قال رسول اللّه (ص): (من ماتَ ولم يعرفْ إمام زمانه ماتَ ميتتاً جاهلية)*.
إن الامام الغائب ليس خُرافة أو أسطورة كتبها القصاصون ولا محض آمال يضعُها الشيعة للترويح عن أنفسهم جراء ما يُلاقونه من اضطهاد ولا محط لاستهزاء الأغبياء الجاحدين بحق محمد وعترته الطاهرة بل هو حقيقة إسلامية واقعية ومسألة من أهم المسائل الدينية لأنه يمثل امتداد للاسلام والقرآن.
فالامام المهدي(عج) انسان ولد قبل ألف ومائة واثنان وأربعون سنة ومايزال حي يُرزق يعبدُ اللّٰه وينتظر الإذن له بالظهور بعد أن غاب كل هذا الوقت عن الأبصار كشمساً جللها السحاب، وهو أقرب الكائنات إلى اللّٰه تعالى وأكرمهم عنده وهو حجته التي يحتج بها على خلقه وادخره ليوم عظيم، يوم يقوم بأعظم حملة تطهير على الأرض والتي لم تحصل مثلها من قبل إلا في زمن نبي اللّٰه نوح(ع).
وهو نداء البشرية_ على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم _ ومحط آمالهم؛ فالبشر ينتظرون اليوم الذي يسود فيه السلم والسلام بقاع الأرض أجمع وتتحقق الحياة اللائقة بالانسان وشاء اللّٰه أن يكون ذلك على يدي القمر الثاني عشر من أقمار بيت الرسالة (عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين) وخاتمهم. الذين تعجز الكلمات عن نعتهم، فقد ألبسهم اللّٰه حُلة القداسة والنزاهة، والتقوى والورع، وتوجهم بتاج أحسن الفضائل وأجمل مكارم الأخلاق، وما بسطت أرض ولا رفعت سماء إلا لمحبتهم، أو لا يكفي أنهم خُلقوا من نوره تعالى؟.
إلا أن حياتهُ تختلف عن بقية الأئمة (ع) من حيث الخصوصيات المحيطة حيث اقتضت حكمة الخالق أن يكون مستورا وينقطع عن الأمة ويعيش محبيه حياة اليتم والبعد عن آل البيت وهذا شيء فريد لم يحدث مُنذ خُلِقَ ابونا ادم(ع)، والجميع متفق على أن الائمة(ع) ولدوا وعاشوا وماتوا ولو اختلفت ارائهم ومعتقداتهم فيهم، فلا احد ينكر حياة رجل اسمه علي ابن ابي طالب(ع) بعيدا ان كان الخليفة الأول بعد الرسول (ص) أو الرابع، ريثما تجد البعض يعتبر القائم خرافة او يشكك في ولادته وهذا اكثر من مستحيل فالأرض لا تخلو من حجة؛ ولو خلت لساخت.*
وقد بشر به القرآن الكريم وتحدث عنه الرسول محمد (ص) في مواطن ومناسبات عدة ولم ينفك ائمة المسلمين(ع) عن تبشير الأمة بظهوره وملئه الارض قسطا وعدلا بعد أن تملأ ظلما وجورا.
ومن بشائر القرآن الكريم ما رواه الشيخ المجلسي(رضوان اللّٰه عليه) في كتاب بحار الأنوار: عن أبي بصير قال: سألت ابا عبدالله _ الصادق _(ع) عن قوله تعالى في كتابه: (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فقال(ع): والله ما انزل تاويلها بعد. قلت: جعلت فداك ومتى ينزل؟ قال: حتى يقوم القائم ان شاءالله فاذا خرج القائم لم يبقى مشرك... إلى آخر الحديث.*
هذه واحدة من أصل الكثير من الآيات المأولة بالامام المهدي(عج) وقد جمع بعضها العلامة السيد صادق الشيرازي قدس سره في كتاب سماه: "المهدي في القران" و ذكر فيه 106 من الآيات المؤلة بالظهور والتي نقلها عن مصادر أهل السنة فقط!!.
أما الأحاديث المروية عن رسول اللّٰه (ص) حول الامام كثيرة جداً ومنها:
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللّٰه (ص): إن خلفائي وأوصيائي وحجج اللّٰه على الخلق بعدي لاثنا عشر، أولهم أخي واخرهم ولدي. قيل: يا رسول اللّٰه ومن اخوك؟ قال: علي ابن ابي طالب. قيل: ومن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملؤها _أي يملأ الارض_ قسطاً وعدلا كما مئلت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّٰه ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح اللّٰه عيسى بن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب.*
ومع وجود هذا الكم الهائل من البراهين والأدلة فإن أنواع التهجم على هذه العقيدة ومحاولة تزيفها لأمر يثير الاستغراب من الدوافع التي جعلت أولئك المهرجين يكذبون هذه الحقيقة الثابتة لدى المسلمين، فهي بالنسبة للشيعة جزء لا يتجزء من الدين وإن الاعتراف بالامام لواجب شرعي وأما السنة فإن علمائهم قد تطرقوا في كتبهم إلى هذه الحقيقة أكثر من الشيعة حتى!.
وهذه بعض المصادر والمدارك الموثوقة من علماء السنة الذين تطرقوا إلى حقيقة صاحب الامر(عج):
_البخاري في صحيحه.
_يوسف بن يحيى الشافعي "عقد الدرر في أخبار الامام المنتظر".
_الحافظ أبو القاسم الطبراني "المعجم الكبير".
_علي المتقي الحنفي"البرهان في علامات مهدي آخر الزمان"و "كنز العمال".
_المناوي المصري "كنوز الحقائق".
فهل جميع هذه المصادر ليس لها سند ومتن صحيح؟
وهل علماؤهم يكذبون وغير موثوقين؟ إذاً من يتبعون؟
لكن هذا الأمر ليس بجديد فمثلهم كمثل النصارى واليهود التي هرجت ضد نبينا محمد (ص) مع العلم أن الكتب المقدسة عندهم بشرت بظهوره (ص) وذكرت علائمه وعلائم بعثته.
وقد تم ذكر قول رسول اللّٰه (ص) في مقدمة حديثنا والذي يدل على شيئين: أن لكل زمان امام ووجوب معرفة الامام. وهذا دليل على أنه مهما طال الكلام وتضاربت الآراء وأمن قوم وعرض اخرين لن يغير من الحقائق شيئاً فهل إن انكار الملحدين والزنادقة لوجود اللّٰه يعني أن اللّٰه غير موجود؟ وما أجمل قوله تعالى: (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها).*
______________________________________
اضافةتعليق
التعليقات