تعتبر تنشئة الأطفال من مسؤولية الوالدين لذا يسعى الكثير من الآباء إلى توفير حياة مثالية لأطفالهم قدر استطاعتهم؛ لكن لا ترغب أي أسرة سوية في تربية طفل مدلل، بل على العكس، يحلم الجميع بتنشئة أبناء يتحملون تقلبات الزمن، قادرين على مواجهة الأيام بما تحمله من خير أو شر.
لكن الأماني لا تتحقق دائما، فبعض الأخطاء التربوية التي يصنعها الآباء أنفسهم تنشئ أطفالا أنانيين، وهو ما فسره علماء النفس بما يسمى "متلازمة الطفل المدلل".
يقول المعالج النفسي، فريدرك نيومان، إن السمة المميزة للطفل المدلل، هي كونه غير ملتزم أبدا بما تحدده الأسرة من مواعيد الطعام، واللقاءات العائلية، والرغبة الدائمة في التميز عن الآخرين، ويبدو سعيدا دوما لمخالفة الكبار، هكذا ببساطة يمكننا أن نربي طفلا مدللا؛ لنكتشف بعد فوات الأوان أننا نعيش مع شخص بالغ مدلل.
وقد حدد علماء النفس 9 علامات كمقياس لمتلازمة الطفل المدلل، إذا وجدتها في طفلك، فعليك إعادة التفكير في طريقة التربية التي تتبعها معه.
1- مهذب مع الآخرين فقط
يتعامل الطفل مع الآخرين بأسلوب مهذب دوما، يشكر الجميع ويمتن لما يقدمونه له؛ لكن مع أسرته تختلف الأمور تماما، ربما يحدث ذلك أحيانا بدون قصد، أو قد يشعر باستحقاقه الدائم لعطايا ومنح والديه، ومن ثم لا يرى دافعا لتقديم الشكر. وهو ما يحذر منه علماء النفس، فهذه هي أقصر الطرق لتنشئة شاب لا يشعر بالامتنان لمن حوله.
2- يتهرب من المهام المنزلية
منذ سن الثالثة، ينبغي على الوالدين تدريب أطفالهم على القيام ببعض المهام البسيطة الملائمة لسنهم، وفي سن العاشرة يبدؤون بالمساعدة في الطبخ والغسيل والمهام الأكبر بما يناسب سنهم، إذا فشلت جميع محاولات تعويد الطفل على القيام بهذه المهام، فاعلم أن طفلك وصل إلى حد غير مقبول من التدليل والتنشئة غير السوية.
3- لا يتوافق مع أقرانه
عند التعامل مع الأطفال الآخرين، لا يدرك الطفل أن عليه مراعاة احتياجاتهم والإنصات لرغباتهم؛ لذا فعدم التعاطف الدائم مع أقرانه، يجعل الأصدقاء يميلون لرفض طفلك ضمن المجموعة.
فإذا رأيت طفلك معزولا عن أقرانه، ودائم إلقاء اللوم عليهم، عليك أن تبحث جيدا عن أسباب ذلك، فربما كان المبالغة في تدليله قد أفسدت طباعه، حتى انفض الأصدقاء عنه.
4- نوبات غضب غير مبررة
هنا يجب التفرقة بين نوبة غضب لطفل صغير، وسلوك سيئ لطفل مدلل، فإذا وصل طفلك لسن المدرسة وما زال يتعامل مع رفض طلباته بنوبة من البكاء والصراخ والاستلقاء على الأرض، ورفض إشاراتك المتكررة بأن ذلك أسلوب خاطئ، وإذا شعر بانتصاره عند إرهاقك وتعبك من المناقشة، فوافقت على طلبه، فهذا لا يعني أنك أمام طفل صغير يريد شيئا ما؛ لكنك تواجه طفلا مدللا سيحطم كل شيء ليحصل على ما يريد.
5- لا يحب المنافسة
الطفل المدلل ليس لديه استعداد للخسارة؛ لذا فهو يفضل عدم التنافس من الأصل، وقد يقع الآباء في فخ بعض طرق التربية الإيجابية، التي تربي الطفل على حتمية الفوز الدائم في المدرسة، والنادي، وفي الأنشطة والمهارات؛ لكن الحقيقة أن الخسارة واردة في كل مجالات الحياة، لا أحد يكسب دائما، ويجب تربية الطفل على تقبل الخسارة، وأن ذلك لا يقلل من جهده وقدراته ولا يعكس فشله.
6- لا يحترم والديه
يتعامل الطفل المدلل مع والديه وكأنهم أقرانه، ولا يتعلق الأمر هنا بحرص الأبوين على تنمية علاقة الصداقة مع الطفل؛ لكن الأمر يتعلق بغياب الدور الأبوي والسلطة الخاصة للأسرة أمام سلطة الطفل، وبالطبع هذا ليس خطأ الطفل؛ لكنه متعلق بطرق التربية التي يتبعها الوالدان.
7- يعاني من تدني تقدير الذات
هل تحاول إقناع طفلك دوما أنك مميز كأب، وتستطيع حل جميع العقبات التي تواجهه؟ تقول عالمة علم النفس، إيمي ماكريدي، إن التصرف بهذه الطريقة لن يجعلك بطلا في عين طفلك؛ لكنك ستحرمه من بناء ثقته بنفسه عبر التعلم من أخطائه، فعندما يواجه العالم بدون دعمك له، سيكتشف أن الأمور لا تسير بذات الطريقة، ومن ثم سيصبح دوما مفتقدا للثقة في نفسه وقدراته.
8- يريدك أن تدور في فلكه
لا يجب أن يدور عالم الأسرة بأكمله حول احتياجات الطفل، من المهم إيلاء الأطفال الاهتمام؛ لكن عليهم أيضا الانتباه أن لأفراد الأسرة أوقاتهم الخاصة.
9 – لا يفهم قيمة المال
المال لا يأتي من العدم، وعلى الطفل تعلم تلك الحقيقة، فرغباته ليست أهم من ميزانية الأسرة، وفي عالم تسعى كل شركات التسويق إلى التأثير على رغبات الطفل واهتماماته، يجب أن يعرف الطفل جيدا قيمة الجهد المبذول وراء المال، وإذا لم يستوعب طفلك تلك الأمور، فأنت أمام طفل مدلل بكل المقاييس.
أسباب متلازمة الطفل المدلل
قد يقوم الأهل بتصرفات عفوية مع أطفالهم بدافع الحب. ولكن تكرار مثل هذه التصرفات يقود الطفل للإصابة بمتلازمة الطفل المدلل. نذكر من هذه التصرفات ما يلي:
1_تعويض مشاعر الحرمان التي عاشها الأهل
فحرمان أحد الوالدين أو كلاهما في طفولتهما من بعض الأمور. يجعلهم أحياناً يبذلون أقصى جهدهم كي لا يشعر أطفالهم بما شعروا هم به، وبالتالي يفرطون في الدلال والعطاء.
2- ظروف صحية معينة للطفل:
أو حتى للأم عند إنجابها للطفل. يجعلها تحاول تعويضه عن النقص أو التعب الذي مر به، فتعطي بلا حدود وتفكير.
3- الموروثات الاجتماعية:
التي قد تدلل الذكر مثلاً على حساب الأنثى، أو الطفل الأصغر سناً على حساب الأكبر أو الأوسط، أو تدليل الطفل الأول- البكر.
4- التأخر في إنجاب الطفل أو كونه طفل وحيد:
ففي حال تأخر الوالدين عن الإنجاب لأسباب طبية يكونان قد عاشا الكثير من المعاناة والتجارب والأمل. وبالتالي عندما يولد الطفل يوفرا له كل ما يرغب. هذا نفسه ينطبق في حالة الطفل الوحيد كون الوالدين ينظران إليه أنه محروم ويفتقد للأشقاء. وبالتالي يوفرا له كل ما يريد لتعويض هذا النقص.
5- الوضع الاقتصادي للأسرة:
فالعائلات الميسورة الحال أو الغنية، ترى أنه لا مانع من منح الطفل كل ما يرغب طالما لديهم القدرة على ذلك.
6- الجهل بالنتائج المستقبلية للدلال:
يعتقد الوالدين أن تقديم كل ما يريده الطفل، يمنحه الثقة بنفسه والاكتفاء. وبالتالي لا يشعر بالغيرة أو الحسد من الآخرين.
ولكن هذا يكون صحيحاً إذا كان المقدم للطفل ضمن حدود معينة. فالإفراط في ذلك يولد ”متلازمة الطفل المدلل” التي يكون فيها الطفل أناني وغيور كما ذكرنا سابقاً.
كيف يمكنك تعديل سلوك الطفل المدلل؟
السلوك المدلل لا علاقة له بالجينات، وإنما التنشئة، وهذا خبر جيد، لذا فالتغلب عليه أمر ممكن. ولكن، يجب البدء في إجراء بعض التغييرات فور اكتشافك سلوك طفلك، فكلما كبر الطفل، أصبح التغيير أكثر صعوبة.
- تعود على قول لا دون الإحساس بتأنيب الضمير، فمنعك بعض الأشياء عن ابنك يكون من أجل تحسين شخصيته. كما أن تكرار قول لا أمام طفلك يعوده أنه مهما بذل من مجهود في الإلحاح، فالنتيجة ستكون الرفض. طالما أنك توفر الاحتياجات الأساسية للطفل، فليس عليك أن تشعر بالندم لرفض طلباته، فلا يمكن تحقيق كل ما يطلبه.
- اسمح لطفلك بالبكاء والانزعاج، ومن الممكن أن تتعاطف معه وتحاول تهدئته، ولكن مع وضع حدود للاستجابة بمطالبه حتى يتمكن من الاعتياد على حدودك.
- ابدأ في تفهيم ابنك أنه أهم مما يمتلك، وحاول البدء معه في تعلم الشكر والامتنان، وذلك بتعديد النعم التي يمتلكها.
- أكثر من استخدام كلمة نحن مع طفلك كي يعتاد عليها ويبتعد عن الأنا، وحاول إشراكه في الحياة اليومية.
- تذكر أن الأطفال يستجيبون بشكل أفضل للتشجيع وليس العقاب، لذا ساعدهم على تقدير الأشياء الصغيرة في الحياة، وأظهر لهم أن هناك الكثير من البهجة والسعادة في الأشياء البسيطة.
وينصح الخبراء بعدم الاستجابة لكل ما يطلبه الطفل، فالحرمان من الرفاهيات في بعض الأحيان تقويم للشخصية، كذلك ينصح بتدريب الطفل على التعبير عن غضبه بطريقة صحيحة بدل من البكاء والصراخ، وأيضا تدريب الطفل على الاعتماد على نفسه ومساعدة الأهل في المنزل، وممارسة الرياضات الجماعية.
اضافةتعليق
التعليقات