تنتشر أسماء الأطفال غير الشائعة في جميع أنحاء العالم، حتى في المجتمعات التقليدية. فلماذا يصمم الآباء بشكل متزايد على جعل أسماء الأطفال "فريدة"؟
أزالت زيارتي الأولى لباكستان أي مفهوم قيّم لديّ حول تفرد اسمي. فرغم أن اسمي (عائشة) يبدو نادرا في كاليفورنيا، فإنني قابلت فتيات يحملن هذا الاسم بكل مشتقاته (عائشة، أو عيشة، أو عايشة)، ربما في كل زاوية من باكستان.
وكنت أقول لوالدي: "كأنك فتحت كتابا لأسماء الأطفال ولم تنظر حتى إلى ما هو أبعد من حرف العين".
وقد أقسمت أنني حين أُنجب أطفالا، فسأختار لهم أسماء بديعة وغاية في التميز. وفعلت ذلك، فسميت ابنتي "سدرة المنتهى"، تيمنا باسم شجرة من أشجار الجنة يُعتقد أنها موجودة في أقصى الجنة عن يمين عرش الله في السماء السابعة - وهي حرفياً النقطة التي لا يمكن لأي شخص تجاوزها.
تتسم عملية اختيار أسماء الأطفال بأنها عادة ما تكون مشحونة عاطفية. ويشعر الآباء بالقلق بشأن التأثير طويل المدى لاسم الطفل، كما يشعرون أنهم بحاجة إلى اختيارها بأفضل شكل ممكن لإعداد الطفل لتحقيق النجاح. ويعود السبب في ذلك إلى أننا نعرف أن الأسماء مهمة، فالأسماء تساهم في تشكيل هويتنا، وقد تحدد أنواع الوظائف التي نسعى للعمل بها، بل ويمكن أن تساعدنا على توقع الإنجازات المهنية.
إن التوجهات المتعلقة بكيفية اختيار الآباء لأسماء أطفالهم هي نتاج ثقافاتنا المتطورة، وتتغير هذه الاتجاهات مع تغير تطلعات الأطفال. وتُظهر الأبحاث أن الانتشار الواسع اليوم لأسماء الأطفال الفريدة والغريبة يعكس الانتقال من الحالة الجمعية إلى المجتمعات القائمة على الحالة الفردية، كما أنه يقدم أدلة سياقية مهمة حول مَن يريد الآباء لأطفالهم أن يكونوا.
وعلى الصعيد العالمي، يبدو أن الآباء يُقدّرون بشكل متزايد الأسماء الفريدة لمساعدة الأطفال على التميز، بدلاً من التماشي مع السائد.
كان المسلمون في الدول العربية وجنوب آسيا يمجدون التدين. وتشمل الأسماء الإسلامية التقليدية شخصيات تاريخية بارزة في الإسلام (مثل النبي محمد، وصحابته).
وفي كثير من الأحيان، كانت الأسماء تؤكد على التقوى الدينية، مثل أي اسم من أسماء الله الحسنى الـ 99 مسبوقا بكلمة "عبد". كما كانت تقاليد التسمية العربية السائدة آنذاك لها قواعد راسخة، إذ كانت الأسماء في الكثير من الأحيان مسبوقة بكلمات مثل "بنت كذا" أو "أم كذا"، أو "أبو" أو "ابن".
واعتمادا على الوتيرة التي تطورت بها المناطق المختلفة، لم تدم كل هذه التقاليد. تقول واتنبرغ إن ضعف الروابط الثقافية وتزايد عدد السكان المتنقلين إلى أماكن أخرى بسبب الثورة الصناعية، جعل خيارات الآباء الشباب أقل ارتباطا بأسماء أفراد الأسرة السابقين والعادات المحلية في العالم الغربي.
وتضيف: "أصبحت الأسماء بشكل متزايد وسيلة للتعبير عن الذات، إذ تحركت الثقافة بأكملها نحو احتفاء أكبر بالحرية الشخصية والفردية".
وأثبتت أبحاث سابقة وجود انخفاض مطرد في الأسماء الشائعة في الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي، وخاصة منذ عام 1983. وأظهرت دراسة حديثة حللت 348 مليون اسم طفل أمريكي على مدار 137 عاما (من 1880 إلى 2017) أن في جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي يطلق عليه جيل "بيبي بومر" (شخص ولد بين عامي 1946 و 1964 وينتمي إلى جيل كان له تأثير كبير على الاقتصاد)، زاد عدد الأسماء الجديدة لكل ألف شخص بمقدار أربعة أضعاف للذكور و2.75 مرة للإناث.
