ولمّا طفح الكيلُ بنا كأُسرٍ راسية الجذور تزعزعت، وجب علينا التبليغ. كنتُ أتساءلُ بكثرة عن سبب السلوك الغريب لبعضِ الفتيات أثناء سكني الجامعي ولأربع سنوات وكيف لهنّ أن يثقن كل تلك الثقة في شخص لا يمُتُهُنّ بقرابةٍ حتى! ما أتذكره جيداً أني كُنت أتدارس أمرهُنّ سراً بيني ونفسي لأترجم أفعالهنّ و مدى سذاجَتهن! مرأى آخر يجذِبني في الحرم الجامعي نفسه حين ألمح العم أبو عيسى - الذي نبتاعُ منه مأكولاتنا – في قسم الهندسة وكيف يقذف في نفوسنا كلماته التي لو مرت عليها الأعوام دهوراً ما غيّرت سعادتنا بها، إنّ ما تركه فيّ ذلك العم تساؤلاً كبيراً عن حجم بساطته مادياً وغناهُ روحياً حتى أصبح مصدر سعادة لنا جميعاً في القسم.
هذهِ الأسباب هي الأهم من بين ما لم أذكره قادتني لأكتب مقالاً كهذا... لعلنا نوّجه جوهر العقدة وحلها في موضوعنا نحو الأُسر وكيف أنّ لها بصمات أجيال اما أن تُحمد عليها أو أن تقود أفرادها إلى الهاوية. أما عن أنواع العنف الأسري فمنها ما هو مادي كـ إيذاء الجسد، القتل و الاعتداءات الجنسية ومنها ما هو معنوي كانتقاص الحرية بالحبس المنزلي والطرد من المنزل أحياناً. إنّ من الاسباب التي أدت بنا الى ظاهرة العنف وشجّعت عليه وبدرجةٍ كبيرة تلاشي الوازع الديني واختفائه بين الأسر، أما الأسباب الأخرى فإني أعللها بالعادة والتعويد في ممارستها كتقديس الذكور من قبل بعض الأسر منذ صغرهم وإعطائهم مصدر الرب الآمر الناهي في الأسرة، وهذا كفيلٌ بتحطيم جيل كامل إن لم يتعداه إلى أكثر بهذه الإمارة الجائرة الممارسة على الاخوات بداية ومن ثم بالتسلط على الزوجات فالأبناء وهكذا...
ولا يقتصر الأمر على الذكور فحسب إنما يتعداه، فتجد من بين النساء من لا يمتلك زوجها حق الشعور برجولته حال حضورها كونها أسمى من أن تمنحه حقه الشرعي في القوامة وذلك لأنها نشأت في أسرة قتلت حق الأب بتسلّط الزوجة، فاقتبست تلك الابنة دور والدتها الذي بدى واضحاً أثره المفرط قبحهُ في اسرة البنت وهكذا يتوالى اقتباس الأدوار ما لم نضع حد لذلك.
علاوةَ على ما ذُكِر فإن نشأة الأبناء وأخصُ منهم الفتيات بالذكر على قدرٍ كبير من العطش والجوع العاطفي الذي زجّ بهنّ في سلك محادثة الحبيب وإشباع تلك الغريزة الفطرية التي لم يلتفت لها من هم أحق بهذا الواجب - الوالدين – لانشغالهم في المعارك المجهولة الاسباب فيا حبذا لو تُمارِس الاسر طقوس احتفاءها بأفرادها وإشباع رغباتهم وفي شتى الجوانب عاطفياً ومادياً وشخصياً، بذلك سيكون المردود احتفاء الأبناء بآبائهم أولاً ومصدراً حسناً لأنشاء جيل أفضل من سابقه ولا ننسى المودة والرحمة التي لا تخلو منها أفقر الأسر الا حينما تأبى ما جعله الله لها (وجعل بينكم مودةً ورحمة) الروم:21.
(Dnaإننا اليوم صار لزاما علينا أن لا ننقل تربية الآباء لأبنائنا عن طريق ال(
ومورثاته كوننا ما تربيّنا جميعاً في أسرٍ قدوة وإن ما من شأنه الإصلاح حقاً هو انقيادنا لديننا الحنيف حيثُ أننا في عمر ما لا يتجاوز الثامنة عشر لابد ان نكون على قدرٍ كافٍ من الثقة بأننا (copyأهل لأن نربي أنفسنا مرةً أخرى هذا ينمي فينا عدم تسليم عقولنا زر الـ (
(Pasteلكل ما عاصرناه مما لا يليق بخُلق المسلم القويم لتتفوه به الألسن يوما عن طريق ال (
للأبناء وما يليهم.
غير إننا يجب أن لا ننسى ونسيء لنسبة ليست بقليلة من الأسر القدوة بل وتفوق نسبة الأسر المتضعضع وضعها اجتماعيا، فنوجه لهم بذلك رسالة حب وامتنان كونهم فئة متعاونة ومحتضنة للأبناء وهي بذلك مساهِمة في انجاح مشروع الخلافة في الارض بإعداد خلفاء صالحين أهلاً لأن يحملوا رسالة الله في أرضه.
الان و بعد دراسة مستفيضة أدركت أن كل أولئك الفتيات الساذجات بوصفي لهنّ، كُنّ ضحايا للعنف الاسري الذي عاصرنَهُ، وأيقنتُ كذلك أن العم أبو عيسى ما كان الا ثمرة يانعة لغراسٍ مُتقَن لأبوين أحسنا كل الإحسان في تنشئتهِ لا زلت أود أن افصح لكم أكثر، لكني أجدني وإياكم في عصرِ يرفض المفاهيم البنّاءة إن كانت طويلة وإنه لا يجد الوقت الكافي لاطلاعه عليها لذلك كنت على حرصٍ بأن أضع تحت أعيُنكم الأهم فالمهم فنُقطة.
اضافةتعليق
التعليقات