل بين تناول الشخص كمية ضئيلة للغاية أو كمية كبيرة جدا من الطعام. تتعدد أنواع اضطرابات الأكل لكن أشهرها هو اضطراب فقدان الشهية العصبي (Anorexia nervosa)، واضطراب الشره المرضي العصبي (Bulimia nervosa)، واضطراب الأكل الشره (Binge eating).
اضطراب فقدان الشهية العصبي
يُعد اضطراب فقدان الشهية العصبي هو أكثر اضطرابات الأكل انتشارا، يتطور الاضطراب عادة خلال مرحلة المراهقة ويكون أكثر تأثيرا في النساء مقارنة بالرجال. الأشخاص المصابون بفقدان الشهية العصبي لديهم خوف شديد من زيادة الوزن، إذ يرون أنفسهم بدناء للغاية رغم أنهم يعانون من نقص حاد في الوزن، وبالتالي يقيدون أنفسهم تقييدا شديدا بعدد محدد من السعرات الحرارية ويقومون بتجنب أنواع محددة من الطعام فضلا عن المراقبة المستمرة لأجسامهم.
يعاني نصف المصابين بفقدان الشهية العصبي من اضطرابات القلق والوسواس القهري، بيد أنهم مشغولون دائما بأفكار وهواجس مخيفة حول الطعام وشكل الجسم. بعض المصابين بفقدان الشهية العصبي يقيدون أنفسهم بنظام غذائي قاسٍ يعتمد على القليل من السعرات الحرارية، على عكس البعض الآخر منهم الذين لا يقيدون أنفسهم بنظام غذائي بل يتناولون الطعام الذي يريدونه ثم يقومون بإخراج الطعام عمدا عبر التقيؤ أو تناول المسهلات ومدرات البول. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات