في هذه الدنيا عوالم كثيرة لا نعرفها بعد وقد نعيشها ونجهل قيمتها المعنوية والمادية ولا ندرك أهمية إتصالها بعوالم أُخرى فتكون سلسلة تصل من عالم الى اخر، ولمعرفة هذه العوالم ومدى تأثيرها علينا وأي عالم هو العالم الذي نصبو اليه لابد وان تُحلق معنا في هذه العوالم (رحلة عوالم) حيث إنطلقت الرحلة في جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية بقيادة المدربة مروة ناهض في يوم الاحد المصادف 15/ ذي الحجة ولمدة ثلاث أيام بواقع (6) ساعات تدريبية على مدار 3 أيام وذلك بمشاركة عدد من الفتيات الناشئات في مقر الجمعية.
ودارت الرحلة في سماء العوالم التي تحيط بنا والتي نعيشها ولابد للإنسان من معرفة هذه العوالم حتى يعرف أيها ذات تأثير سلبي وأيها يحمل التأثير الإيجابي فكانت المحطة الأولى في عالم الألوان وماهو اللون وخصائصه، وعرضت نماذج من الألوان وتأثيرها ومدى علاقتها بالفرد وأنها أولى محطات التأثير في عالم الانسان، ثم الانتقال الى عالم آخر وهو عالم الحيوان، الحيوانات من الكائنات الحية الأكثر أهمية على وجه الكرة الأرضية والتي لها دوراً كبيراً بعالمنا، ونُحلق في عالم اخر وهو عالم النبات وماله من تأثيرٍ كبيرٍ علينا.
وفي اليوم الثاني كانت المحطة هي: عالم الأشياء، ما هو عالم الأشياء، هو كل ما ينتجه هذا المجتمع من مبانٍ وشوارع وزراعة وصناعة وغير ذلك من المنتجات والخدمات المحسوسة والملموسة، مدى تأثير هذا العالم بنا وكيف إننا صرنا غرقى بهذا العالم حتى صارت المادة وعالم الاشياء هو العالم الذي يأخذ جلّ اوقاتنا وتفكيرنا بل وإهتماماتنا ..
ومحطتنا التالية والتي تعتبر درجة أرقى في سُلم العوالم هو عالم الأشخاص: العلاقات الإنسانية والاتصالات والقوانين التي تُنظم حياة الأشخاص الذين يكوّنون هذا المجتمع فيما بينهم، فعالم الأشخاص مُرتبط بالشخص من حيث اسمُه، نسبه، عرقه، شكله، عشيرته، ماله، هذا العالم أكثر تميزاً ورُقياً من العوالم الماضية يبدأ الإنسان بدخوله بعد أن تبدأ مادة الإحساس بالنمو عنده وبعد أن يدخل عالم الأشياء فمتى ما تعلق الإنسان بإنسانٍ آخر فهو لا يرى منه إلّا حسناته وخيره، ولكن أين تكمن خطورة هذا العالم؟.
عندما نُقدس الأشخاص لدرجة ترفعهم عن البشرية ونضعهم في درجة العبودية، هُنا تحدث المُصيبة الكبرى! لأننا عندما نربط الأفكار بالأشخاص نحرم من الفكرة الجيدة إن جاءت من عدو ونتورط في فكرة سخيفة طالما جاءت من صديق وما لم نسلخ الفكرة عن الشخص فلن نستفيد من الأفكار ولن نعرف قدر الناس، المولى أمير المؤمنين يقول: خُذ الحكمة ولو من مُنافق.
نولد نحن والعوالم الثلاث لا تعني لنا شيئًا ثم نبدأ بالتعرف إلى عالم الأشياء بداية بثدي أُمنا الذي نرضع منه وإصبعنا الذي نضعه في فمنا وأظافرنا التي قد نجرح بها خدنا دون معرفة وقصد وفمنا المفتوح الذي نضع داخله أي شيء.
ثم نبدأ ندخل عالماً آخراً وهو عالم الأفكار، عند اول مشكلة تُصادفنا فنجد أنفسنا نُفكر في حلها وهكذا نتعمق اكثر واكثر وتزداد افكارناً تعقيداً كلما تعمقت معرفتنا ..
وعالم الأفكار يُصنف الأفكار الى أفكار رائدة، وأفكار عملية.
ثم أشارت ناهض الى أهمية الارتقاء بهذا العالم وتفعيله حتى نخرج من عالم الماديات لعالم الافكار. وكانت الرحلة ما قبل الاخيرة هي محور دورتنا والتي كانت في عـالم القيم وفيها: أن تحطيم قيود العوالم الثلاث والإنتقال الى العالم الأسمى، العالم الذي سيقود العوالم الثلاثة ويجعلها وسيلة لا غاية! إن الشعار الذي جاء به صاحب القيَّم العُظمى والإنسان الأكمل أمير المؤمنين هو بكل وضوح: اعرف الحق تعرف أهله ولا يغرنَّك كثرة السالكين ولا كثرة الهالكين فلا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه!.
