أقامت جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية ورشة أسرية ثقافية الكترونية بعنوان (وأجعلني مباركًا) لزرع وتثبيت القضية الحسينية في شخصية الطفل للوصول إلى نتائج عالية في التربية واستغلال هذهِ الأيام المليئة بالعِبر، وذلك في يوم 27 يوليو 2024 الموافق 20 من شهر محرم 1446 هـ، وقدمت المحاضرة الأستاذة فاطمة مرتضى معاش.
وفي البداية قدمت تعريف الورشة الصيدلانية آيـة عيسى فعَرَفت عن أهمية إكتمال الفرد وغذاء العقل والروح في هذا الزمن ومن أينَ يكون المصدر الأساسي، كما قدمت السيرة الذاتية عن معاش والدراسات التي وصلت إليها وكان منجز هام حافل بالإنجازات العالية.
إستهلت الورشة الأستاذة فاطمة بدعاء الفرج وبعد الترحيب بدأت بقصة للطفل سباستيان التي تُبين كيفية إستغلال الفرصة عبر وضع الأولويات والتخطيط والبرمجة الصحيحة؛ والعبرة الخاصة من ربط القصة مع محور الحديث هو إستغلال موسم شهري محرم وصفر، وهذهِ الأيام المباركة فهي فرصة لتنظيم خطة تكتيكية واستثمارها لتربية الطفل.
ثم أضافت أن الامام الحسين (عليه السلام) ضحى بكل ما لديه فقط لكي: (وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلَالَة)[1]، وأیضا لدينا في حديث آخر: (إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ) عليه السلام)..مِصْبَاحُ هُدًى وَسَفِينَةُ نَجَاةٍ)[2]، فنحن الآن على هذه المائدة العظيمة والخير العظيم من الهداية، وهي ورقة رابحة في أيدينا فلم لانستفيد من هذه الهداية والفرصة الذهبية لتربية أولادنا؟!
ثم أضافت معاش نحن نهتم بالغذاء الجسدي من مأكلٍ ومشربٍ وملبس ولكننا لا نهتم بما يدخل عقول أبنائنا من عقائد وأخلاق، في حال أنه علينا في التربية أن نعطي الأولوية للتربية العقائدية لأطفالنا، بالأخص ونحن في زمن تطور التكنولوجيا والعولمة.
ثم بينت أنه لدينا طرق كثيرة في التربية الإسلامية، وفي الورشة أخذت طريقة معينة وتكلمت عنها وهي طريقة النمذجة، وذكرت أنها طريقة معترف بها من قِبَل علماء النفس يطلق عليها (التعلّم بالمراقبة/observational learning)، ويستخدمها الاعلام اليوم ولها جذور تعود إلى الفطرة الإنسانية. الأطفال منذ الصغر يتعلمون ممن حولهم ويقلدونهم، ويبقى هذا التقليد موجود لدى الانسان الى الكبر. إنّ عدم تغذية الطفل من ناحية القدوة يجعله يقتدي بالمشهورين الذين لا يعرفون شيء من الدين والعقيدة وعندما يجتمع الحب والإقتداء يكون التأثير بالغاً، لهذا لابد من جعل قدوة حسنة للطفل، فتأثير الإقتداء والحب إن اجتمعا يكون تأثيراً بالغاً على شخصية الفرد، وتسمى هذه الطريقة أو الأسلوب في دين الإسلام ب (الاقتداء) أو (التأسي)، وهناك أدلة كثيرة توجد في القرآن الكريم والأحاديث دلالة على هذه الطريقة فمثلاً يقول القرآن الكريم: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرا)[3]، وكذلك يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ قَائِمَ أَهْلِ بَيْتِي وهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ يَأْتَمُّ بِهِ وَبِأَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ قَبْلِهِ وَيَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عَدُوِّهِمْ أُولَئِكَ رُفَقَائِي وأَكْرَمُ أُمَّتِي عَلَيَّ.)[4] إذاً طبقاً للقرآن الكريم والأحاديث الشريفة لدينا أمراً صريحاً بالاقتداء بالنبي وأهل بيته (عليهم السلام)، فإذاً يجب علينا في تربية أولادنا العقائدية أن نعلمهم الاقتداء بالنبي وأهل بيته (عليهم السلام).
