في مسير الصبر ، دلائل اعتمدت على فواصل وأسباب ذات قيمة وفكرة محنكة يفهمها من تجلد قلبه على حملها والتقيد بها ..
أمثلة لم تتغاضى عن قول الفضيلة ، ولم تترك لساعي بريد الظلم دليلا وفيصلا ، لينفذ بذيله وفي حجره تلال حق للسائل والمحروم ..
البيت الذي قد شاخص بعلو الكلمة وفي أطراف معناه كلمة توحيد ، ومعاد مؤكد ، وحق صلاة وفروع لابد منها في كل منهاج …
في مسيرة الصوت ، تختلف الحناجر ، ويتعدد أسلوب عطاءه ، لكنه لايختلف في الهدف المنشود .. سواء في كماله، أو غايته ..
الامل رضيع الهمة، والقوة رداء لايتحمله الا من كان أهلا له ، ومن ذوي المؤهلات عمقا وفهما ..
نعم ، إنها لحظة انعطاف في حياة خواص أهل الطلب ، رجالا ونساء .. ولكن الحكاية تطرينا تكريما حافلا بالذكر ولمسة ليست عابرة من حياة هم الاعظم على وجه التاريخ.
في ذكر الأولياء ، تكتمل رواية الاسى ، عند معقل الدمعة الساكبة ، ردهة تختص بزينب الكبرى سلام الله عليها …
شريكة الوحي .. وباب أصحاب الكساء ، وهي الصورة البديلة عنهم في زمن رحلة العذاب التي خاضتها بعد استشهاد اخيها الحسين عليه السلام وقد أحتواها رداء آخر ، من بيت الإمامة وعينه الناظرة ، الامام السجاد عليه السلام ..
ثمة فيوضات اختصرت في شخصها فضائل غيبية عدة ، وأنها قد جارت لياليها بضياء العقيدة ..
وتقلدت سيف الكلمة ، وكانت عضيدة الوحي ، واخت الهجرة لتبليغ رسالة جدها وأبيها ، وشمولية الفكرة وكان درعها حديث جهاد وقول بيت الاحفاد .. ولم تستكن برهة ، لأن فيها قوة في دين وصلابة في يقين ، وهذا ما نبت عليها شريان قلبها وهي ربيبة بيت الوحي .. وقد اصطفاها المتعال وزادها فيصل أن جعل لها سرا يكمن صدور قلوب مؤمنين .
لقد جالت سطور الكتب وذكرها رجالات المصادر .. وأحدقت إليها المساجد ، فكانوا ينظرون إليها ، نظر المغشي عليه من آفاق ونور وعظمة …
في عين التاريخ ، لم يذكر يوما أن في شخص السيدة الكبرى ، تأفف وازدراء من طريق المجاهدة ..
او مضنة عتاب لما آلت إليه مسيرة العذاب والأسر بعد واقعة الطف، بل تعالى صوتها الشجي وبقوة بوجه بني أمية ، وهم بأوج نفوذهم وتهالكهم الدموي على خير البرية من آل بيت الرسول ومواليهم .. وهي في أوج تعبها وحزنها ومسيرة القدر التي فرضت عليها .
ذابت العفة في شخص السيدة زينب فكان لها قميصا خاصا في كل مواقفها ، فهي عفيفة إذا نطقت أو فكرت وكانت بصمتها عقائد وفرائض ..
وبهذه المكانة ، احتوت عزة عند بيت العصمة ، وكل من عرفها وكان بمساس مع بيت الرسالة حتى عند أعدائها بقولهم ،، أن لها سجع ك سجع ابيها عليا، قوية في مبدأ ، نافذة بصيرة وعقيدة ، صلابة في دين طاهرة النفس ، عفيفة الموقف وهذا ما تحتاج إليه نسوة اليوم …
وحديث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصا ولا سمعت لها صوتا، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله تخرج ليلا والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين (ع) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (ع) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن (ع) مرة عن ذلك فقال (ع): أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب.
لابد أن نفهم أن للسيدة الكبرى ، جلباب خاص قد جمع كل صفات الاخلاق ، واعتمر بيت النفوذ والقوة في هيبتها المطلقة ..
و کان لها - فيما تقول بعض الروايات - مجلس علمي حافل، تقصده جماعة من النساء اللواتي يردن التفقه في الدين.
فليس ببعيد على من قلده الله سبحانه وسام الغيب أن لا تحوم حوله مرابض السيوف.. بل تحاول أن تقيم عليه حدود الأخذ بالاعتبار كي لا تنتشل من نفوسهم مراقد هم لها مواكبون .
خصها الله سبحانه ، كمال العقل ، والمقام الذي كان لها وهي المنوبة عن إمام زمانها في نقل الأحاديث وغيرها لإدارة مواقع الأمة وكف المزالق التي كانت تحوم بيت الإمامة للإطاحة به .
عن قول الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه:
كانت زينب (سلام الله عليها) لها نيابة خاصة عن الحسين (عليه السلام) وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برئ زين العابدين (عليه السلام) من مرضه والعقيلة هي التي روى ابن عباس عنه كلام فاطمة في فدك، فقال: حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي.
وكما تنقله الأحداث في مسيرة السيدة زينب عليها السلام ، كان له الطابع الغيبي العقائدي ، الأمر الذي يمنحه فارقة مميزة عن غيره .
فكل خطوة في مسيرتها الزينبية، كانت دعوة استنهاض للفكر ، وتثبيت دعائم الرسالة المحمدية ، ودعوة صريحة ضد الظلم والظالمين ، وقد فرضتها مولاتي زينب ب جهدها الجهيد ، الممتزج باللوعة والألم ..
الشيخ الصدوق رحمة الله عليه فی کتاب «کمال الدين» ینقل رواية عن احمد بن ابراهيم ان حکيمة عمة الامام الحسن العسکري عليهما السلام قالت فی قضية عاشوراء هکذا:
(و الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ فِي الظَّاهِرِ وَ كَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام مِنْ عِلْمٍ يُنْسَبُ إِلَى زَيْنَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام).
لقد كانت تنقل الروايات عن لسان امها الزهراء عليها السلام ، فی علل الشرائع ایضا ذکر :
عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت على قالت: قالت فاطمة عليها السلام في خطبتها: لله فيكم عهد قدمه إليكم.
لم يكن سهلا ابدا وهي في هذه الظروف ، أن تنكب على حرب إعلامية قوية وسط زحام التعتيم السياسي
والترهل الاجتماعي المتفشي آنذاك ،، قدرة تحتاج إلى سلاح ذو حدود مختلفة ،، وسط جموع الأمة المتخاذلة التي كان يعيشها أهل الشام ،
هذا يعني أن السيدة زينب قدرة لامثيل لها من بين نساء عصرها وقد خصها البيت العلوي بكثير من الاهتمام ، وعاصرت جدها رسول الله صلوات الله عليه واله وقد اقتبست من نفسه المعالم الكثيرة ،، وتعلمت من يد الفضائل امها الزهراء سلام الله عليها .. ومن معقل البصيرة والبصر ابيها عليا عليه صلوات الله … ولم يكتفي المسير لديها حتى اكتفت من البيت الحسيني ، اخويها الحسن والحسين .. جملة الأفكار والقيم السامية وجمال الاخلاق .
هو الاكتفاء بعينه ، أن تمخضت كل الصفات وتجسدت في شخص زينب الكبرى .. ف كانت تمثل جدها وصفات امها الزهراء ، وسجع ابيها عليا
ناهيك عن القيم الأخرى التي ورثتها منهم ف كانت التكامل بعينه ..
أن حقول الفكر النسوي حاليا يحتاج إلى سمية فاخرة من قيم أخلاقية عالية ، وسيرة مهذبة بتراث النبوة وبصيرة علوية ، حتى تصل الساحة إجمالا إلى محطة الحلول وسلامة المنطق ، وتبيان الفكر الذي يختصر للمرأة صفحات مجللة ب طابع الهيبة والوقار والحياء وكل مايمت الحقل النسائي سلوكا وتصرفا.
نحتاج إلى قدوة لديها صفة التحمل والصبر الذي يجمع العفة وسلاح القلم من جهة والكتاب والرسالة بيد أخرى ،، ليكون الاستنهاض عبوة ناسفة لكل واجهة تخلف وقلة تدين ..
تحتاج المرأة إلى بيت تجتمع فيه خصلة المثابرة لخدمة المذهب ، والابتعاد عن القوالب التافهة ..
من وسائل الترف والطلب وغيرها من أمور تمنع عنها رزق التربية ،،لايكن أسلوبها فقيرا من المعاني المتعالية والتي لها أساسا مباشرا لذلها ..
فی مقام صبرها و رضاها یکفینا انها عندما حضرت فوق جنازة أخیها فی وقعة کربلا هکذا فعلت:
ثمّ بسطت يديها تحت بدنه المقدّس و رفعته نحو السماء، و قالت: إلهي تقبّل منّا هذا القربان.
نعم هي زينب التي رسمت لنا مقتطفات فكرية شاملة لمسيرة الدين اولا وقوام خالدا يحفظ للمرأة كرامتها .
اضافةتعليق
التعليقات