• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

ضجيج الأمل

زينب الاسدي / الأحد 13 آب 2017 / منوعات / 2829
شارك الموضوع :

تنحنحت أوراق العنب بأول مغازلة من نسیم الصباح وراحت تترنح لتسمح بتراقص النور المنبعث من أولی شعاعات الشمس، یجتاز احتیالاتها الملیحة. استی

 

تنحنحت أوراق العنب بأول مغازلة من نسیم الصباح وراحت تترنح لتسمح بتراقص النور المنبعث من أولی شعاعات الشمس، یجتاز احتیالاتها الملیحة.

 

استیقظ جمیل مبكراً كعادته ورفع ستائر الغرفة المنسدلة من أعلی السقف وصولاً لأسفل نافذة ال pvc الحدیثة التي غیرها مؤخراً، بدت شفافیة الزجاج فیها مضاعفة، یحیطها إطار أبیض بملمس ناعم كبیض الحمام.

 

راقت لي فكرة تغییر دیكور المنزل التي اقترحها جمیل .

كانت غرفتي متوسطة في اتساعها تشغلها منضدة من الخشب البني، مرصوفة في الجانب الأیمن، یقابلها تماماً السریر الذي تحدوه من الجانبین طبلتان؛ یشغل احداهما مصباح من النوع الفاخر، مقبب من الأعلی ومثبت فوق أسطوانة خزفیة مزینة بنقوش لنباتات وحیوانات فلكلوریة ملتویة بانسیابات غریبة وملونة بألوان فاقعة حیناً وباهتة حیناً آخر؛ أهداني إیاه زوجي في عید الحب المنصرم .

كنت أخالفه في بعض اعتقاداته إلا أنه یمازحني باقتناء هدیة في كل مرة متحججاً بقوله: طبع الكرام قبول الهدایا وقد قال الرسول {ص}: تهادوا تحابوا .

 

أومأت في المرآة المنتصبة أمامي كضابط یؤدي التحیة .

لم أتفاجأ أبداً، فقد نظرت في هذا الوجه طیلة ثلاثین عاماً من السنین المتعاقبة بحلوها ومرها ولا اعتقد أن الآتي سیختلف كثیراً عما مضی .

 

عملت موظفة في دور رعایة المسنین وقد قضیت في مهنتي أكثر من سبعة أعوام، رأیت فیها العجاب .

لم أنس یوماً أم سالم المقعدة التي جاء بها ابنها في یوم خریفي ماطر، وقد خالطت أنفاسه النتنة؛ الرائحة الزكیة المنبعثة من رذاذ المطر في الباحة وهو یقول: سوف أدفع لكم كل ما تطلبون إلا أنني ضقت ذرعاً من تحمل هذه الكتلة المریضة.  

سوف لن أنسی أبداً ابتسامة الحاجة أم جاسم ووجنتها اللامعة بإشراقتها المفعمة بالحب والحنان في كل یوم وأنا ألقي علیها تحیة الصباح.

فقدت الأخری ابنتیها في حادث سیر ولم یبق لها أحد في مواجهة أنیاب الدنیا ومخالبها.

 

في لحظة صمت صعقت بخاطر اقتحمني وهامَ بي في تیه سحیق؟!

لماذا نتعب في هذه الحیاة الملونة القاسیة الممتلئة بأحراش الشوك؟!

هل یا تری أولینا الأمور اهتماماً بالغاً أم قصرنا في أدائها ورحنا نتأرجح بین الإفراط والتفریط من غیر درایة؟!

أترانا اهتممنا بالمهم فضیعنا الأهم؟!

بالنسبة لي وأنا أم لماذا علي أن أفنی لیربی ولداي إن كان الدهر سیأخذهما مني في لحظة قدر مشؤوم؟!

ما أدراني ألم يحدث هذا مع أم جاسم؟

 

ألم یرم الزمان بأم سالم في حجر المأوی الحزینة بعد أن قضت كل عمرها في رعایة ولد لم یستحق سهرة لیلة واحدة من لیالیها اللیلاء؛ في جوف صحاري البرد وقیظ الحر؟!

 

انتشلني من بحر أفكاري المتلاطمة صوت جلبة العمال في الطابق الأرضي، وقد راحوا یتباحثون حول جودة الأصباغ الحدیثة وصنوفها اللامتناهیة .

 

بدت خطوات جمیل تقترب أكثر فأكثر، وهو یصعد الأدراج متوجهاً ناحیة الغرفة، فتح الباب وهو یرمي بابتسامة ملأت شدقیه واستفاضت في وجهه، قال بحماس:

ها أنت حبیبتي لقد استیقظت أخیراً. ما رأیك باللون الأبیض لغرفة الجلوس؛ ألیس جمیلاً؟

 

بالطبع إنه رائع، یمكن أن نضیف علیه بعض اللمسات في الزوایا والأعمدة، وتزیینه ببعض الأحجار والاقتراحات الحدیثة لمتخصصي الدیكورات، لم لا نستشیر أحد الاختصاصیین في هذا المجال؟

 

أجاب بإیماءة مغریة: إنها فكرة لا بأس بها .

 

رأیت في عینیه دافعاً وعنفواناً ووهجاً أضاء كل دهالیزي المظلمة .

الحیاة هي هي، بتموجاتها العرجاء حیناً وسكونها الصافي حیناً آخر، ولا سبیل سوی التخبط فیها والتزود من طیفها المتلون بذكاء وحنكة .

 

قد تبدو بعض التفاصیل تافهة كنمو أوراق جدیدة في السندانة، أو ملاحظة فراشة أضاعت الطریق فدخلت المنزل لتحط علی اللوحة الفنیة التي تربعت في منتصف الجدار لتكسر غطرسته وجموده؛ إلا أنها كالنَفَس الذي یذهب ویجئ علی عجالة دون تریث لیبعث الحیاة حاثاً القلب علی الصخب والإنتفاضة .

 

یسیر القطار وتستمر المسیرة شئنا أم أبینا، یزهر الیاسمین وتصطخب الرمال وتموج البحار وتفوح الورود بعطرها ویصرخ الأطفال ویلعبون ویرسمون ویقفزون كالغزلان  لیدوسوابأقدامهم أساطیر الفناء والموت... ولا بد للغیث أن یهطل وإن طال الأمد.

 

الحياة
الانسان
الأمل
الحزن
قصة
الانسانية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    رجب طبيبك فاستمع لطبيبك

    النشر : الأربعاء 01 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    دور الآباء في مراحل اكتشاف الخوف عند الأطفال

    النشر : السبت 25 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    مع بشرى حياة تخطي أزمة سن الأربعين بسهولة

    النشر : السبت 20 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    أم البنين الشجرة المثمرة

    النشر : الخميس 05 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    العقيلة زينب بين الترميم والنقل: سيدة الجرح والصبر

    النشر : الأثنين 28 تموز 2025
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    ازمة سكن العشوائيات بين الحاجة والبديل

    النشر : السبت 28 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 657 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 442 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 756 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 22 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 22 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 22 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 22 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة