إنَّ درب الحق والصواب طريق قد استصعبه أكثر الناس فلا يعرف قدرهُ إلا القليل منهم، ولهذا عندما أدخل في هذا الطريق قد أجد نفسي وحيداً فريداً بلا صديق.
ولقد أكد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في آيات كثيرة. فعندما يأتي موضوع الشكر الذي له دور رئيس في تأريخ الأمم ومصير الإنسان، يقول القرآن:"إِنّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَ لكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُون" [البقرة:٢٤٣]، وأما بالنسبة إلى الإيمان فيقول سبحانه: "وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنين"، [يوسف: ١٠٣] ويقول: "وَ لَقَدْ صَرّفْنا لِلنّاسِ في هذَا الْقُرْانِ مِنْ كُلِ مَثَلٍ فَأَبى أكثر النّاسِ إِلاّ كُفُورا" [الإسراء: ٨٩]، إلى غيرها من عشرات الآيات التي تحكي عن هذه الحقيقة وهي أن أكثر الناس للحق كارهون.
فلا يكن دأبنا وهمنا اتباع الناس في كل صغيرة وكبيرة وتقليدهم في كل شيء، ففي ذلك خروج عن درب الحق.
《وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُوكَ عَنْ سَبيلِ الله》 [الأنعام: ١١٦].
ولا بد من توطين النفس على تحمّل ضريبة القلّة وتعويدها على الوحدة من أجل أن لا تزلّ أقدامنا في سبيل الله كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله" ] نهج البلاغة: خ٢٠١].
ولهذا، لو أننا عملنا على تحصين أنفسنا بقوة المنطق لا بمنطق القوة، فإن ذلك سيمنحنا ثقة بالنفس فلا نشعر بعدها بالوحشة أو الغربة حتى لو كنا قلة وكان الآخرون هم الأكثر عدداً، إن منطقية أفكارنا ومعتقداتنا وقوة الحجة التي نمتلكها والثقة بالنفس التي نكتسبها من علاقتنا بالله سبحانه وتعالى هي سر قوتنا وبقائنا، ولهذا لا ينبغي أن نعيش عقدة الانبهار بالآخر أو الانسحاق أمام ما يمتلكه من قوة في الماديات والتطور العلمي، إن من يعيش حالة انسحاق أمام الآخر هو إنسان ضعيف لا يمتلك ميزاناً صحيحاً يزن به الأمور، ويذكرني هؤلاء بأولئك الجمع الذين عانى منهم أمير المؤمنين علي "عليه السلام": ممن قاسوا الحق بالرجال ولم يقيسوا الرجال بالحق.
اضافةتعليق
التعليقات