إنجاب طفل يغير نمط الحياة؛ ففي الأشهر الأولى يصبح نوم الأمهات ترفا، كما أن تنظيم الأوقات لتشمل الأعمال المنزلية والوظيفة ومتطلبات الطفل ليس أمرا سهلا. لكن ما لا تعرفه الكثير من النساء هو أن الطفل يمكنه تغيير حياتها للأفضل؛ ذلك أن حمل الطفل بين الذراعين يعطي مفهوما جديدا للحياة، كما تقول الكاتبة كلاوديا لامي في تقرير نشرته صحيفة "أماندو" الإيطالية.
مولود جديد في: كل شيء يتغير. يتغير الكثير بالتأكيد، إلا أنه للأمهات الجدد، أحد أكثر الاختلافات صرامة هو أيضا أكثرها حميمية، التغير العاطفي. والذي اتضح أنه تغير عصبي بشكل كبير. حيث أخبرني عدة أطباء في الأعصاب أنه حتى قبل أن تلد المرأة، يُعدِّل الحمل من التركيب الأساسي للمخ. بعد قرون من ملاحظة التغيرات السلوكية في الأمهات الجدد، بدأ العلم حديثا فقط في ربط طريقة تصرف المرأة بشكل قاطع مع ما يحدث في القشرة المخية، الدماغ المتوسط، الفص الجداري ومكان آخر.
حيث تصبح المادة الرمادية متركزة أكثر. يزداد النشاط في المناطق التي تتحكم بالتعاطف، التوتر والتفاعل الاجتماعي. على المستوى الأبسط، تلك التغيرات، المدفوعة بفيض من الهرمونات خلال الحمل وفي فترة ما بعد الولادة، تساعد على انجذاب الأم الجديدة لطفلها. بمعنى آخر، تبدأ مشاعر الأمومة ذلك الحب الطاغي، الحماية الشرسة، والقلق المستمر بتفاعلات في المخ.
يقول بيل يونغ كيم، باحث في مخ الأمومة “هذا ما ندعوه بمنظور من سلوكيات الوسواس القهري خلال الشهور الأولى بعد وصول المولود، حيث أبلغت الأمهات فعليا عن مستويات مرتفعة للغاية من أنماط تفكير بشأن أشياء لا يمكن السيطرة عليها. يفكرون باستمرار بشأن الطفل. هل الطفل صحي؟ مريض؟ ممتلئ؟”.
“عند الأمهات الحديثات، هناك تغيرات في العديد من مناطق المخ. تتضمن النمو في مناطق المخ للتنظيم العاطفي، المناطق المتعلقة بالتعاطف، وأيضا ما ندعوه بالحافز الأمومي، وأعتقد أن تلك المنطقة يمكنها أن تكون مرتبطة بشكل كبير بالسلوكيات الوسواسيه القهرية. في الحيوانات خلال فترة ما بعد الولادة، تكون هناك رغبة هائلة للاهتمام بطفلهن هناك العديد من مناطق المخ المتداخلة والتي تساعد على تحريك سلوكيات الأمومة والمزاج. وهي مجموعة الخلايا العصبية لوزية الشكل والمعروفة بلوزة الدماغ، والتي تساعد على معالجة الذاكرة وتحرك التفاعلات العاطفية مثل الخوف، التوتر والعدوانية.
في المخ الطبيعي، ينمو النشاط في لوزة الدماغ في الأسابيع والشهور بعد الولادة. يعتقد الباحثون أن هذا النمو مرتبط بكيفية تصرف الأم الحديثة، لوزة دماغ محسنة تجعلها حساسة للغاية تجاه احتياجات طفلها، بينما كوكتيل من الهرمونات، والذي يجد مستقبلات أكثر في لوزة دماغ أكبر، ويساعد على خلق حلقة من ردود الفعل الإيجابية لتحفيز سلوكيات الأمومة، حيث بمجرد النظر إلى رضيعها، تضيء هذه المراكز في مخ المرأة، وفقاً لما وجده العلماء في مختلف الدراسات. وتؤثر دوائر مخ الأمومة تلك على طريقة الكلام اللطيفة التي تتحدث بها الأم مع طفلها، مدى انتباهها، وحتى العاطفة التي تشعر بها نحو طفلها.
ليس مفاجئا، أن الضرر الواقع على اللوزة الدماغية مرتبط بمستويات اكتئاب أعلى عند الأمهات. تضرر اللوزة الدماغية عند الأطفال يمكنه أن يؤثر في رابط الأم والطفل أيضاً. في دراسة لمجلة العلوم العصبية لعام 2004، صغار القردة ممن كانت لديهم إصابات في اللوزة الدماغية كانوا أقل أرجحية للتعبير عن محنتهم، أو اختيار أمهاتهم بدلا من البالغين الآخرين. فقدرة حديث الولادة على التفرقة بين والدته وأي شخص آخر مرتبطة باللوزة الدماغية.
كما ترتبط النشاطات في اللوزة الدماغية بشعور الأم القوي بشأن طفلها مقابل الأطفال في العموم. أبلغت النساء في دراسة لردود فعل اللوزة الدماغية، 2011، عن الشعور بإيجابية أكثر بشأن الصور التي تظهر أطفالهن المبتسمين مقارنةً بصور لأطفال مبتسمين غير مألوفين، وعكس نشاط مخهم هذا التناقض.
كان رد فعل اللوزة الدماغية الأكبر عند مشاهدة أطفالهن، مرتبطة بتوتر أمومة أقل وأعراض اكتئاب أقل، وفقاً لإيجادات الباحثين. بمعنى آخر، تساعد تغيرات مخ الأم الحديثة على الاهتمام بطفلها كما أنها قد تساعدها على صقل حالتها العاطفية. من الدراسة:
لوحظ في دراستنا رد فعل اللوزة الدماغية عند الأم يكون أكبر عند رؤية وجه رضيعها. على الأرجح يعكس هذا نواحي أكثر إيجابية واجتماعية لمشاعر الأمهات وخبرتهن. الأمهات ممن يختبرن مستويات عالية من التوتر ومزاج متدنٍ، أظهرن رد فعل للوزة الدماغية أقل تجاه رضيعهن وأبلغن عن سلوكيات وتجارب أكثر توترا وسلبية.
ما يحدث في لوزة الأم مرتبط بنسبة الهرمونات المتدفقة إليها. تتركز في تلك المنطقة نسبة عالية من مستقبلات الهرمونات مثل الأوكسيتوسين oxytocin والذي يتزايد خلال فترة الحمل.
“نلاحظ حدوث تغيرات في كل من المستويات الهرمونية والدماغية” هذا ما قاله روث فيلدمان باحثث متخصص في الدماغ. وأضاف: “تتزايد مستويات الأوكسيتوسين، وهي المسؤولة عن الرابطة بين الأم وطفلها في جميع الثدييات، بنسبة كبيرة خلال الحمل وفترة ما بعد الولادة وكلما كانت الأم أكثر شغفا برعاية الأطفال كانت تلك الزيادة أكبر”.
يشبه الباحثون إلى حد كبير أحاسيس الأمهات الجدد بنفس الأحاسيس التي تنتاب الذين يقعون في الحب على الأقل بالنسبة للعقل، فقد وجد الباحثون في دراسة للعام 2013 أنه خلال الأشهر الأولى من الوقوع في الحب تحدث بعض التغيرات المماثلة بين المتحابين، ولنفس الأسباب أيضا تجد الأم تحب بشدة رائحة أطفالها.
ومع ولادة الطفل الأول، تحدث التغيرات الأكبر في الدماغ. ولم يتضح بعد إذا ما كان الدماغ يعود إلى ما كان عليه قبل الولادة أم لا. كما أن التغيرات لا تقتصر فقط على الطفل الأول.
ولا تقتصر التغيرات على المرأة فقط، حيث تظهر في عقول الرجال تغيرات مماثلة إذا ما كانوا شغوفين بأمور الرعاية فدماغ الرجل الأبوية يتم دعمها بشبكة اجتماعية معرفية والتي تتطور فيما بعد في عقل كل من الجنسين، بينما يتطور هرمون السلوكيات في دماغ النساء بشكل تلقائي للاستعداد للأمومة اضافة إلى ما يحدث من تغيرات في المخ هنالك تغيرات أخرى تحدث عند الام كما يلي:
هذا ما يتغير:
1- تنام الأم دائما مفتوحة العينين، حتى وإن أصبح طفلها صبيًّا.
2- يعلّم الابن الأم المعنى الحقيقي لكلمة "خوف"، فتصبح خائفة مما يمكن أن يحدث، ومن عدم اتخاذ الخيارات الصحيحة. ولكنه -في الوقت نفسه- يُعلمها عدم الخوف من أشياء صغيرة كثيرة كانت مرعبة في السابق.
3- المخاوف الرئيسية للأم ستصبح متعلقة بالطفل.
4- ستكتشف الأم نوعا من الحب أكبر بكثير من حبها أشياء أخرى، لدرجة أنها ستستيقظ مبكرا حتى يتوفر لها المزيد من الوقت لقضائه مع الطفل.
5- تعيش الأم طفولة جديدة من خلال ما يمرُ به الطفل؛ مثل الكلمات الأولى، وظهور أولى الأسنان، وعندما يبدأ الطفل الحبو.
6- سيجعل الطفل الأم تتذكر جميع الأشياء التي نسيتها.
7- الهوس بالمال انتهى عمليا؛ فالطفل أصبح أهم شيء في العالم، حيث إن القلق الوحيد للأم هو تربية ذلك الطفل على أحسن وجه.
8- عندما تصبح المرأة أمًّا، فهي تفضل شراء لعبة أطفال جديدة على شراء الأحذية التي تحبها.
9- الاجتماعات لم تعد مهمة. وإذا كان أحد المخاوف الأكثر شيوعا قبل أن تصبح المرأة أمًّا هو خسارة بعض الحريات، فبمجرد إنجاب الطفل ستُدرك أن هذه الحريات لم تكن مهمة أبدا، وأن الاستغناء عنها لا يكلف كثيرا.
10- ستنسى الأم أيضا معنى الصمت، لتعيش باستمرار بين الصراخ والبكاء والضجيج.
11- أخيرا، تظهر قيمة الأشياء الحقيقية، ويصبح الواجب تجاه الطفل بين أحضان أمه أهم من كل الأشياء الأخرى والأشخاص الآخرين الموجودين على هذا الكوكب.
اضافةتعليق
التعليقات