الغدير يحمل قِيم وأخلاق حميدة: كالصدق والأمانة والتعاون على الخير وحب الآخرين ومساعدة المحتاجين والمودة والاهتمام بالناس وتفقُّد الضعفاء وإرساء العدالة والسعي في قضاء حوائج المؤمنين وما إلى ذلك إنما جاء لـ يُلوَّن حياتنا بشتى ألوان الخير والقيِم ويخرجها من ظُلمات أسود الأشياء ورمادي القيِم وإننا متى ما إرتقينا لنكون في هذا العالم ونتجرد من عالم الماديات والأشخاص لـ عالم القيم لـنكون النموذج الذي أراده منهج الغدير.
وتم التطرق لسيرة الامام علي (عليه السلام) ومن مظاهر شخصية الإمام عليّ (عليه السّلام) في الجانب الإيمانيّ وفي الجانب السلوكيّ والأخلاقيّ وفي الجانب العلميّ حيثُ إنَّ من الثابت أن الإمام عليّاً (عليه السّلام) كان أعلمَ الصحابة، وقد بلغ الكمال العلمي عند الإمام عليّ (عليه السّلام) إلى درجة حتّى قال عنه الرسول صلّى الله عليه وآله: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها» ولم يقل الرسول صلّى الله عليه وآله مثل هذا القول لأحد من الصحابة.
ويؤكد ذلك قولُه عليه السّلام: "علّمني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ألفَ باب من العلم، يُفتَح لي من كلّ بابٍ ألفُ باب".
وتفوّقُ الإمام علي عليه السّلام بعلمه الإلهيّ الذي اختُصّ به دعاءه والذي يقول: "لو كُشِف ليَ الغطاء ما ازددتُ يقيناً".
وتصريحه عليه السّلام بأن العلم الذي يحمله كبير لا يقوى على حمله أحد من الصحابة: "ها إنّ ها هنا لَعِلماً جَمّاً، لو أصبتُ له حَمَلة"! وأشار إلى صدره الطاهر ..
وفي الجانب الإيمانيّ: هذه الصفحة من حياة الإمام عليّ (عليه السّلام) قد مُنح فيها زخماً معنوياً ورسم فيها صورة عالية للأجيال، وسجل فيها الأسبقية على كل البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقوّة الإيمان ميزة ينفرد بها علي (عليه السّلام) وقد تجسدت في صور شتى، ففي العبادة هو المثال، قد جاء في تفسير قوله تعالى: (تَراهُم رُكَّعاً سُجَّداً) على أنها نزلت في عليّ (عليه السّلام). وقال بهذا الصدد يقول (عليه السلام): "صلّيتُ مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قبلَ الناس سبعَ سنين، وأنا أوّلُ مَن صلّى معه".
وفي الجانب السلوكيّ والأخلاقيّ :
لا يقتصر تفوق الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وتميّزه على البشرية في الجوانب التي ذُكرت، وإنّما أمسى (عليه السّلام) بتجسيده لقيم الرسالة ومفاهيمها وأخلاقها النموذجَ والمثال الذي يثير العزيمة والهمم في نفوس الصحابة، مما كان موضع ثناء الحق سبحانه، وفيما يلي نقف على مفردات من سلوكه وأخلاقه التي تميّزه عن غيره:
قال تعالى: (ومِنَ الناسِ مَن يَشْري نفسَه آبتغاءَ مَرضاةِ الله) إنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
وكان مسك الختام أن الحُب إتباع ولا يتحقق مصداقيته إلا بإقتران القول بالعمل.
فمن أهم المفاهيم التي جاءت بها دورة رحلة العوالم في منهج الغدير:
كُن مبادراً:
المبادرة: هي السبق الى إتخاذ القرارات أو الاتصاف بالقدرة على التحكم في الأحكام والسلوك، وعلى اختيار الاستجابات أو الردود المناسبة لمختلف المواقف وهي الفعل بدلاً من رد الفعل .
والمُبادر هو الذي يسعى للتحكم في المواقف والظروف بدلاً من العكس.
وموانع المُبادرة هي: الميل الى الراحة والكسل، عدم وجود هدف محدد، فقدان الثقة بالنفس، الاتكالية، عدم فهم السنن الكونية، إنعدام روح المسؤولية، ثقافة المجتمع، الخوف والإحباط، الرضا بالواقع، عدم إغتنام الفرصة.
وصلنا واياكم إلى ختام رحلتنا، رحلة عوالم والتي كانت بقيادة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية.
اضافةتعليق
التعليقات