تقول باميلا ريدموند، مؤلفة كتاب "ما وراء جينفر وجيسون" الصادر عام 1988 والذي تطرق إلى جيل "بيبي بومر" باعتباره أول جيل يرفض العديد من الأسماء العرقية والدينية: "كان أفراد ذاك الجيل هم أول آباء أرادوا أن يكونوا متميزين، وأرادوا أن يكون أطفالهم متميزين أيضا".
لماذا تتزايد أسماء الأطفال غير الشائعة؟
ومع زيادة الرغبة في التميز بفضل انتشار الإنترنت في التسعينيات من القرن الماضي، أخذ جيل الألفية خطوة أخرى إلى الأمام. تقول واتينبيرغ: "اعتاد هؤلاء الآباء على نموذج اسم المستخدم - اسمك الفريد الذي تكتبه على وسائل التواصل الاجتماعي. وبذلك أصبحنا نرى الآباء يكتبون الاسم الكامل الذي يفكرون في إطلاقه على أبنائهم في محرك البحث على الإنترنت، ثم يشعرون بنوع من عدم الرضا عندما يعرفون أنه موجود بالفعل ويحمله أشخاص آخرون".
وتضيف: "وجلبت حقبة التسعينيات أيضا شيئا جديدا وقويا بشكل مدهش، وهو إحصائيات أسماء الأطفال، إذ جعل التصنيف السنوي للأسماء الأكثر شهرة الناس يشعرون بالمنافسة. لكن بدلا من الرغبة في أن يحمل الطفل الاسم الأكثر شيوعا، فإن الجميع يريدون تجنب الأسماء الشهيرة ويبحثون عن الأسماء الغريبة".
واليوم، يشير الآباء إلى أسلوبهم وقيمهم من خلال الأسماء، كما تقول ريدموند، وهي أيضا الرئيسة التنفيذية لشركة "نيمبير"، وهي شركة استشارية للأسماء تقدم للآباء إرشادات حول كيفية اختيار اسم جديد.
تقول ريدموند: "نسمع الكثير من الآباء يقولون إنهم يريدون إعطاء أبنائهم أسماء محايدة من حيث النوع للإشارة إلى القيم النسوية، أو تكريم الأسرة بطريقة تتماشى مع الأنماط الحالية".
"مؤشر صالح للفردية"
وحتى اليابان، التي كانت مجتمعا جماعيا تقليديا لعدة قرون، تُظهر تحولًا بعيدا عن الأسماء التقليدية. ووفقا لدراسة أجريت عام 2021 لتحليل 8,000 اسم طفل بين عامي 2004 و2018، فإن معدل الأسماء الفريدة آخذ في الازدياد في اليابان - وهو مؤشر على ارتفاع النزعة الفردية.
وبشكل عام، يتجه الآباء إلى إعادة صياغة مفاهيم التفسير أو النطق أو التهجئة للبحث عن حداثة في الأسماء مع البقاء نسبيا ضمن نطاق اصطلاحات التسمية السائدة. ففي باكستان، على سبيل المثال، لا يزال التدين قائما، وبالتالي تظهر أسماء تحمل معاني العبادات، مثل "أذان"، أو "آيات"، بدلا من أسماء الأنبياء ذات الأهمية التاريخية، وهو ما يشير إلى أن الآباء يفكرون في العثور على أسماء لا تزال دينية، لكنها ليست شائعة.
قد لا يكون البحث عن الأسماء الفريدة دائما هو الطريق إلى النجاح الذي يريده الآباء على أي حال. تقول واتينبيرغ: "لدى الآباء غريزة مفادها أن اختيار اسم مميز سيمنح الطفل ميزة في الحياة. إنه دافع جيد، لكن من الناحية العملية فمن غير الواضح أن الأمور تسير بهذه الطريقة، لأن انتشار الاسم يعني أنه محبوب، والأسماء المميزة للغاية يمكن أن تكون مستقطبة. قد يشير الناس إلى مشاهير ناجحين بأسماء غير معتادة.