ثم أضافت أنه في التربية العقائدية تكون طريقة (الإقتداء) بالنبي وأهل بيته (عليهم السلام) على ثلاث مراحل:
1- صناعة القدوة: ففي هذه المرحلة يجب علينا تعريف أهل بيت الأطهار وتعليمهم أفكارهم الطيبة وسلوكهم الصالح للأطفال، وللوصول إلى ذلك أضافت خطوات عملية مهمة، منها المشاركة في المجالس وزيارة أبي عبدالله (عليه السلام) مع الأطفال، وأخذ مجالس صغيرة في البيت، وقراءة قصص من واقعة الطف وحياة أصحاب الحسين (عليه السلام) لصناعة نمذجة عملية لتقوم بها الأم لطفلها؛ إضافة إلى أنّ الطفل يتأثر كثيرا في القصص.
2- إعطاء القدوة: في هذه المرحلة على الوالدين أن يكونوا هم قدوة حسينية صالحة، إعطاء الحب بصورة صحيحة وكاملة سيتبعه نمذجة صالحة، لكي يتعلم الأطفال منهم السلوك الحسيني، ويجب أن لا يعارض قولهم فعلهم وإذا حدث ذلك فربما سيكره الطفل هذه الأجواء، وتكون النتيجة معكوسة لاسمح الله.
3_ إزالة القدوة السيئة: لا يكفي فقط صناعة القدوة الإيجابية من أهل البيت (عليهم السلام)، بل يجب في المقابل هدم وإزالة القدوة السيئة التي هي منافية لقول وسلوك أهل البيت (عليهم السلام) كما لدينا في الحديث الشريف: (إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَبَلَ قُلُوبَ الْعِبَادِ عَلَى حُبِّنَا وَخَذَلَ مَنْ يُبْغِضُنَا، وَلَنْ يَجْتَمِعَ حُبُّنَا وَحُبُّ عَدُوِّنَا فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ- ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ يُحِبُّ بِهَذَا قَوْماً وَيُحِبُّ بِالْآخَرِ أَعْدَاءَهُم)[5]، ولكن في التربية العصرية النمذجة للأطفال والشباب أخذت لونا آخرا وذلك بجعل النماذج والقدوات اما شخصيات غير حقيقية وزائفة سلبية وأما بمشاهير سلبيين على طريق وصفات سلبية، وهذا لا يجتمع مع الاقتداء بأهل البيت (عليهم السلام)، ثم وضحت سوء الثقافات الدخيلة التي غيرت ودمرت الكثير من الأطفال وهذا يعود إلى مسؤولية الآباء وإلا لما وصل المجتمع لهذا الإنحدار.
وفصلت تلك المراحل بشكل مفصل وشرحت أمثلة كثيرة على كل مرحلة لتوضيح الفكرة.
وفي النهاية أكدت على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الأمهات، ولا يكفي أن نكون وحدنا حسينيين، بل يجب علينا أن نخطط لتربية أولادنا على هذا النهج لكي يصبح لنا جيل حسيني كما تنص على ذلك الآية الكريمة: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْليكُمْ ناراً)[6]، وذكرت أن الكثير من أصحاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أتوا الى كربلاء مع أبنائهم وذكرت أسمائهم وقالت أن ذلك يؤكد دور الأم لجعل أولادها حسينيين لأن تلك النسوة كانوا نساء عاديات ولكن قرروا أن يربوا أولادهم على الطريق الذي يرضي الله ورسوله.
ولإقبال الكثير من النساء المشتركات في التسجيل للورشة فقد أُعيدت الورشة مرة ثانية وتم إعطاء المحاضرة في اليوم الثاني؛ وهذه بعض الآراء التي ورددت في الاستبيان الذي أجرته الجمعية بعد الورشة:
س. ما أكثر معلومة استفدتِ منها؟
التقليد فطرة انسانية فلابد من اعطاء القدوة الصالحة للطفل حتى لا يبحث عنها في اشخاص غير صالحين، كيف نعلم الاطفال حب المجالس ولا نصرخ عليهم، اعطاء قدوة حسنة للطفل،
وأن يكون الولدين قدوة صالحة حسينية وازالة القدوة السيئة.
س. كيف كانت الورشة؟
جميلة، رائعة بمعنى الكلمة، ممتازة ربي يوفقكم لكل خير، مفيدة جدا، ورائعة جداً ونافعة تجعل الانسان يفكر في تربية نفسه أولاً لكي ينشأ تربية صالحة وحسينية.
س. ماذا أضاف لكِ حضوركِ في هذه الورشة؟
تعزيزي لكيف أربي أطفالي بالمستقبل، كيفية تربية الطفل بطريقة حسينية، أضافت لي معلومات قيمة حتى أفكر جيداً بتغيير نفسي والتعلم لأكون أماً ناجحة في المستقبل ان شاء الله.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية تسعى لدعم وتمكين المرأة والأم ثقافيا، وبناءها من خلال إقامة الدورات والندوات والنوادي الثقافية على مختلف الأصعدة.
اضافةتعليق
التعليقات