• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

لو كانوا يسمعون!

هدى محمد الحسيني / الخميس 08 آذار 2018 / حقوق / 2393
شارك الموضوع :

في تلك البلدة العجيبة دوت صرختي الأولى التي لم يسمعها سواي فجميع قريتي فقدوا السمع بحادثة غريبة من نوعها ولم يولد لهم مولود سواي بعد تلك الح

في تلك البلدة العجيبة دوت صرختي الأولى التي لم يسمعها سواي فجميع قريتي فقدوا السمع بحادثة غريبة من نوعها ولم يولد لهم مولود سواي بعد تلك الحادثة، كانوا يعتقدون أن في بطن والدتي ولد ذكر يأتي ويخلصهم من الأمر الغريب الذي حدث لهم فيجوب البلدان في التماس دواء لهم أو تعويذة ما تعيد إليهم نعمة السمع لكن ولدت أنا أنثى بعينين واسعتين بنيتين وشعر اسود وبشرة بيضاء ناعمة وجسم نحيل، مرت الليالي والأيام وأنا من يسمع صوتي لاغير، انطلق في البراري فأصدر أصواتاً كأنها عزف على الكيتار وكنت اصفق لنفسي نهاية الأمر فلا أحد يسمع!.

عملت كخادمة أو كضيف ثقيل حل على قريتي، لم يكن مرحبا بي بتاتاً وكان ذلك باد في وجوههم منذ ولادتي!,

اخرج للعمل منذ الصباح الباكر انثر حبات القمح وحين الحصاد احصد حزني وخيبتي التي بدت تتفاقم يوماً بعد آخر.

لم يكن عملي يستهويني فقد كنت اميل للقراءة ولكن لا مدرسة ولا كتاتيب في قريتي فقد أُلغيت بعد حادثة فقدانهم لسمعهم!.

كانت امي الوحيدة التي عرفت برغبتي فعند عودتي من الحقل عند الغروب كانت تخرج لي ما بجعبتها من كتب ووريقات وتهذي بأسماء الحروف علني أتعلم منها شيئاً..

أذكر مرة كيف عوقبت من قبل والدي حين رآني اثناء فترة العمل وانا ممسكة بكتاب وابرحني ضربا وتساقطت حبات البيدر على وريقات الكتاب ممتزجة بدموعي الساخنة وكأن الدمع يسقيها لتنبت على غير ما ينبت صويحباتها ممن يسقين بالماء!.

لم أترك الكتب ولم اكفّ عن القراءة فقد كان الكتاب رفيقي الوحيد في هذه القرية العجيبة، انهم يثيرون جنوني باستسلامهم وضعفهم حتى انهم لم يعودوا يتكلمون وما فائدة الكلام اذا لم يكن هناك من يصغي؟

ولكن أنا، أنا اصغي، اسمع صوت خرير المياه وتغريد الشحرور ونسمات الهواء عندما تلاعب وريقات شجرة الصفصاف، شيء ما في داخلي يثور، يتمرد على كل قوانين القرية الظالمة.

كل ليلة كنت اقرأ بعض صفحات من الكتب، احاول فك طلاسمها بنفسي فحتى امي نسيت الكلام ولم تعد تنبس بحرف، وعلى الرغم من ذلك كان ماتعلمته منها كافياً لشق طريقي بين الكتب، ولكن لم يدم أمري طويلاً على هذا الحال فعندما حاولوا تزويجي من شيخ القرية العجوز، كنت اول فتاة ترفض أمر أباها في اختيار الزوج المناسب لها فكان القرار بسجني في غرفتي مدة شهر علني اغير قراري.

كان قرار حبسي في الغرفة شيئاً رائعاً بالنسبة لي ومع افتقادي للأصوات الخارجية من هدير المياه والشحارير إلا إني كنت محتاجة للوقت كي افكر كيف انقذ قريتي؟

لو كانوا يسمعون، لكان أمر التفاهم معهم أسهل بكثير؟

ماذا افعل معهم، توجهت لربي وسألته أن يرشدني لطريقة كي يفهمني هؤلاء القوم.

قرأت كثيراً، كانت نهاية اغلب الليالي النوم على احضان الورق، شدتني كلمات الزهراء (عليها السلام) في خطبتها الفدكية وكيف انها امرأة ووقفت بوجه قومها وطالبت بحقها إنها فعلاً شجاعة.

نمت ليلتي تلك وأنا افكر بكلامها الثوري وكيف اجمعت روح الثورة مع شخصيتها الهادئة الناعمة، هل استطيع أن اكون مثلها ياترى؟

قررت أن احفظ كلماتها في تلك الخطبة الجليلة وفعلاً لم استغرق من الوقت الكثير فأتممت حفظها وعند خروجي من غرفتي بعد شهر صرت اصدح بكلماتها امام قومي وكأني واقعة تحت تأثير مخدر لا كلمات... فبدأت من قولها سلام الله عليها: الْحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُّكْرُ على ما أَلْهَمَ، وَالثَّناءُ بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامِ مِنَنٍ والاها، جَمَّ عَنِ الإحْصاءِ عدَدُها، وَنأى عَنِ الْجَزاءِ أَمَدُها، وَتَفاوَتَ عَنِ الإِدْراكِ أَبَدُها، وَنَدَبَهُمْ لاِسْتِزادَتِها بالشُّكْرِ لاِتِّصالِها، وَاسْتَحْمَدَ إلَى الْخَلايِقِ بِإجْزالِها، وَثَنّى بِالنَّدْبِ إلى أمْثالِها...

وكانت المفاجأة ان قومي بدأوا يسمعون ما اقول وكأن تلك الكلمات كانت سحرية أو أنها أزالت اللعنة والوباء الذي حل بهم!.

رأيت وجوههم حائرة في تفسير معاني تلك الكلمات وبالمقابل شاهدتهم يتفاعلون مع كلماتها فقررت أن اكمل ماحفظت: (فَرَأى الأُمَمَ فِرَقاً في أدْيانِها، عُكَّفاً على نيرانِها، عابِدَةً لأَوثانِها، مُنْكِرَةً لله مَعَ عِرْفانِها. فَأَنارَ اللهُ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ظُلَمَها، وكَشَفَ عَنِ القُلُوبِ بُهَمَها، وَجَلّى عَنِ الأَبْصارِ غُمَمَها، وَقَامَ في النّاسِ بِالهِدايَةِ، وأنقَذَهُمْ مِنَ الغَوايَةِ، وَبَصَّرَهُمْ مِنَ العَمايَةِ، وهَداهُمْ إلى الدّينِ القَويمِ، وَدَعاهُمْ إلى الطَّريقِ المُستَقيمِ.

ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إليْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاختِيارٍ، ورَغْبَةٍ وَإيثارٍ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله عَنْ تَعَبِ هذِهِ الدّارِ في راحةٍ، قَدْ حُفَّ بالمَلائِكَةِ الأبْرارِ، وَرِضْوانِ الرَّبَّ الغَفارِ، ومُجاوَرَةِ المَلِكِ الجَبّارِ. صلى الله على أبي نبيَّهِ وأَمينِهِ عَلى الوَحْيِ، وَصَفِيِّهِ وَخِيَرَتِهِ مِنَ الخَلْقِ وَرَضِيِّهِ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ).

وكأن قومي يسمعون ما أقول ويرجعون لحياتهم بعد أن كانوا شبه أحياء فتعلموا أن المرأة ليست جماد وأن لها كلام يزيل الصمم وبأمكانها أن تغير عادات قرية بل بلد كامل إن كانت واعية وقادرة على ايصال صوتها مثل ما فعلت في ذلك اليوم.

تغيرت عادات قومي، لم تعد النساء مستضعفة وتستخدم للخدمة فقط بل اضحت هي محط الأنظار اذ من خلالها يصنع جيل كامل، بعد رفضي لزواجي من الشيخ الطاعن في السن استطعت اكمال تعليمي وكان بحث تخرجي عن: (كيف تستطيع المرأة تغيير مسار حياتها من منظور الزهراء في الخطبة الفدكية).

فاطمة الزهراء
قصة
المرأة
الانسانية
الظلم
الحق
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    ماذا تعرف عن انصباب الجنب؟

    النشر : السبت 24 حزيران 2023
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    أرض البقيع تفوح بعطر الهاشميين

    النشر : الأحد 24 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    ملفات تفتح من جديد.. انتهاكات تعرضت لها المرأة البحرينينة أثناء الانتفاضة

    النشر : الأثنين 30 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    ماذا تعرف عن قبعات التفكير الست؟!

    النشر : الجمعة 08 تموز 2016
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    الثورة العلمية والإمام الصادق

    النشر : الثلاثاء 08 حزيران 2021
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    التفكير الإيجابي والثقة بالنفس في دورة من أنا الربيعية في جمعية المودة

    النشر : السبت 17 شباط 2018
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 647 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 361 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 755 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 19 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 19 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 19 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 19 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة