قال الإمام الحسين (عليه السلام) لرجل اغتاب عنده رجلاً: "يا هذا كف عن الغيبة، فإنها إدام كلاب النار".(١) نجد إن الحديث يرتكز على فعل ونتيجة، الفعل هو الغيبة، من خلال التكلم عن الغير بما لا يُحب أن يُذكر به، أو بما لا يَقدر أن يتكلم به عنه بحضورهِ.
أما النتيجة فهي إن هذا المغتاب سيُخلد في النار بهيئة كلب! أي ينسلخ من إنسانيته، ويخرج من آدميته، وهذه النتيجة بلا شك توجب الخوف والحذر من أن يكون الواحد منا من أهل الغيبة، فكم هو مصير مخزي ومهين؟!
إذ إن هذا التحول مذكور في كتاب الله، بقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(الأعراف: 176).
فإن الذي يتبع هواه في أن يتكلم بما لا يحق له أن يتكلم به، ولا يضبط هوى نفسه وفق الموازين الإلهية، ويكون ممن لم يُصدق بالرُسل والرسالات التي نهته عن الإتيان بمثل هذا الفعل، أي إنه عَلِم وبَلغَهُ النهي ولم ينتهي، فهو بالنتيجة يكون قد اختار هذا المصير.
ففي هذا الحديث مشهد لأثر هذا الفعل الذي قد أصبح في مجتمعاتنا شيء غير مستقبح بل طبيعي، لذا النهي الصادر من الإمام (عليه السلام) وتبين خطورته لفاعله، يوجب بالنفس أن لا تفكر في هذا الحديث فقط بل وتبقيه بالذهن والذاكرة لتتعايش به ووفقه فتنتهي عن مثل هذا الأمر كلما مالت لفعله.
فموعظة الإمام (عليه السلام) تقول لنا:
إن الخيار خيارك في أن تغتاب أو لا، فإن لكل إنسان قصة، وفي كل قصة هناك مشاهد طيبة وأخرى غير ذلك، فأنقل وتحدث عما تراه من تلك المشاهد الحَسنة الطيبة، ففي ذلك تَبلغ الذِكر الحَسن، وتذيق لسانك في الجنان من كل ما هو طيب، لا كما حذر الإمام من إن المغتاب في ذلك العالم طعامه إدام الكلاب، وإما ما تراه ولا يكون حَسنًا فَعُد به لنفسكَ، وحدثها به فلعله فيكَ لترفعه، ولا تُحدث به غيركَ فتهلكها بدلاً من أن تُخلدها في الجنان منعمة.
_____
اضافةتعليق
التعليقات