ماما ماما اريد هذا، بابا بابا ارجوك ارجوك... وهكذا نسمع هذه الكلمات المتكررة من طفلك عند رغبته في الحصول على شيء ما، وبعد الموافقة عليه يبدأ طلبا جديدا، وتستمر المحاولات التي لا تنقطع، ورغم محاولاتك للتحلي بالصبر والالتزام بالهدوء في تربية أبنائك، فإن الإلحاح الشديد والمستمر قد يجعلك تودين الصراخ بأعلى صوت عادة يتميز بها الأطفال بالإلحاح على طلباتهم، ولا يتقبلون رفضها بسهولة؛ وهو ما قد يجعل من الإلحاح والصراخ عادة لديهم.
يلجأ الأطفال في جميع الأعمار إلى عادة الإلحاح، ويستمرون في طلب ما يريدون حتى يستجيب أهلهم لمطالبهم. يعد الاستسلام لطلبات الأطفال من أسهل الخيارات، لأنه يعيد جو الهدوء والسلام إلى المنزل، ولكنه يعلمهم بأن الإلحاح يأتي بنتيجة، وفي المرة المقبلة عندما يريد الطفل أي شيء، سيكررون هذه العملية. الإلحاح من أكثر صفات الأطفال غير المرغوبة بالنسبة للأبوين، وتترك آثارا سلبية على شخصية الطفل.
إصرار طبيعي أم اضطراب نفسي؟
وقبل معرفة كيفية تغيير سلوك الطفل، يجب أولا فهم الأسباب وراء هذا السلوك؛ فغالبا يلح الأطفال للحصول على ما يريدون، لكنهم أيضا قد يستخدمون ذلك لأسباب أخرى، منها رغبتهم في جذب انتباه الوالدين، وقضاء بعض الوقت معهما، أو إذا شعروا بأنهم غير مسموعين ومضطرين لاستخدام الإلحاح حتى يستجيب لهم الكبار.
وأوضح الخبير في التقييم والعلاج النفسي للأطفال والمراهقين عبد الرحيم الريفي للجزيرة نت أن "هناك مستويين من الإلحاح: الأول هو الإلحاح العادي على الأمور الحياتية للحصول على رغباته، والثاني هو جزء من بعض الاضطرابات النفسية، مثل اضطراب الوسواس القهري، واضطراب طيف التوحد، واضطراب التحدي المعارض، ويجب في هذه الحالة اللجوء إلى مختصين لمعالجة هذه القضايا".
أسباب استخدام الطفل الإلحاح:
وفي هذا السياق، توضح سهام حسن الأخصائية النفسية، أن شعور الطفل بعدم الاستقرار والأمان والإهمال من قبل أبويه، يجعله يستخدم الإلحاح لجذب الانتباه إليه، كما أن التدليل الزائد وتلبية طلباته باستمرار وعدم ممارسة الطفل لأي نشاطات وعدم انشغاله بأشياء مفيدة لجسمه أو عقله يعزز هذه الصفة فيه.
إن سبب إصرار الطفل على طلبه رغم رفض الأم له بسيط للغاية، لأنه يعلم بأن الأم ستستسلم في النهاية لكي توقف الإلحاح. عندما تستسلم الأم في المرة الأولى يكون إلحاحه أشد في المرة المقبلة.
أشكال الإلحاح:
١- العدوانية والغضب بالصراخ أو الارتماء في الأرض أو إيذاء نفسه.
٢- الشكوى الدائمة ومحاولة استدرار شفقة الآخرين.
٣- الإلحاح للحصول على ما يوجد أمامه.
٤- الإلحاح للحصول على أشياء بعينها.
٥- التمادي في الإلحاح أمام الآخرين على وجه الخصوص.
وهذه بعض الطرق لمساعدتك على تقويم سلوك طفلك:
١- لا تستجيبي
أوضح الريفي 3 خطوات أولية للتعامل عندما يبدأ طفلك الإلحاح، وقال "أولا يجب على الوالدين تعلم كيفية التصديق على مشاعر الطفل واحترامها، ثانيا عدم الاستجابة للطلبات التي لم يتم الاتفاق عليها، وثالثا الحرص على عدم انتقاد الطفل، ولكن يمكن تذكيره بالأشياء الإيجابية التي قام بها خلال اليوم، والثناء عليه".
وأكد أن "أي استجابة إيجابية لإلحاح الطفل تعزز سلوكه، ويعتاد على أن استخدام البكاء الشديد أو تشبثه بوالديه أو تهديدهم بفعل أشياء خاطئة تمثل طريقته للحصول على رغباته، فيكرر هذا ويزيده".
وشدد على أهمية وضع قواعد محددة، مثل مصروف محدد، ووقت محدد للنوم، والإصرار على هذه القواعد بشكل لطيف، وإذا استجاب الأب أو الأم لإصرار الطفل لتجاوز هذه القواعد، يُعد هذا تعزيزا لعناده.
٢- حافظي على هدوئك
يبحث الطفل عن أي طريقة للتأثير عليكِ، ويؤكد له فقدان هدوئك أن لديه القدرة على إزعاجك، ويتمسك أكثر بسلوكه، وقد يدفعك الانفعال إما إلى الموافقة على ما يريد لإسكاته، أو قول شيء تندمين عليه في لحظات الغضب.
لذلك حاولي بقدر الإمكان الانفصال عن طفلك عندما يبدأ الإلحاح غير المتوقف، وخذي أنفاسا عميقة للحفاظ على هدوئك، وتذكري أن استسلامك سيؤدي إلى المزيد من الإلحاح.
٣- استخدمي الحب والحزم معا
وإذا لم يستجب الطفل لرفض طلباته، وتسبب ذلك في نوبة غضب، ينصح الريفي بالانتباه في هذه الأوقات إلى مشاعر الطفل مع عدم الموافقة على السلوك.
وقال "المشاعر شيء أصيل في الإنسان ويجب قبولها بغض النظر عن الدافع وراء الشعور، حتى لو كان الشيء تافها، ويساعد التصديق على حل الصراعات وتهدئة الغضب، ثم يتم التعامل سلوكيا مع الغضب".
وأوضح أن "التصديق لا يعني الموافقة على سلوك الطفل، ولكنه إقرار بشعوره بالغضب، مع الامتناع عن السلوك بلطف شديد، والتمسك بجناحي التربية، وهما الحب والحزم؛ الحب يظهر في إقرار المشاعر وتفهمها بقول "أنا متفهم شعورك، ولكن هناك قواعد يجب احترامها وعدم تجاوزها"، والحزم في عدم الاستجابة لطلبه".
٤- التحذير من العواقب
إذا تفاقم سلوك الطفل وتجاوز الحد الذي يمكن تجاهله، كصراخ بصوت عال في مكان عام أو بدء إلقاء الأشياء على الأرض، قومي بتحذيره من عاقبة تصرفه، بقول "إذا لم تتوقف عن الإلحاح والبكاء سنعود إلى البيت ولن تذهب للعب".
واحرصي على اختيار تحذير يمكنك حقا استخدامه، وكوني على استعداد لتنفيذه إذ لم يتوقف طفلك عن سلوكه.
٥- فرقي بين الاحتياجات والرغبات
التفرقة بين الاحتياجات والرغبات تساعد طفلك على فهم إلحاحه، ومعرفة أن الاحتياجات مثل الطعام أشياء لا يمكن الاستغناء عنها، بينما الحلوى واللعب رغبات يمكن الاستغناء عنها، وليست هناك مشكلة في تأجيلها إلى وقت آخر.
٦- ضعي قواعد واضحة
ضعي قواعد واضحة للإلحاح، مثل "لطلب شيء ما اسأل بلطف وتقبل الإجابة بهدوء"، وستحتاجين إلى تذكير طفلك بالقاعدة من وقت لآخر "ما قاعدتنا لطلب شيء ما؟"
ولا تستسلمي لطلبه لخرق القواعد، ويساعد هذا الأطفال على فهم أن محاولاتهم لتغيير رأيك لن تكون فعالة، وتأكدي من التزام والده أيضا بالقواعد نفسها.
٧- امدحي سلوكه الإيجابي
عندما يتوقف طفلك عن الإلحاح، امنحيه اهتمامك، وامدحيه لتعزيز سلوكه الإيجابي.
نصائح لإيقاف إلحاح الأطفال وتحفيزهم:
١- يجب على الأهل التكلم مع الطفل لمعرفة ماذا يحب.
٢- لا يجب على الأهل التكلم مع الطفل على أنه طفل صغير لأن الأطفال يكرهون ذلك؛ إذ يُحب الأطفال أن يُعاملوا على أنهم أفراد مستقلون.
٣- ذكري طفلك بالسلوكيات الجيدة بلطف، لأن ذلك أجدى وأسرع من الطرق الأخرى، كما يخفف من حدة الإلحاح.
يحتاج سلوك الإلحاح عند الأطفال إلى الانتباه، ولذا، يجب أن تتجاهله الأم مرة أو مرتين، وسوف يتوقف الأطفال عن ممارسة هذا السلوك.
٤- قدمي لهم الرسومات أو الألعاب التي تنمِّي حس الإبداع لديهم. ستساعدهم هذه الأمور على إخراج المشاعر السلبية.
بدلاً من إلقاء المحاضرات على الطفل، يجب على الأم أن تعلم طفلها كيف يحل مشاكله بنفسه. فعندما يدرك الطفل بأنه ارتكب خطأً ويعترف بذنبه، فإنه لن يرتكبه مجدداً.
٥- تشتيت انتباههم عن مصدر الإلحاح، وأشركيهم في نقاش، سيحبون ذلك.
تذكري بأن الخيار الأسهل ظاهرياً، ألا وهو الاستسلام لمطالب طفلك، لتنعمي بالهدوء والسلام المؤقت وإنهاء نوبة الإلحاح، سيصعب الأمور عليك على المدى البعيد، وسوف يعلِّم الأطفال عادة الإلحاح والإصرار
اضافةتعليق
التعليقات