في نهاية المطاف، فإن الآباء يختارون أسماء أبنائهم بدافع من الحب، متأثرين في ذلك بكل من الأحلام الشخصية والتحول الثقافي للقيم. تقول ريدموند: "يأتي الآباء إلينا للحصول على المساعدة في العثور على اسم يناسبهم، أكثر من اختيار اسم مختلف عن أي شخص آخر". حسب بي بي سي
دول تمتلك قائمة معتمدة بأسماء مواليد.. 13 اسما للأطفال تم حظرها حول العالم
خاض بعض الآباء والأمهات معارك قانونية مع حكومات دولهم على خلفية اختيارهم أسماء غريبة وغير قابلة للترجمة، والأمر يتعلق بالأسماء المسموح بها أو المحظور إطلاقها على الأطفال قانونيا، وهي تختلف من دولة إلى أخرى، فجميع الآباء يريدون أن يكون أطفالهم متميزين عن غيرهم، وبعضهم بالغوا في الأمر.
وفي تقرير نشرته مجلة "ريدرز دايجست" الأميركية تطرقت الكاتبة ميغان جونز إلى قائمة الأسماء الغريبة التي تم حظرها في بلدان العالم.
المسيح (الولايات المتحدة)
تعتبر الولايات المتحدة متساهلة للغاية عندما يتعلق الأمر بأسماء الأطفال، واللوائح المتعلقة بتسمية الطفل تختلف باختلاف الولايات، لكن بعض الولايات تحظر استخدام الألفاظ البذيئة، وتمنع ولايات أخرى استخدام الأرقام في أسماء الأطفال.
وفي إحدى القضايا المثيرة للجدل عام 2013 حكم أحد القضاة في ولاية تينيسي بعدم السماح لزوجين بإطلاق اسم "المسيح" على طفلهما، مبررا أن هذا الاسم ينبغي أن يكون ملكا للمسيح وحده، ولكن تم نقض القرار، حيث لا توجد قوانين رسمية تحظر الأسماء ذات الارتباط الديني، وأكدت المحكمة على عدم قانونية قرار القاضي.
نوتيلا (فرنسا)
اختار زوجان تسمية طفلتهما نوتيلا تيمنا بالشوكولاتة ذائعة الصيت، لأنهما يأملان أن تحظى طفلتهما بحلاوة شعبية هذه الشوكولاتة.
ولم يلق اختيارهما قبول المشرعين في فرنسا، حيث قال أحد القضاة إن الاسم "يتعارض مع مصلحة الطفل"، لأنه سيؤدي لإثارة سخرية الآخرين، الأمر الذي اضطر الأبوين إلى تغيير اسم طفلتهما إلى "إيلا".
تحتوي ولاية سونورا الواقعة شمال غرب المكسيك على قائمة طويلة بأسماء لا يسمح للآباء بإطلاقها على أطفالهم.
وفي عام 2014 أصدرت الدولة قائمة تضم 61 اسما محظورا بهدف "حماية الأطفال من التعرض للتنمر بسبب أسمائهم".
وتضم سجلات الأطفال حديثي الولادة العديد من الأسماء الغريبة لكن الحكومة تأمل بوضع حد لهذه الأسماء.
وفي حين أن التشريع غير قادر على تغيير الأسماء الحالية للأطفال فإنه قادر مستقبلا على حظر إطلاق أسماء على الأطفال تيمنا باسم ضابط شرطة سايبورغ، وتشمل هذه القائمة أسماء، مثل: فيسبوك، وباتمان، وبانتس.
"تشاو تاو" (رأس ذو رائحة كريهة) (ماليزيا)
عبارة "رأس ذي رائحة كريهة" باللغة الماليزية تبدو أشبه بعبارة استهزاء يستخدمها المتنمرون أكثر من كونها اسما يطلق على الأطفال، ومع ذلك يبدو أن زوجين ماليزيين اعتقدا أنه سيكون اسما جيدا.
ولحسن الحظ، لم توافق الحكومة الماليزية على هذا الاختيار الغريب عام 2006، وبفضل هذا الاسم السخيف أصدرت إدارة التسجيل الوطنية الماليزية قائمة بالأسماء المحظورة، مما شجع عددا كبيرا من المواطنين على التقدم بطلبات لتغيير أسمائهم.
