قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) في رسالة الحقوق: وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته (فيك وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب) فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه، (المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله تعالى).
فإذا أدرك الآباء أن الأبناء بخيرهم وشرهم منسوبون إليهم يدركون أهمية تأديبهم وتعليمهم وتهذيبهم، وحين معاشرتهم، التلطف بهم، وتسميتهم بأحسن الأسماء وإسكانهم وإطعامهم بما يليق مع كرامة الإنسان .
فحسن أدب الولد وطيب مولده يرجع بالخير على والديه في الدنيا بمدح وثناء الناس له واتخاذه قدوة، وفي الآخرة بالقرب من الباري عز وجل .
وفي المقابل سوء أدب وأخلاق الأولاد وخبث سريرتهم وقبح أسمائهم ومعشرهم يعود على الآباء بالشر في الدنيا بذم الناس، والعقاب في الآخرة على التهاون في حقوق الأبناء وإثر ذلك يتولد الندم والآلام مما يعرض الإنسان للضغط ودفعه للانعزال والحرص وأحياناً إلى المرض وحتى الوفاة.. لذا كان من الضروري الإهتمام بالمصابين بهذه الحالات ووضعهم تحت المراقبة .
يكون الضجر تارة بمعنى المعضلة الأخلاقية المستعصية وتارة بمعنى النفور من الذات وعدم تحمل النفس، وإثر ذلك يتولد الندم والآلام مما يعرض الإنسان للضغط ودفعه للانعزال والحرص وأحياناً إلى المرض وحتى الوفاة.. لذا كان من الضروري الإهتمام بالمصابين بهذه الحالات ووضعهم تحت المراقبة .
إن النفوس الغنية لا تشعر بالملل والضجر وكذا هو الحال بالنسبة للمجتهد والمنشغل بعمل ما؛ فالأمل يحدو به إلى المستقبل مما يبدد أي أثر للقلق بشأن الإصابة بهذه المعضلة.. عموماً تلاحظ هذه المشكلة فيمن يعاني من فراغ روحي ونفسي وليس له ما يسد رغباته أو يولد القناعة لديه.
المصاديق والتصورات:
يظن من يشعر بالملل والضجر أن الحياة صارت بالنسبة له بحيث لا يمكنه تنظيمها أو أنه لم تبق له نقطة إيجابية حتى يسلي نفسه بها، أو حتى أن عقبات تواجه مسيرته وتقدمه في الحياة لا يمكن التغلب عليها .. هذا النمط يعاني من اضطراب ونزاع داخلي .
بالإضافة إلى ذلك فإن المصاب بهذه الحالة يهول من المشاكل التي يواجهها في حياته إلى الحد الذي يعمل من الحبة قبة كما يقول المثل. لا يرضى عن شيء وفي كل الأوقات. إن الشعور بالضجر يتحول أحياناً إلى مع النفس ويدفع الإنسان إلى أن يمقت نفسه. عدواً لها مما يجعله يفكر دوماً بوضع حد لحياته وبالتالي النجاة مما يعاني منه.
آثار الملل والضجر
هذا من يعيش المصاب بالملل العزلة دوماً ولا يستطيع انتزاع نفسه. الوضع بل لا يأنس مع الآخرين ولا يمكن لأي شيء أن يعيده إلى وضعه الطبيعي، كما أنه لا يشعر باللذة والسرور في مقابل ما هو جميل ولا تؤنسه لطائف الحياة ولا تبدر منه أي بادرة وكأنه لا شيء لديه ليعطيه.
إن الإنسان الملول لا شيء فيه يتظاهر به ولا يطمع في استفادة، لا فيه نزعة التمحيص والبحث ولا الرغبة في شيء، لا هو ممن يحمل رأياً مستقلاً ولا يجد في نفسه أي تمسك بطريق السعادة الوحيد في تصرفاته ... ، مكتئب، مريض بالأعصاب، يعاني من ضعف نفسي هارب من نفسه، ويريد الفرار من الآخرين، مضطرب الحال كما أن خياله غير مستقر، لا اعتماد على قوله وعمله يرى نفسه وحيداً بين الآخرين، وهمه متزايد في كل لحظة وآن روحه مريضة ويشعر بألم داخلي.
أضرار الملل
يعد الملل بمثابة المبرد للروح حيث يبرد الإنسان من الداخل ويقضي عليه بالتدريج .. إن الملل يسلب من الإنسان الجد والاجتهاد ويأخذ منه الدليل على العيش؛ فحينما يعاني الإنسان من فراغ روحي ويشعر بانعدام الحافز للحياة فإنه يكون على شفير الموت .
يجعل الشعور بالملل الإنسان مهموماً غاضباً حاملاً، وإن لم يتخلص من هذه الحالات قادته إلى الأسوأ الذي قد يكون الجنون علماً أن الأمراض والعوارض الناجمة عن هذه الحالات كثيرة ومنها فقدان الذاكرة والقدرة على الحركة .
وربما قاده الوضع إلى استخدام المخدرات والتلوث بالمفاسد أملاً بالتنعم بنوع من الهدوء والسكينة، فقد يلجأ إلى ارتكاب الجريمة والفحشاء والإدمان والإنتحار .. مثل هؤلاء الأشخاص قلما تجد لهم أصدقاء وقلما يظهرون شيئاً من الحنان والحب للآخرين بل ولا يبادرون حتى لتكوين علاقات صداقة .
يتمتع الأطفال عادة بروح غنية وجياشة؛ فقدرة الإحساس وقوة التخيل تساعدهم على الإستئناس بحياتهم وتبديد صور الملل منهم، ومع أن عدد الأطفال الذين يصابون بهذه الحالة قليل لكن ذلك لا يعني عدم إصابة الطفل بمثلها، فالذين يعانون من اضطرابات وكذلك الأذكياء والموهوبون بالإضافة إلى من هم على مشارف مرحلة الحداثة والفتوة يصابون بهذه الحالة ولكن بنسب متباينة .
الشعور بالملل.. في أي سن يكون؟
تقيد التجارب أن الشعور بالملل الشديد يكون في الأطفال الذين يمتلكون جداً أعلى من الحد الطبيعي من الفهم والإحساس ويتعرضون سريعاً للخطر، أو الأطفال الذين تولدت لديهم حساسية خاصة بفعل إصابتهم بنوع من الأمراض فهؤلاء الأطفال يقطعون عادة علاقتهم مع عالم الحسن طبيعي أو وساوس وأوهام. والتصورات وربما جاءت الحالة نتيجة تعرض الطفل لصدمة ما أو ضغط غير طبيعي أو وساوس وأوهام .
على أن الشعور بالفراغ الروحي بالنسبة للبالغين اليافعين يكون بنسبة أكبر وهؤلاء حينما يشعرون بخواء في حياتهم ويسيطر عليهم الغم والهم ولا يرون منفذا لما هم فيه يصابون بحالة الملل والضجر .
اضافةتعليق
التعليقات