تالولا ترقص رقصة الهولا من هاواي (نيوزيلندا)
في عام 2008 أصبحت فتاة نيوزيلندية (تسع سنوات) محل جدل واسع في المحكمة بعد أن أصدر قاض قرارا يقضي بأن اسمها يعتبر بمثابة إساءة للأطفال.
ووفقا لمحاميها، كانت ترفض إخبار زملائها في المدرسة باسمها الحقيقي خوفا من التعرض للتنمر، وتولت المحكمة الوصاية على الفتاة ومنحتها الإذن بتغيير اسمها.
سيانيد (إنجلترا)
لا تملك إنجلترا خيارات واسعة النطاق باختيار أسماء الأطفال، ولكن عندما حاولت أم بريطانية تسمية ابنتها على اسم هذا السم المعروف قررت المحكمة التدخل.
وبين القاضي -الذي أصدر الحكم- أن المحكمة في إنجلترا تحظر اختيار أحد الوالدين أسماء أطفالهما "في الحالات القصوى فقط".
إيكيا (أستراليا)
المصطلحات العامية في أستراليا تفرض عليها بعض الشروط عندما يتعلق الأمر بالأسماء، فلا تكون الأسماء "فاحشة أو مسيئة"، كما لا يمكن أن "تتعارض مع المصلحة العامة".
وتمنع إحدى القواعد الأستراليين أيضا من تسمية أطفالهم على اسم شركة بيع الأثاث المشهورة، وإضافة إلى ذلك، اتضح أن تسمية طفلك "إيكيا" محظور في السويد أيضا، لذلك حتى في البلد الذي نشأت فيه لا يمكنك تسمية طفلك باسم "إيكيا".
عام 1996 حاول زوجان سويديان تسمية ابنهما بهذا الاسم، وهو لقب أحد الوحوش، وزعما أن الاسم المكون من 43 حرفا طويل ومجموعة أرقام مختلطة وكان من المقرر أن ينطق "ألبين"، وهو اسم إسكندنافي شائع نسبيا.
وفي الواقع، كان من المفترض أن يكون هذا الاسم احتجاجا مباشرا على قوانين التسمية الصارمة إلى حد ما في البلاد.
"@" (الصين)
تبدو تسمية طفل رضيع على اسم أحد رموز لوحة مفاتيح الحاسوب المثال الأكثر غرابة بهذه القائمة لكن هذين الأبوين لديهما بالفعل سبب وجيه، ويطلق الناس في الصين على هذا الرمز "أي-تا" والذي يبدو مشابها لعبارة صينية تعني "أحبه".
"." (نيوزيلندا)
كان هذا الاسم -إن كان بإمكانك تسميته كذلك- لينطق "التوقف التام" لو أن هذين الأبوين في نيوزيلندا نجحا بالوصول للطريق الصحيح، ومع ذلك رفضت الحكومة اعتماد هذا الاسم، وأضافته إلى قائمة أسماء الأطفال المحظورة.
قرد (الدانمارك)
بدلا من امتلاك قائمة أسماء مواليد محظورة تمتلك الدانمارك قائمة بأسماء مواليد معتمدة تضم سبعة آلاف اسم، وإذا كنت تعيش هناك وتريد اختيار اسم غير مدرج في القائمة فإنه يجب الحصول على موافقة حكومية.
ورغم أن اسم "قرد" ليس موجودا في قائمة الأسماء المعتمدة فإن هذا لم يمنع والدين دانماركيين من المحاولة.
هارييت/ دنكان (آيسلندا)
آيسلندا تمتلك قوانين تسمية صارمة، وتحظر الأسماء إذا لم يكن ممكنا تصريفها أو تضمنت حروفا غير موجودة في أبجديتها.
وهذا ما أدركه والدان سميا ابنتهما هارييت، وهو اسم لا يمكن تصريفه بالأيسلندية، وفشل الأبوان مرة أخرى بتسمية ابنهما دنكان كون الأبجدية الأيسلندية لا تملك نظيرا للحرف "سي".
سارة (المغرب)
ما الخطأ في اسم "سارة"؟ في المغرب ينبغي أن تعكس الأسماء "الهوية المغربية"، ويكون الاسم عبريا عندما ينتهي بحرف "هـ" أي "ساره"، ويصبح قانونيا عندما يكتب بالتهجئة العربية "سارة". حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات